قال نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، أن دول الخليج لا تريد سوى الأمن والاستقرار لقطر، مشدداً على أن القول بغير ذلك كذب وتزييف للحقائق، موضحاً أن دول الخليج تواجه في الأزمة الحالية أدوات إعلامية هدامة، أسهمت في نشر معلومات مغلوطة وإثارة الفتن، وأدت إلى تصاعد وتيرة العنف غير المبرر في الوطن العربي، بشكل صار يمثل عبئاً كبيراً على أجهزة الأمن، إذ صارت مواجهة هذه الشائعات والأكاذيب تحدياً غاية في الصعوبة. ضاحي خلفان: «في مقاييس من سبع أو ثماني درجات.. قطر وصلت إلى الدرجة السادسة في مستوى شدة الصراع مع جيرانها». وأضاف، خلال كلمته الافتتاحية للملتقى العلمي «القيادات والإعلام أثناء الأزمات»، الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن السعودية تقود مهمة عظيمة، إذ تسعى إلى ألفة ووحدة الصف العربي، ومداواة الجروح، لكن هناك من يعمل العكس، ويصر على اعتراض هذه المحاولة، مؤكداً أن الإمارات تقف مع السعودية موقف الأخ من أخيه وتؤمن برسالتها، وتواجه من يعترض هذه السبيل بصدق وشفافية، وعبر محاولات جادة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، من خلال إعلام نزيه. وأكد أن دول الخليج لا تريد سوى الأمن والاستقرار لقطر، والقول بغير ذلك كذب، على غرار ما تروجه وسائل الإعلام الكاذبة، التي تقلب الحقائق وتشوهها، مثل تحويل المقاطعة إلى حصار. وأشار إلى أن الإعلام عنصر رئيس، قادر على تشكيل وتغيير مجرى الأحداث خلال الأزمات، إذ يمكن استخدامه كأداة للبناء، كما يمكن استخدامه كأداة للهدم والتدمير، وما نراه في وطننا العربي في الفترة الأخيرة خير دليل على ذلك، حتى أصبح تصحيح المعلومات المغلوطة والشائعات أمراً في غاية الصعوبة، وعبئاً إضافياً على المؤسسات الإعلامية الحيادية والصادقة، التي أضيفت إليها مهام جديد بجانب مهامها الأساسية، التي تتمثل في نشر التوعية والثقافة، ونقل المعلومات الصادقة والكاملة للجمهور وتعزيز الهوية، موضحاً أن هذه المهام الجديدة تمثلت في تصحيح الأفكار الهدامة، وتوحيد الصف، والرد على الشائعات المغرضة، التي تنشرها المؤسسات الإعلامية المضللة. وسرد نموذجاً لما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، حول اختراق الإمارات لوكالة الأنباء القطرية، لافتاً إلى أن الصحيفة نفسها نشرت أن الإمارات لا علاقة لها بذلك، لكن اعتمدت على عنوان تحريضي، بهدف الإثارة وجذب القراء. وشرح أن هناك مقاييس معروفة لقياس الصراعات، وبحسب أحدها، فإن قطر وصلت إلى الدرجة السادسة من سبع أو ثماني درجات في مستوى شدة الصراع مع جيرانها، لافتاً إلى تردد معلومات حول إنشاء قاعدة إيرانية في قطر، ولم تصدر أي تصريحات رسمية تكذب ذلك أو تنفيه، على الرغم من ضرورة تصدي وسائل الإعلام لهذه المسؤولية في الظروف الحالية، بدلاً من تركها للأشخاص على «تويتر»، وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. وتابع أن الأمن والإعلام يرتبطان، خلال الأزمات، بعلاقة ثنائية وطيدة، على الرغم من اشتراكهما واختلافهما في جوانب ذات صلة، والإعلام أثناء الأزمات يلعب دورين لا ثالث لهما، إما أن يكون إيجابياً، ويسهم في طمأنة الناس والقضاء على الشائعات وتصحيح المعلومات المغلوطة وترسيخ القناعات الإيجابية لدى الجمهور، بالإضافة إلى كونه أداة فاعلة في توجيه الجمهور للحيلولة دون تعقيد أو تصعيد الأزمة الواقعة، وإما أن يكون دوره سلبياً فيعمل على النقيض من ذلك، ليكون أداة هدامة تهدف إلى خلق ترويع متعمد أو مقصود من أجل نشر الفتن وزرع العنف وشق الصف وضرب اللحمة الوطنية أو الاستقرار الأمني، والإخلال بالأمن العام بصورة أو بأخرى. وقال: «بالإضافة إلى العلاقة الثنائية بين الأمن والإعلام هناك علاقة ثنائية أخرى، تربط وسائل الإعلام مع المسؤولين والقيادات ومتخذي القرار، إذ ينقل لهم نبض المجتمع، ويمثل مصدراً رئيساً غنياً وثرياً بالمعلومات، وينقل في الجانب المقابل معلومات تفصيلية من المسؤولين والقيادة إلى الجمهور، بغرض التوعية أو تقديم الدعم أو المساندة أو لإظهار الحقائق حول المشكلة أو الأزمة». وفي ورقة تحت عنوان «ثنائية الأزمات والإعلام»، أوضح خلفان أن هناك خمسة جوانب تميز هذه الثنائية، أولاً: أن الأمن حريص على أن يتعاطى مع الأزمات بكل دقة وحذر وتأنٍ، في حين أن الإعلام يهدف إلى «السبق والاستعجال بالنشر»، ثانياً: أن الإعلام لا يكتفي بالتصريحات الرسمية للجهات الأمنية، لكنه يحاول تصيد الأخبار من مصادر أخرى ذات صلة بالأمن، ثالثاً: الأمن يحاول أن يكون متحفظاً ويلتزم بدرجة كبيرة من السرية قبل نشر المعلومات عكس تعاطي الإعلام، ورابعاً: ينقسم الإعلام إلى قسمين إعلامي إيجابي وآخر سلبي في التعامل مع الأزمة، في حين أن الأمن يبقى جهة بين جهتين متضاربتين في تصدير الخبر، وخامساً: بوجود إعلام التواصل الاجتماعي أصبحت المسألة أكثر تعقيداً، إذ خرج الخبر عن السيطرة إلى حد بعيد، وصارت عملية النشر تخلق إرباكاً للأجهزة الأمنية، إذ يمكن أن يكون الخبر منقوصاً أو كاذباً. وقال خلفان إن الأمن يريد من وسائل الإعلام، خلال الأزمة، أموراً محددة منها عدم نشر أي معلومات إلا من خلال ما تصرح به الجهات الأمنية، وما يدلي به المتحدث الرسمي المُكلف بالحديث عن تلك الأزمة، والأمانة في نقل المعلومات التي يُدلى بها وعدم تفسيرها بأكثر مما تحتمل، وألا تكون الشفافية على حساب «الأسرار» الشخصية، سواء ذات الصلة بالأفراد أو بأمن الدولة. وأكد أن الأمن يطلب، أيضاً، عدم نشر خلاف ما يدلى به، أو بتر جزء منه أو التلاعب بالألفاظ والمصطلحات، وألا يكون هناك تهويل أو مبالغة في سرد الخبر أو انتقاء عناوين تحريضية أو استفزازية، تسهم في تأجيج الأزمة. وفي المقابل، شرح أن الإعلام يريد من الجهات الأمنية عدم التعتيم على مجريات أحداث الأزمة، ووجود متحدث رسمي يدلي بالأخبار ويتعامل مع الصحافيين بشكل منتظم، والرد على الأسئلة التي يطرحونها خلال المؤتمرات الصحافية التي تعقد للحديث عن الأزمة الراهنة، والرد على الاستفسارات الهاتفية التي تطرأ عليهم عند تدوين الخبر، وعدم إشعارهم بأنه يمن عليهم بالمعلومات أو يعاملهم بشكل غير لائق، لأن الصحافيين يمارسون دورهم في النهاية، وهو توثيق المعلومات. ولفت إلى أن طرفاً ثالثاً اقتحم المعادلة الثنائية بين الأمن والإعلام التقليدي، وهو وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتميز بسرعة النشر، وتتم صياغة الخبر من خلالها وفق قناعات مالك الحساب الشخصي ورغباته الذاتية. وأكد أهمية ألا تقف أجهزة الأمن موقف المتفرج حيال وسائل الإعلام الجديدة، أو تكون في موقف المستسلم لهجمات المتربصين بالأمن خلال حدوث الأزمة، وإنما عليها أن تلعب دور «المستفيد» من هذه الوسائل المعاصرة.
مشاركة :