د. داود حسن كاظم * أثارني للكتابة عن الموضوعين خبران أحدهما يحمل التفاؤل نوعاً ما، والآخر يثير الصدمة لما سيكون عليه مستقبل الكوكب.الخبر الأول هو انعقاد مؤتمر المحيطات، الذي اعتبرته الأمم المتحدة أول منصة متكاملة لمناقشة كل قضايا المحيطات ذات الصلة بصورة متكاملة؛ حيث شهدت أروقة المقر الرئيسي للمنظمة العالمية للأمم المتحدة وطوال الأيام من الخامس حتى التاسع من يونيو/حزيران الماضي جلسات متعددة؛ لمناقشة تفاصيل تتعلق بالنداء الذي أطلقه رئيس الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة بيتر تومسون، في منتصف فبراير/شباط الماضي، أثناء الاجتماع التحضيري لمؤتمر المحيطات صدى قوياً واستجابة من المشاركين في الاجتماع وحكومات العالم.وركزت الرسالة على سبل عيش الناس والسياحة والأمن الغذائي والنقل البحري والتجارة في سياق ما تواجهه المحيطات من تلوث هائل.ونقلاً عن إذاعة الأمم المتحدة يوم 23 مارس/آذار الماضي.. أوضح تومسون في حوار مع موقع «أخبار الأمم المتحدة» أن فكرة المؤتمر نبعت من الحاجة إلى التأكد من توفر الجهود العالمية لضمان تنفيذ الهدف الرابع عشر من أجندة التنمية المستدامة، ليس فقط بحلول عام 2030 ولكن أيضاً بحلول 2020 و2025، وفق ما تنص عليه بعض بنود الهدف، وقبل فوات الأوان. ولكن ما هو الهدف الرابع عشر من أجندة التنمية المستدامة؟ إن هذا الهدف هو جزء من الأهداف السبعة عشر التي وافق عليها قادة العالم في قمتهم التي عقدت في سبتمبر/أيلول 2015، التي أصبحت نافذة في الأول من يناير/كانون الثاني 2016 كخطة نحو التنمية المستدامة للعام 2030. كما أن الهدف الرابع عشر يشير صراحة إلى «حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة».وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية «إن عام 2015» تضمن إشارات إلى عهد جديد أكثر تفاؤلاً، وأكثر عملاً نحو الحفاظ على المناخ مع إقرار اتفاقية باريس لتغير المناخ. لكنه سيُسجل في التاريخ الآن كعهد جديد لتغير المناخ مع ارتفاع نسب غاز الاحتباس الحراري إلى مستويات غير مسبوقة».وتناشد المنظمة العالمية للأرصاد دول العالم التركيز على خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون. ويقول رئيس المنظمة: «بدون التعامل مع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لن نتمكن من مواجهة تغير المناخ والحد من الزيادة في درجات الحرارة إلى درجتين مئويتين أكثر منها قبل الحقبة الصناعية».وتابع: «لذا، من المهم جداً أن تُفعَّل اتفاقية باريس قبل الموعد المحدد لها في الرابع من نوفمبر المقبل، وهو ما من شأنه تسريع تطبيقها».وما يؤكد هذا القول هو الخبر الثاني، الذي نشر في 12 يوليو/تموز الجاري عن انفصال واحد من أكبر جبال الجليد في العالم عن القارة القطبية الجنوبية، الذي تبلغ مساحته 6 آلاف كم مربع ووزنه ترليون طن تقريباً. ويقول العلماء إن الجبل الجليدي الذي يبلغ سمكه أكثر من 200 متر لن يتحرك لمسافة بعيدة على المدى القريب، ولكنه من الضروري وضعه تحت الرقابة؛ إذ إن التيارات البحرية والرياح قد تدفع به شمالاًَ بحيث يصبح خطراً على حركة الملاحة. وبالمقارنة مع مساحات بعض البلدان لأن حجم الجبل ومساحته أصغر من مساحة جزيرة قبرص التي تبلغ 9.3 ألف كم مربع وأكبر من مساحة مدينة لندن التي تبلغ 1.5 ألف كم مربع. كما أن التلوث الذي تشهده المحيطات من خلال رمي النفايات بأنواعها أثر وبشكل كارثي في المخزون الحيوي من الأسماك والحيتان والنباتات إلى جانب الصيد الجائر الذي تمارسه بعض الدول.وأعربت لوفين إحدى المشاركات في المؤتمر بقولها عن قلقها إزاء الاستغلال غير المستدام لموارد المحيطات والتلوث، وأضافت محذرة:«إذا استمرت هذه الاتجاهات، من الإفراط في صيد الأسماك إلى المزيد والمزيد من التلوث البلاستيكي في محيطاتنا، سيكون هناك بلاستيك أكثر من الأسماك في محيطاتنا بحلول عام 2050. إنها مسألة خطرة حقاً. ويتعين علينا العمل الآن لترك كوكبنا بشكل سليم لأطفالنا وأحفادنا».ولهذا فإن تطبيق اتفاقية باريس بأسرع وقت وكذلك ما توصل إليه مؤتمر المحيطات الأخير ضروري لإنقاذ الكوكب وتأمين استدامة عطاء البيئة لأجيال المستقبل.* خبير بيئي وزراعيdaoudkadhim@yahoo.co.nz
مشاركة :