وافقت وكالات الأمم المتحدة في أواخر العام الماضي، حرصاً منها على مساعدة السوريين العالقين داخل حدود الأردن المغلقة، على نظام للمساعدات يقول منتقدوه إنه سلم جزءاً كبيراً من السيطرة على توزيع المعونات للجيش الأردني ومقاول أردني كما استعان برجال مسلحين في الجانب السوري. ومنذ ذلك الحين انهار هذا النظام مراراً وتكراراً ولم تصل سوى شحنات متقطعة من المساعدات إلى مخيمين صحراويين على الحدود يقطنهما آلاف السوريين الذين شردتهم الحرب. وتتهم مجموعات متنافسة في مخيم الرقبان بعضها بعضاً بتحويل المساعدات، فيما يحقق تجار السوق السوداء أرباحاً كبيرة. وقد عقد «جيش العشائر»، وهو ميليشيات سورية تقول إن الأردن طلب منها الحفاظ على الأمن في مخيم الرقبان، صفقات للحماية والمرور مع مؤسسة «ويرلد فيجين» ومؤسسة «كاب أنامور»، وهما جمعيتا مساعدات أجنبيتان. لكن الجمعيتين انسحبتا من الرقبان بعدما استهدفت قنابل قوات «جيش العشائر» قرب منشآتهما. ويقول منتقدون إن الصعوبات على طريق تقديم العون للسوريين الذين تقطعت بهم السبل تعكس فشل المجتمع الدولي في معالجة أزمة اللاجئين. وقد فر نحو 5 ملايين سوري من وطنهم منذ 2011، ولكن آخرين أعدادهم لا تحصى محصورون في بلادهم التي تعمها الحرب بعدما أغلقت بلدان متاخمة لسورية، هي الأردن ولبنان وتركيا، معظم حدودها أمامهم. وقال كيليان كلاينشميدت، وهو مسؤول سابق في وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كان مقره في الأردن إن «سورية مغلقة، وأعتقد أن هذه قضية غير خاضعة للنقاش العام بالمرة ولا تثيرها منظمات الإغاثة». وأغلق الأردن حدوده نهائياً في حزيران (يونيو) 2016 بعد هجوم نفذه تنظيم «داعش» بسيارة مفخخة أدى إلى قتل سبعة من رجال حرس الحدود الأردني. ومنذ ذلك الحين تواجه منظمات الإغاثة الدولية المعضلة التي يمثلها إرسال العون إلى منطقة يحظر الوصول إليها. فهل تنضم منظمات الإغاثة هذه إلى نظام يعتمد على مرافقين مسلحين ولا يستطيع ضمان وصول المساعدات إلى المعنيين باستلامها؟ أم تتمسك بالمبادئ الإنسانية ولو على حساب عدم مساعدة الأطفال والنساء المحصورين في ظروف قاسية؟ لقد دافعت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وعدة دول أوروبية عن قرار الانضمام للنظام السائد. قال السفير البريطاني لدى الأردن إدوارد أوكدن إن وكالات الأمم المتحدة «تقوم بعمل جيد فائق للعادة في ظروف صعبة للغاية محاوِلةً إيصال أكبر مقدار من المساعدات إلى أولئك الناس. وأضاف أن التخلي عن ذلك أمر لا يجوز. ولكن الاتحاد الأوروبي له وجهة نظر مختلفة، وقد قررت ذراعه الإنسانية «إيكو» في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما تشكل النظام الجديد عدم تمويل عمليات التوزيع في الأرض الحرام المعروفة باسم «بيرم» تبعاً للخطوط المتوازية للمرتفعات الترابية التي ترسم الحدود. وقال مكتب الناطق باسم المفوضية الأوروبية في بيان: «ليس هناك ضمان بأن المعونة الإنسانية، المحدودة أصلاً، تصل فعلاً إلى المقصودين باستلامها. وليس لنا علم بوجود نظام يكفل عدم إمكان تحويل المساعدات إلى وجهة أخرى». ويحتاج الغرب إلى النيات الحسنة من جانب الدول المضيفة لأنه يريد ثني السوريين عن الهجرة من حيث هم الآن إلى أوروبا. ويرد الأردن على الانتقادات لسياساته، مثل إغلاق الحدود، بالإشارة إلى أنه قد استوعب من اللاجئين أكثر بكثير مما استوعبته دول غربية أغنى. ويقول الأردن أيضاً إن المتشددين الإسلاميين المختلطين مع السوريين على الحدود يشكلون تهديداً أمنياً. وكان الأردن حتى قبل إغلاق حدوده يحد من دخول السوريين الذين أخذوا يحتشدون منذ 2014 على الحافة الشرقية للحدود المشتركة. وبرز مخيما الرقبان وحدلات وهما يضمان بحسب تقديرات الأمم المتحدة ما بين 45 ألفاً و50 ألفاً من اللاجئين. ويقول ناشطون إن العدد يساوي ضعف ذلك.
مشاركة :