غرفة تخص «المرأة» وحدها

  • 7/19/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

العنوان مشتق من عنوان شهير لفرجينيا وولف هو «غرفة تخص المرء وحده»، وهو كتيّب صغير قرأت عنه، وما زلت ابحث عن نسخته العربية لقراءتها كاملة.، وعنوان الكتاب ألح علي خلال الأيام الماضية وأنا اشهد على ارض الواقع تجربة صديق في بناء غرفة صغيرة جداً لسائقه في منزله في الرياض. كتاب الرفيقة فرجينيا، رحمها الله، يتحدث عن «العثرات الأسرية والاجتماعية التي تعترض طريق المرأة الكاتبة، وتعرقل تطور مشاريعها الفكرية والمهنية»، وغرفة صديقي التي لا تزال تحت الإنشاء تتحدث بطريقة غير مباشرة عن العثرات الاجتماعية التي تعترض المرأة العاملة، وتعثرات اقتصاد الأسر والأفراد نتيجة هذه الحال، حال الاضطرار الى استضافة رجل غريب في المنزل! لصديقي طفلتان في مدرسة أهلية لا تبعد عن منزله سوى 400 متر، وهو يذهب بهما صباحاً وتعود بهما الأم ظهراً مع السائق، لأن المدرسة لا تلتزم التزاماً كاملاً بتوفير مرافقات للصغيرات لأسابيع عدة من كل فصل دراسي، وهذه قضية تخص التعليم، ولأن الحي وتصميمه يجعلان عودتهن سيراً على الأقدام مخاطرة مرورية، اضافة الى الأخطار الأمنية حيث يعج شارع المدرسة بعشرات المحلات المليئة بالعمالة داخل الحي السكني، وهذا شأن بلدي. الأهم ان الأم لا تستطيع ارجاع طفلتيها بنفسها، لأن المجتمع لا يزال حائراً امام مشكلة قيادتها السيارة، بل حتى قيادتها المشروطة، فأصبحت النتيجة الحتمية على الأسرة هي استضافة موظف باسم سائق يلزمها توفير السكن له، فبدأ مشروع البناء لأن منزله الصغير ليس فيه غرفة خارجية. لفتني في السياق العام للحدث ان هذا الاضطرار ألقى بظلاله على مشروع البناء، وهو ألقى بها من قبل على العلاقة بين المجتمع وهؤلاء السائقين، فصاحبنا أراد ان يخصص له مساحة يمكن تسميتها غرفة او حجرة، لكن المقاول اخبره ان هذا كثير، وجاره قال له ان تكبير الغرفة يعني ان يستضيف فيها اصدقاء او سائقين آخرين، وأصدقاؤه أخبروه ان ذلك يؤثر في الكلفة، وهكذا تقلصت الغرفة بضعة سنتيمترات مع كل هاجس. في السعودية، وأتوقع أنه في بلدان عربية أخرى غيرها وإن بدرجة أقل، هناك «كود» نشأ وتطور لهذه الحجرة، في مساحتها، وشكل بابها، والتفنن في تصغيرها وتصغير منافعها الذي ساهم في ترسيخه بعض مطوري العقار والمتاجرين به لتقليص الكلفة عليهم. بالنظر عميقاً الى هذه الحجرة تكتشف بسهولة انها ليست غرفة تخص السائق، انها غرفة تخص المرأة وحدها، صممت وبنيت، ونشأت ثقافتها في المنازل، من أجل ان لا تقود امرأة ربما تكون في العقد الرابع او الخامس من عمرها سيارة الى عملها او مدارس ابنائها. ما ناقشته فرجينيا وولف عن المرأة الكاتبة، اصبح تاريخًا بالنسبة إلى حفيداتها من وطنها وأوطان كثيرة مثلها، وما نناقشه اليوم عن المرأة العاملة، والمرأة ربة المنزل من حقها في قيادة مركبة، وحق اسرتها جميعاً في الاستغناء عن رجل غريب، وبالطبع عن حجرته، سيصبح يوماً تاريخاً لحفيداتها، وعندها ربما يخصص معرض او متحف عن العمارة في السعودية قسمًا خاصًا اسمه «غرف السائقين» ستمر عليه من سيصبحن جدات حينها، ويبتسمن.

مشاركة :