آيس كريم فى جليم

  • 7/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كتبه: مدحت العدل ومحمد المنسي قنديل. إخراج: خيري بشارة. "1" يحكي فيلم آيس كريم في جليم عن تلك المرحلة التي تسمى ما بعد الانفتاح، وكيف آلت الأحوال بالمصريين، في تلك الفترة، ومع بداية غزو الفكر الوهابي لمصر القادم مع العمالة المصرية العائدة من السعودية، يحاول الفيلم أن يقارن ويحكي عن قصة زمانين مختلفين؛ زمن عبد الناصر والشيوعية وحلم العدالة الاجتماعية، وشعار "يا عمال العالم اتحدوا، وارفع رأسك لفوق لقد ولّى عهد الاستعمار". ثم يوضح ما آل بنا في زمن السادات والنتائج التي ترتبت على الانفتاح، وتلك الأحلام الضائعة من العدالة الاجتماعية والمساواة، وشعور أصحابها باغتراب، وبداية ظهور طبقة جديدة التي استبدل بها السادات الإقطاعيين، برجال استطاعوا أن يتاجروا في كل شيء وبأي ثمن، فأنتج رجال الأعمال (الإقطاعيون الجدد) فى عدة أشكال، منها ذو الطابع والرؤية الليبرالي، ومنها أيضاً الإسلامي. "2" يحكي الفيلم قصة كفاح شاب فقير يسمى سيف "عمرو دياب"، الذي يريد أن يتمرد على الوضع المفروض عليه؛ لذا ينتقل من الإسكندرية للقاهرة بحثاً عن فرصة للغناء، ولكنه يتعثر مثل الجميع في مشاكل هو ليس المسبب لها، لكن كونه فقيراً فهذا أساس المشاكل. ثم يقيم في جراج، ويعمل كموزع في نادي فيديو يمتلكه زيكو، وزيكو يمثل تلك الشخصية من طبقة رجال الأعمال الجدد التي ملأت مصر على أثر انفتاح السادات وإعلاء مبدأ "أنه لا يوجد مبدأ من الأساس"، يمكنك المتاجرة بكل شيء وبأي شيء، المهم أن تكسب، من يمتلكون مبدأ وإحساساً بالفقراء ليس لهم وجود في عهد السادات، بالنسبة لهؤلاء أنت مجرد مستهلك، ورقة نقدية ولا شيء آخر. ثم يبحث سيف عن الحب فيرتبط بعلاقة خطوبة مع بدرية "سيمون"، وتلعب بدرية دور تلك الفتاة الفقيرة المقهورة من الطبقة الوسطى التي تكافح وتعمل في استراحة لخدمة الأغنياء، في محطة سوبر جيت بين القاهرة والإسكندرية، تحاول أن تتمرد هي أيضاً على أمها عاملة النظافة بنفس الاستراحة التي لا ترى فى بدرية إلا سلعة عما قريب سوف تقايضها بمن يدفع أكثر، لا يهم مَن هو، أو أي شيء آخر ما دام هناك من سوف يدفع مقابل متعته بها. ترى والدتها أن ما يسمى بالحب أو المشاعر والإحساس لا يصلح لمن مثلهم، وفي حالتها المادية لكي تحب عليك أن تكون ثرياً فى المقام الأول؛ لذا تتطلع في أن تزويج بدرية لرجل أعمال طريق للثراء بأي ثمن. فتختتم خطوبة سيف وبدرية بانزلاق بدرية مع أدهم في طريق الرذيلة، وتلقي بدبلة الخطوبة لسيف، ويقوم زيكو بطرده من العمل، بعد أن سرق بعض اللصوص عهدته. ثم تتوالى الأحداث فيلتقي بنبيلة، تلك السيدة الأرستقراطية التي ترى أن الفقراء وجدوا فقط لتلبية رغباتها، غير مهتمة بهم أو بمصيرهم، في نظرها الفقراء مجرد مواطنين من الدرجة الثالثة أو الرابعة، تعرض عليه السفر للإسكندرية معها لإحياء حفلة يقيمها رجل الأعمال سعفان، لكنه يكشف أن نبيلة خدعته لتشعل به غيرة عشيقها سعفان فقط، ثم تنشب مشاجرة في الحفل تؤدي بسيف للسجن، هناك يتعرف داخله بالشاعر اليساري الشاب نور "أشرف عبد الباقي"، ونور طالب جامعي من الفقراء الذين نشأوا على حلم العدالة الاجتماعية والأفكار الناصرية وشعارات القومية وإلغاء الفوارق الطبقية، بشكل أو بآخر يجد كل من سيف ونور ضالته فى الآخر، فأنشئت بينهما صداقة وبدأ يظهر لهم ملامح حلم مشترك بعمل شيء جديد يعبر عنهم وعمن مثلهم ويتحدث عنهم ولهم. ثم يتعرف سيف على ملحن عجوز مغمور يدعى زرياب، صديق نور ووالد آية "جيهان فضل"، الفتاة التي أعطاها سيف جاكتته، يقوم نور بتأليف وكتابة الأغاني الشبابية مثل (هتمرد، أنا حر، رصيف نمرة خمسة) وتعد أغنية رصيف نمرة خمسه التي تعد من أكثر الأغاني التي تنتقد الانفتاح وتترحم على أيام الناصرية. يقوم زرياب بتلحين الكلمات ويغنيها سيف في الشوارع والحدائق العامة وعلى شاطئ البحر، يغني بين الناس الذين كتبت عنهم الكلمات؛ لتحقق أغانيهم نجاحاً كبيراً بالإسكندرية وبالذات في شتاء جليم، الذي كان مسقط رأس سيف، ومولد حبه الأول لفتاة تأكل الآيس كريم، تلك الفتاة التي يجدها بالصدفة أمامه فلا يتردد ويخبرها فوراً بإعجابه بها. في آخر الفيلم يكون زرياب بصحبة فتاة ليل، ويبدأ يحكي لها عن مدى عبقريته وعن كونه فناناً حقيقياً، لكنه كان أحمق لم يجمع المال أو السلطان، طمع فقط في حب الناس وإسعادهم؛ لأنه مؤمن بحقهم في الحياة مثل غيرهم، ثم ماذا حدث؟ لقد علم بحقيقة أن الشيوعية قد ماتت، زرياب الماركسي الليليني، فقد الأمل أو ربما رأى أن الشيوعية قد ولت؛ لذا قام بكسر عوده، ثم مات في الشارع كمشرد على دكة استراحة ما دون أن يهتم لأحد بهِ أو يحزن عنه، لقد أكمل الناس حياتهم العادية وكأن زرياب لم يوجد ولم يمُت. "3" ما يحاول أن يخبرنا به أصحاب العمل، في وجود 4 شخصيات محورية (سيف، آية، زرياب، نور): - يمكن أن تعد بدرية رؤية وروح مرحلة الانفتاح. نجد نور الشاب الناصري المؤمن بعبد الناصر، وأنه كان بطلاً حاول أن يفعل شيئاً لبلده، لكنه فشل، فشل في أن تصبح مصر دولة عظيمة، وفشل في تحرير فلسطين، وفشل في تحقيق المساواة بين أفراد الشعب. وهناك زرياب الشيوعي الذي يمتلك نظرة محبة تجاه الحياة والفقراء، ربما كان عبقرياً، لكنه أضاع عمره في لعب لعبة لم تعد تصلح، الفقراء لا يقاتلون، الفقراء يقتلون؛ لذا عندما حطم عوده، كان هذا إعلاناً منه أنه أخيراً قبل بالحقيقة، وعلم جيداً أن الناس لم تعد تهتم بشيء لا بأنفسهم لا بالعالم، أصبحت أحلامهم تتلخص في الزواج والعمل، لقد ماتت الشيوعية وأصبح الابتذال هو خليفة العصر. - كانت نور وزرياب يمثلان الماضي، بكل ما فيه من حنين. أما عن سيف وآية ، فإنهما يمثلان المستقبل، فسيف يحلم بأن يصبح مغنياً، يتمرد على الفقر وعلى الابتذال، يحاول أن يفعل الصواب، حتى إن كذب للفت الانتباه، ثم تأتي اللحظة التي تعلم آية فيها حب نور وسيف لها، فتختار آية المستقبل، رغم حبها للماضي، لكن الغلبة دوماً تكون للمستقبل، مهما أحببنا وعشنا فيه، أو أجبرنا على الحياة فيه. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :