نظرة المجتمع السلبية لهم، أيضا هناك أسباب مادية تكون خفية وتبرز بقوة لرفض زواج الآباء، وتتعلق بالميراث ورغبة الأبناء في الاستحواذ على ممتلكات وأموال الوالدين وعدم مشاركة آخرين فيه. ولفت خليل إلى أن طبيعة علاقة الأبناء بآبائهم وأمهاتهم خاصة عندما يتقدمون في العمر، تلعب دورا مؤثرا في إقدامهم على التفكير في فكرة الزواج في هذا العمر المتقدم، فغالبية الأبناء عندما يتزوجون وتكون لهم حياتهم الخاصة يعتبرون أن احتياجات الوالدين في هذه السن المتقدمة تقتصر على احتياجات مادية فقط، كالأكل والملبس وزيارتهم من حين إلى آخر، دون أي اعتبارات لاحتياجاتهم النفسية التي تغلب على الوالدين في هذه السن المتقدمة، ما يكون الدافع الرئيسي نحو التفكير في الزواج لإشباع هذا الاحتياج بوجود شريك يؤنس أحد الطرفين في وحدته ويشعره بوجوده وأهميته، ويغمره بالحب والحنان والاهتمام.عندما يمثل الآباء والأمهات جزءا رئيسيا من حياة أبنائهم ويشعرون بوجودهم وحيويتهم، لا يفكرون أبدا في الزواج وفي المقابل فإنه عندما يمثل الآباء والأمهات جزءا رئيسيا من حياة أبنائهم الاجتماعية والنفسية ويشعرون بوجودهم وحيويتهم، لا يفكرون أبدا في الزواج، حيث تنتفي لديهم الدوافع نحو ذلك وتكون الأفضلية لأبنائهم والبقاء معهم. من جانبها تشير استشارية العلاقات الاجتماعية والزوجية، رشا عطية، إلى أن زواج كبار السن في هذا العمر المتقدم غالبا ما يكون الغرض منه إشباع الاحتياج النفسي والحاجة إلى شريك يتواصل معهم عاطفيا، ليخرجوا من وحدتهم المفروضة عليهم بحكم انشغال المحيطين بهم عن تلبية هذه الاحتياجات وعدم اكتراث الأبناء بهم والاعتناء بحياتهم الخاصة. وأضافت عطية أن الغاية من هذا الزواج تتمثل بالأساس في إشباع حاجة كبار السن الملحة إلى أن يشعروا بذاتهم ووجودهم اللذين فقدوهما نتيجة فقدان شركائهم وإهمال الآخرين لهم، وهو ما يعكس مسؤولية الأبناء المباشرة وكونهم المذنبين الرئيسيين في إقدام آبائهم على الزواج في هذه السن المتقدمة. وأكدت أن هذا الصنف من الزواج لا يحتوي على أي أغراض أخرى سواء كانت مادية أو جنسية وما شابه ذلك بحسب نظرة المجتمع السلبية إلى هذا الزواج. كما لفتت إلى أن الكثير من الشباب ينظرون إلى ارتباط كبار السن على أنه ضرب من الخرف والجنون وقد يكون فيه شيء من الفكاهة، وهي نظرة غالبة في المجتمعات العربية، تغذيها دوافع ومعتقدات مجتمعية وموروثات ثقافية، تتمثل في أن الآباء وكبار السن يتمتعون بالوقار والهيبة التي تفرض عليهم التصرف بطريقة معينة بعيدة عن الزواج والحب والذي يعتبره الكثيرون تصرفا يقلل من وقارهم واحترامهم. وعن نتائج هذا الزواج واحتمالات نجاحه أو فشله، تؤكد عطية، أنه من الصعب الحكم على زواج المسنين مسبقاً سواء بالفشل أو النجاح، فالأمر يخضع لعوامل عدة منها الاجتماعية، كعلاقاتهم بمحيطهم الاجتماعي ونظرة المجتمع إليهم، والعوامل النفسية، كمدى تواصلهم النفسي والعاطفي في ما بينهم وقدراتهم على إشباع احتياجات كل من الطرفين إلى الآخر، إلا أنه بشكل عام فإن زواج المسنين أمر يصعب على المرأة تقبله أكثر من الرجل وهي التي تتحمل الجزء الأكبر من نتائجه وأضراره الاجتماعية. وقد أثبتت إحصائيات حديثة أنه وبحلول عام 2030 سيحتل لبنان المرتبة الأولى في الوطن العربي من حيث نسبة زواج كبار السن، وتأتي خلفه تونس، بينما سيكون المغرب في المركز الثالث عربيا من حيث زواج المسنين.
مشاركة :