كلما اقترب رمضان، انبرى نفر من الناس لقيادة الجماهير، وتجييشها ضد هذه القناة أو تلك، لأنها أدرجت على جدول برامجها الرمضانية مسلسلاً أو برنامجاً لا يليق -من وجهة نظر المجيشين-! ثم ماذا؟! يستمر الجدل، ويعرض المسلسل أو البرنامج، وسط نسب مشاهدة عالية، بفضل الدعاية المضادة. المشاهدون معارضون يريدون تأكيد اعتراضهم، ومؤيدون يريدون إثبات صحة تأييدهم، ومحايدون يريدون معرفة لماذا اعترض هؤلاء، ولماذا أيّد هؤلاء؟. قد يكون لهذه القناة أو تلك، أهداف «مشبوهة» إذا ما آمنّا بفكرة المؤامرة، لكن الفكرة التي يجب الإيمان بها لأنها واقع لا يقبل الشك، هي أن المحرك الأساس لكل القنوات التلفزيونية الخاصة -غير المدعومة حكومياً- في كل العالم، المال في الدرجة الأولى. القناة يملكها تاجر يبحث عن معلن، والمعلن تاجر يبحث عن مستهلك، والمستهلك قابع خلف الشاشة وبيده «جهاز التصويت» -الريموت-، وبضغطة زر يرجح كفة قناة على أخرى، وبرنامج على آخر، وبعد نهاية البرنامج المثير للجدل يخرج مولولاً، شاتماً، شاكياً: (ألم نقل لكم إن هذا البرنامج سيئ؟!) لماذا شاهدته أنت من الأساس يا عزيزي؟!. معظم القنوات المشاهدة سعودياً تبحث عن السعودي المستهلك، لا السعودي المشاهد، ولأن المستهلك السعودي ليس له صوت قوي وفعال حتى الآن رغم وجود مؤسستين تدعيان رعايته، فليس بيده إلا تقديم الدعاية المعاكسة بحسن نية، عبر وسائل التواصل/ التجييش الاجتماعي، ولن ينصلح حاله ما لم يجد أوعية مؤسساتية تحتوي صوته ومطالبه، وتجعل التاجر يحسب له ألف حساب، من تاجر البقالة الصغيرة المجاورة، حتى أكبر تاجر معلن في أكبر قناة تليفزيونية.
مشاركة :