كنت أجلس مع والدي في أحد الأيام، وكان معه عدد من أصدقائه.. وقال أحدهم: إن أحفاده لا يريدون أن يغيروا له مطبخه القديم المتهالك.. والكثير من تسريبات المياه التي تحتاج إلى تغيير.. فسألته لماذا يا عم؟ هؤلاء متكاسلون.. فهز رأسه.. قائلا: ليتها كذلك.. بل الأمر فاق الكسل والاتكالية.. فكل أحفادي وأبنائي يحملون أحدث الهواتف الذكية.. والآيبادات وأجهزة متطورة كثيرة وغيرها مما لم نره في أيامنا.. يحرصون على تجديدها.. ولكن لا يحرصون على تجديد أساسيات حياتنا.. أو تلبية احتياجاتنا الملحة.. بقيت أنظر إليه، وقد لمست من كلامه عمق هذا الواقع وحقيقته.. وما نحن عليه نتيجة للتطور الكبير الذي نعيش فيه على حساب حاجاتنا. فلو نظرنا إلى عصرنا نجد أنه بدأت التطورات التكنولوجية مع ظهور الكهرباء، وبدأت في الانتشار في العالم مع نهايات النصف الأول من القرن الماضي.. وهناك علاقة وثيقة بين نهاية الحرب العالمية الثانية والتطور السريع للتكنولوجيا.. حيث يشير تقرير التطور التكنولوجي العالمي إلى أن التكنولوجيا غزت حوالي %40 من سكان الكوكب.. يقاس ذلك المؤشر من خلال ثلاثة عوامل: الأشخاص – الحكومات والأعمال. والعجيب أن كثيرا من الدول النامية والفقيرة تجد انتشارا واسعا لقطاع الاتصال، فتجد في كل بيت هاتفا نقالا.. في حين لا تجد بنية تحتية.. ولا مراحيض أو شبكة مياه.. وتجد الكثيرين ممن يسعون إلى مواكبة التطور والتجديد والتغيير.. ولكن آخر اهتماماتهم أن يلبوا احتياجاتهم الأساسية.. وتطوير بناهم التحتية. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: لماذا قفزنا عن احتياجاتنا الأساسية إلى رفاهية عجزت عن سد تلك الاحتياجات..؟ قد تكون الرغبة في التواصل البشري هي الإجابة عن هذا التساؤل.. والتساؤل الآخر: ما فائدة التطور التكنولوجي الذي يعجز عن سد احتياجاتنا..؟ إن توجيه قطاع التكنولوجيا لخدمة البشرية يقع على عاتق البشر أنفسهم، فما التكنولوجيا إلا أداة تعجز عن خدمة نفسها إذا تخلى عنها البشر.. د. أحمد حسين الفيلكاوي Ah.Alfailakawi@PAAET.edu.kw DrAhmadKw@
مشاركة :