سياسة مصر النقدية تبعدها عن طريق صناديق الاستثمار العقاريأزاحت السياسة النقدية الانكماشية القاهرة من خارطة صناديق الاستثمار العقاري العالمية، بسبب تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي لتقليل حجم السيولة من الأسواق. ويقول المحللون إن الحكومة فوتت على نفسها استثمارات بمليارات الدولارات كانت ستنعش اقتصاد البلاد المنهار.العرب محمد حماد [نُشر في 2017/07/20، العدد: 10697، ص(11)]عقارات تحت التأسيس صدمت شركة نعيم للاستثمارات القابضة السعودية الساحة الاستثمارية في مصر بإعلانها عن عدم الاستمرار في تمديد الاكتتاب في أول صندوق عقاري في البلاد باستثمار يبلغ 55 مليون دولار. وكانت الحكومة تأمل من خلال تلك الآلية الجديدة في جذب فوائض رؤوس الأموال الخليجية التي تسعى للاستثمار في هذا القطاع. وقال إيهاب سعيد العضو المنتدب لشركة أصول للأوراق المالية، لـ“العرب” إن “فشل صندوق نعيم العقاري يعد رسالة سيئة لمناخ الاستثمار بالبلاد”. وأضاف أن “هناك عددا من بنوك الاستثمار والمؤسسات المالية كانت تترقب فرص نجاح الصندوق الجديد للدخول في هذا النشاط في ظل حركة الإعمار الكبيرة التي تقوم بها مصر حاليا”. وأدخلت القاهرة تعديلات على قانون سوق رأس المال مطلع العام الحالي ليسمح لأول مرة في تاريخ البلاد بتأسيس صناديق استثمار عقاري، بعد غياب طال 25 عاما من المحاولات مع هيئة الرقابة المالية. وتعد صناديق الاستثمار العقاري أحد أنواع صناديق الاستثمار المغلقة التي تؤسسها الشركات أو المؤسسات المالية بهدف الاستثمار في مجال التطوير العقاري فقط. وخاض غمار السباق بنك نعيم والذي منح القاهرة رخصة دخول عصر صناديق الاستثمار العقاري، وأعلن عن تأسيس أول صندوق من هذا النوع، وفتح باب الاكتتاب منذ مطلع شهر مايو الماضي. وخلال فترة الاكتتاب، قامت القاهرة برفع سعر الفائدة بنحو 400 نقطة، والتي أدت إلى تراجع فرص نجاح الصندوق. وتسبب الارتفاع الكبير في سعر الفائدة في وصول العائد على أذون الخزانة الحكومية إلى أكثر من 22 بالمئة، ما شجع المستثمرين الأفراد والبنوك العاملة بالسوق المصرية على إقراض الحكومة بدلا من الاستثمار في صناديق الاستثمار العقاري. ورفعت الحكومة معدلات الفائدة بنحو 700 نقطة منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، ووصل معدل عائد الإيداع في اليوم الواحد بالبنك المركزي إلى نحو 18.75 بالمئة والإقراض إلى نحو 19.25 بالمئة. وطرحت أيضا شهادات استثمار ذات عائد مرتفع بنحو 20 بالمئة لمدة 18 شهرا تزامنا مع تحرير سعر الصرف ولا تزال مفتوحة أمام المودعين حتى الآن.إيهاب سعيد: تصفية صندوق نعيم رسالة سيئة وبنوك الاستثمار كانت تستعد لدخول النشاط وقال اقتصاديون إن توسع الحكومة في الاقتراض سوف يؤدي إلى تراجع مؤشرات الاستثمار بالبلاد، حيث ستفضل المؤسسات المالية إقراض الحكومة بتلك الأسعار القياسية، بدلا من المخاطرة في إقراض القطاع الخاص. وحذروا من السير في هذه الطريق التي تستهدف سحب السيولة من السوق وهى السياسات الانكماشية التي لا تتواكب مع الوضع الحالي للبلاد في ظل تراجع كافة الإيرادات السيادية المدرة للدولار. وفقدت مصر فرصا استثمارية عربية كان ينوي نعيم جذبها لمصر في مجال الاستثمار العقاري، وكان يستعد نعيم القيام بجولات ترويجية للصندوق الجديد في كل من الإمارات العربية المتحدة والكويت، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية. وقال محمد سعيد خبير أسواق المال إن “فشل الصندوق يكشف عن فكر الاستثمار في مصر، والأفراد ليس لديهم أي استعداد للدخول في مخاطرة، بل يفضلون إيداع أموالهم في البنوك، وشراء شهادات الاستثمار”. وحذر في تصريحات لـ”العرب” من تداعيات وخيمة على الاستثمار المباشر لمصر في ظل ارتفاع معدلات الفائدة على الاقتراض والتي باتت طاردة للاستثمار ولا تشجع على أي توسعات خلال الفترة المقبلة. ووفق التعديلات التي تمت على قانون سوق المال 95 لسنة 1992 يسمح لصناديق الاستثمار العقاري بتوفير قدرات مالية تصل إلى نحو 50 ضعف رأسمالها، ما يسهم في توفير التمويل الضخم الذي يتناسب مع طبيعة النشاط العقاري. وكانت شركة المصريين بالخارج قاب قوسين أو أدنى من الحصول على رخصة لتأسيس صندوق استثمار عقاري برأس مال بنحو 27 مليون دولار، بما يتيح تمويلا بقيمة 150 مليون دولار، إلا أنها توقفت لتراقب تطورات الأوضاع الاقتصادية. وتسبب الإعلان عن طرح وثائق صندوق نعيم منذ بداية الترويج له محليا في حرج كبير لبنك مصر، مدير طرح الصندوق، حيث فهم الأفراد الإعلان عن وثائق الصندوق خطئا بسبب وضع هوية بنك مصر بجوار نسبة العائد الكبيرة البالغة 26 بالمئة لوثائق الصندوق. وأدى ذلك إلى توافد عدد كبير من المواطنين على البنك لفك شهادات العائد المرتفع 20 بالمئة بهدف استثمارها في الشهادات الجديدة، لكنهم صدموا عندما اتضح لهم أن النسبة العالية لا تخص شهادات الاستثمار بل تتبع صندوق استثمار عقاري. وأصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية حينها بيانا أكدت فيه أن إعلان نعيم لا يظهر بوضوح للمطلع عليه أنه يخص صندوق استثمار، بجانب عدم إفصاحه بسهولة عن أن العائد المعلن عنه والبالغ 26 بالمئة يخص معدل عائد داخلي مستهدف “غير مؤكد” ويرتبط بتحقق نتائج تقديرية.
مشاركة :