الشريم : الغر الفطن من شأنه أن يوافق الجماعة إذا أصابوا ,ويخالطهم بالنصح والصبر والإعذار إن أخطأوا

  • 7/21/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

صراحة – خالد الحسين : بدأ إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم خطبته بالوصية قائلاً : إن الوصية المبذولة لي ولكم عباد الله هي تقوى الله جل شأنه ومراقبته في السر والعلن والغضب والرضا والمنشط والمكره , فالتقوى خير ما يزود به المؤمن وبها تحصل الولاية ويتلاشى الخوف والحزن ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمون وكانوا يتقون) ثم أردف قائلاً : يجمع العقلاء من بني الإنسان على أن الجماعة خير وهدى , وأن الفرقة شر وضلالة , وأن الاثنين خير من الواحد والثلاثة خير من الاثنين والأربعة خير من الثلاثة وهلم جرا . وأنّه ما اجتمع قوم فتشرذموا وما تفرق قوم فأفلحوا , وأن الشيطان مع الواحد والاثنين وليس مع الثلاثة فأكثر كما في قوله صلى الله عليه وسلم ( الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) رواه أبو داود وغيره. وأضاف الشريم : الشريعة الغراء راعت مصلحة الجماعة أيما رعاية حتى إنها فتحت ذرائع مصالحها وسدت ذرائع مفاسدها , وربما تجاوزت الراجح في حق الفرد لتقدم عليه المرجوح في حق الجماعة والأمة , فلو أنّ كل أحد قدّم مصلحته الخاص على مصلحة الأمة العامة لما اجتمعت الأمة ولا استقرت الجماعة . واستطرد فضيلته: لذلك كله حسم الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق جماعة المسلمين ويحدث الشقاق بينهم , أو أن يقلب اختلاف التنوع المباح للجماعة إلى اختلاف التضاد المحرم فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ” من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه” رواه مسلم. وأضاف فضيلته : إنّه ما انفرد امرؤ عن الجماعة إلا كان الغرور قائده والاعتداد بالنفس رائده وصار صيداً ثميناً لكل صائد وإناء مكشوف لكل والغ وإنّه ما انخرط امرؤ في الجماعة إلا كان عضواً من أعضاء جسدها الكبير حتى إذا حلت بعض من أعضائه شكوى تداعى له سائر الجسد . وحذّر فضيلته من هذه الفئة , قائلاً : إن في الناس من هو مولع بحب مخالفتهم والنأي بنفسه عن ركبهم ,لا تحلو له الحال إلا حينما يمتاز بمعارضة المجموع ,غايته إحداث الإرباك قصد ذلك أو لم يقصده وهذا مسلك أهل الطيش والعناد والمكابرة وعشاق التشويش والتهويش . ونوّه الشريم بقوله ” إن الغر الفطن من شأنه أن يوافق الجماعة إذا أصابوا ,ويخالطهم بالنصح والصبر والإعذار إن أخطأوا, وهو بهذا كله لا ينفرد عن المسار ولا يحيد عن المجموع ,فإن وقوع الخطأ في المجموع لا يسوغ للفرد ترك الجماعة برمتها. وأشار فضيلته إلى أعظم ما يُمتحن به أمر الجماعة ويُعلم به الصادق في انتمائه لها من الكاذب والباكي لها من المتباكي ,حينما تدلهم بها الخطوب ,من ينسل من الجماعة كانسلال الشعرة من العجين, فإن هذا وأمثاله أشد خطراً على انتظام الجماعة. وأضاف فضيلته أنّ المراد من اعتزال الناس زمن الفرقة فقد ذكر الحاظ ابن حجر عن الطبري أنه قال (متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً فلا يتبع أحداً في الفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر). ويؤكد الشريم على أنّ الإسلام أوجب على الجماعة استحضار عظم المسؤولية والتزام شرعة الله في ما تأخذ وما تذر . وشدد فضيلته في ختام خطبته على ضرورة الحذر من حب المخالفة في العلم ممن يدرسونه أو ينتسبون إليه أو يتتبعون مسائله عبر الصحافة والمنتديات الثقافية وذلك بالشذوذ في الفتيا عما عليه عامة أهل العلم من الثقات وأهل التحقيق وعد النأي بالنفس عن ضعيفها أو تتبع شواذها والمهجور منها , فإنّ من حمل شاذ العلم لا يكون إماماً وإنما هو حمل شراً كثيراً . كما جاء في قول ربيعة بن أبي عبدالرحمن شيخ الإمام مالك (ولبعض من يفتي ها هن أحق بالسجن من السرّاق).

مشاركة :