القاهرة: «الخليج» غريب الدماطي أرجع خبراء ومتخصصون الدمار الذي عاشته سوريا على مدار السنوات الأخيرة إلى التدخلات القطرية في الشأن السوري، التي أدت إلى تدمير البنية التحتية والاقتصادية لسوريا؛ وذلك عبر دعم قطر للجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها: «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) الموالية لتنظيم «القاعدة»، وكشف هؤلاء عن أن حجم الخسائر ربما يُقدر بمئة مليار دولار، مشيرين إلى أن الأمير تميم وجه بنفسه قادة «جبهة فتح الشام» إلى الاستمرار بالقتال في حلب حتى لو بلغت تكلفة القتال 30 أو 50 مليار دولار.وأوضح هؤلاء أن قطر انتهجت سياسة تأجيج الصراعات داخل كثير من الدول؛ بحثاً عن نفوذ لها في المنطقة، وأشاروا إلى أن أطماع قطر في تصدير الغاز إلى أوروبا كانت الدافع للانتقام من سوريا.قال الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسي والخبير في الشأن السوري، «إن قطر تلاعبت بأمن سوريا بطرق عدة، أولها استخدام سلاح النفط لدعم الجماعات الإرهابية وتدريبها في كثير من الأماكن، وخاصة في ليبيا، لإرسالهم إلى سوريا، إضافة إلى تمويل عناصر من المعارضة السورية؛ بهدف إسقاط وإنهاك وتدمير الدولة، فضلاً عن استغلالها لقناتها الفضائية«الجزيرة» في تشويه صورة الجيش السوري، وإشعال الفتن الطائفية، ودعمها اللامحدود لوسائل إعلام تابعة لمجموعات المعارضة السورية».وقال سيد أحمد: «إن قطر تنفذ المشروع الصهيوني في سوريا، الذي يهدف إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، لاسيما أن قطر اعتمدت في ذلك على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمتلك أكبر قاعدة في الشرق الأوسط في العديد بقطر، وأضاف أن قطر عملت من خلال وزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم على تأجيج الصراع داخل سوريا عبر الفرنسي برنار هنري ليفي، رجل المهمات الخاصة الصهيونية العالمية، وهو أحد أصدقاء الأمير الأب حمد بن خليفة.وأوضح سيد أحمد أن برنار يعد أحد أهم عرّابي ما يُسمى ب«الربيع العربي»، وهو من أنصار تقسيم المقسم، والداعم ل«إسرائيل»، مشيراً إلى أن ليفي لعب دوراً جباراً في هدم سوريا، عبر تحريضه لوسائل الإعلام والمراكز الثقافية والإعلامية والأمنية المقربة من اللوبي الصهيوني في العالم ضد الدولة السورية وجيشها، ونشر أخبار كاذبة عن تظاهرات شعبية عارمة ضد النظام السوري؛ بهدف إقناع الرأي العالم العربي والدولي بأن هناك معارضة كبيرة في سوريا، وخاصة دمشق وحلب، وقال سيد أحمد: «لعب برنار هذا الدور في إطار المشروع الأمريكي لتقسيم سوريا، ثم تولى تنسيق عملية تصعيد الضغط الأمريكي والأوروبي والعربي أيضاً، ومحاولة إقناع الدبلوماسية الروسية والصينية بفك ارتباطهما بالقيادة السورية؛ وذلك عبر التلويح بصفقات سلاح، وتوفير أسواق للصادرات، وإقناع المعارضة بالتشدد في مطالبها».وأضاف سيد أحمد، أن قطر قامت على تجهيز مراكز لتدريب الميليشيات المتطرفة في لبنان والعراق والأردن وليبيا وتونس ومصر واليمن وأفغانستان؛ وذلك تحت إشراف مجموعات من مرتزقة شركة «بلاك ووتر» الأمريكية؛ وذلك بهدف تنفيذ عمليات داخل سوريا، وإيقاع أكبر عدد من الضحايا وتصوير العمليات على أنها من تنفيذ الجيش السوري، مشيراً إلى أن قطر استخدمت ما يُعرف باسم«إشعال الحرائق»؛ بهدف عدم التوصل إلى حلول للأزمة السورية.ورأى أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن قطر منذ 20 عاماً كانت تخطط أيضاً للعب دور على حساب مصر والعراق والمملكة العربية السعودية وسوريا باعتبارهم الدول الكبرى في المنطقة العربية؛ وذلك بدعم أمريكي و«إسرائيلي» لتتحول قطر بعد ذلك إلى فزاعة للدول العربية؛ وذلك مقابل دعم قطر للجماعات الإرهابية في كثير من دول العالم، وخاصة سوريا وليبيا واليمن ولبنان ومصر، ولفت سيد أحمد إلى أن حمد بن جاسم كان مهندس المؤامرات في سوريا، فهو من عرض القيام بإرسال قوات عربية بزعم وقف إراقة الدماء، وهو من انتقد عمل فريق المراقبين العرب.وقال سيد أحمد: «إن معلومات استخباراتية فرنسية أشارت إلى أن قطر راعية الإرهاب في إفريقيا والمنطقة؛ بهدف إسقاط نظام الأسد وانهيار سوريا وتقسيمها، وقد وصفها رئيس جهاز المخابرات الفرنسي «ايف بوني» بصاحبة المهام القذرة في المنطقة العربية، وأن قطر لا تكتفي بتقديم المال والعتاد الحربي للإرهابيين؛ بل تقوم بمهام التدريب أيضاً لارتباطها بكافة التنظيمات الإرهابية». تفاصيل رشاوى للمعارضة في كتابه الذي يحمل عنوان: «المتلاعبون بأمن سوريا» يكشف محمد سيد أحمد عن حجم التحويلات التي ذهبت إلى المعارضة السورية في المناطق المتصارعة؛ حيث أكد أن بنك الدوحة القطري يقوم بتمويل الإرهاب في سوريا، وأن بعض المعاملات والتحويلات التي تجري من وإلى سوريين اثنين من عملاء المصرف، هما: معتز الخياط ومحمد معتز الخياط، ويملكان شركة صغيرة للمقاولات في الدوحة باسم«uss»من عدة مصادر أبرزها الديوان الأميري، بمبالغ تتعدى ال30 مليون ريال قطري، ومن مصدر آخر وهي شركة«بزغة النور»وأصحابها من الجنسية العُمانية، ومصدر آخر يُدعى هيثم الرفاعي «أبو ليث» سوري الجنسية، إضافة إلى حوالات شخصية إلى حسابات«الخياط»أحدها بمبلغ 45 مليون ريال ولمرة واحدة من علي الرحيمي وهو السكرتير الشخصي لأمير قطر.وأوضح سيد أحمد في كتابه، أنه من خلال مراقبة بريد الشركات المتعاملة مع«الخياط»، تم اكتشاف أن جزءاً من المبالغ التي تصل إلى حسابات«الخياط» يتم تحويل قسم منها أسبوعياً إلى حساب الدكتورة محاسن الخياط في إسطنبول «بنك غرانتي» وإلى حساب شخص يُدعى عبد السلام الرفاعي في بنك«اكا أنطاكيا»، إضافة إلى مبالغ تسحب من الدوحة عبر شيكات تودع في حساب شخص لبناني يُدعى روني جانا لرمادي، اكتشف فيما بعد من خلال المراسلات الإلكترونية، أن«الخياط»وطيارة بمساعدة ضابط تركي في أمن المطار، كان يدخل الأموال نقداً إلى تركيا عبر أتراك وسوريين إلى الحدود السورية والتركية، لشخص يُدعى«أبو مؤمن»وهو يعمل على شراء السلاح والعتاد للجيش السوري الحر. مئة مليار دولار خسائر سوريا ويقدر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، الدكتور جمال زهران، حجم ما خسرته سوريا بما لا يقل عن مئة مليار دولار، إضافة إلى مئات الآلاف من أبنائها الذين راحوا ضحايا للصراع، فضلاً عن نزوح الملايين من السوريين إلى خارج سوريا بفعل الحروب والصراعات جرّاء تدخلات قطر في شأنها الداخلي، ودعمها لجماعات إرهابية مسلحة ترغب في إسقاط نظام الحكم بالقوة، وخاصة «جبهة فتح الشام» وتنظيم «داعش» وبعض فصائل المعارضة الأخرى.وأضاف زهران أن قطر تنفذ مشروع«صهيو- أمريكي» لتقسيم المنطقة في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد، لهذا استخدمت جماعات مناوئة لنظام الحكم في سوريا، وأمدتهم بالدعم المالي والعسكري والتدريب، وعاد زهران بالذاكرة إلى ما قبل الأحداث في سوريا قائلاً: إن ما ذهبت إليه سوريا من صعودها نحو الاكتفاء الذاتي، وخلو موازنتها من أية ديون خارجية بما فيها الديون العسكرية، فضلاً عما شهدته من نهضة داخلية كونها كانت عصية على التطبيع المجاني، دفع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلى إحداث القلاقل داخل سوريا، عبر وسطاء كان في مقدمتهم قطر التي زرعت مزيداً من الفتنة وسكبت الزيت على النار حتى يتم تدمير سوريا عبر دعمها المادي والمعنوي لفصائل معارضة، وقيامها بتسليح الجماعات الإرهابية.غير أن زهران قال إنه رغم الخسائر الفادحة في المال والقوة البشرية إلا أن سوريا حققت انتصارات عدة على الصعيد الاستراتيجي، فقد فشلت محاولات تقسيمها، وتمكنت سوريا من الحفاظ على الدولة الوطنية. راعية التنظيمات المتطرفة ويقول المحلل السياسي، أحمد بهاء الدين شعبان، إن قطر منذ عقود وهي ترعى تنظيمات متطرفة مثل: جماعة«الإخوان»و«طالبان»و«جبهة فتح الشام» في سوريا، وتقوم بتمويل تلك التنظيمات وتدعمها، وفي عام 2013 كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن تورط قطر في تقديم دعم لتنظيم«القاعدة»بمبلغ 600 ألف دولار عن طريق عبد الرحمن النعيمي، وقدمت دعماً مالياً وسياسياً وإعلامياً ل«جبهة فتح الشام»الموالية لتنظيم«القاعدة».وأضاف شعبان، أن أمير قطر أشرف بنفسه على تدمير سوريا؛ وذلك من خلال«جبهة فتح الشام»؛ حيث طلب من قادة «جبهة فتح الشام»تدمير مدينة حلب، وأشار إلى أنه وفق معلومات مؤكدة أن قادة«جبهة فتح الشام» ذهبوا إلى قطر والتقى بهم تميم، وطلب منهم الصمود في حلب، وألا ينسحبوا وأن يستمر صمودهم إلى النهاية، وأكد لهم أن قطر تضغط على واشنطن حتى تمارس ضغوطها على روسيا ليتم لجمها، وقال لهم نصاً:«قاتلوا حتى النهاية، ولا تنسحبوا من أمام بشار، ولو كلفنا الأمر 30 أو 50 مليار دولار سندفعها لأمريكا للضغط على روسيا». الأمر الذي يؤكد الدور التخريبي الذي تمارسه قطر لتدمير سوريا.وقال شعبان: إن قطر مدت جماعات العنف في سوريا؛ بهدف الاستمرار في تدمير سوريا عبر أشخاص وجمعيات خيرية كانت تقوم بجمع تبرعات ويتم توجيهها إلى تلك الجماعات وفي مقدمتها«جبهة فتح الشام» ومع مرور الوقت تتأكد الشبهات التي كانت تحوم حول قطر ودورها وارتباطاتها المشبوهة التي تكشفت عبر سلسلة علاقات سرية؛ حيث سبق للعميد حسام العوال مسؤول استخبارات بالجيش السوري الحر الحصول على 600 ألف دولار من عبد الرحمن النعيمي. تأجيج الصراعات بالمنطقة ويقول السفير سيد أبو زيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قطر تلعب أدواراً تدميرية ليس في سوريا فقط فهي تنتهز فرصة أية خلافات في المنطقة لتقحم نفسها طرفاً في تلك الخلافات؛ بهدف تأجيج الصراعات والدخول في حروب التفتيت وتخريب المنطقة، والظهور بمظهر الدولة المؤثرة في المنطقة ذات الدور الكبير، وأضاف أبو زيد، أن قطر لن تتنازل عن دعمها للإرهاب وتقديم الدعم المادي واللوجستي في نزعة شريرة تمكنت من النظام القطري منذ وصول الأمير حمد الأب إلى سدة الحكم في انقلاب على والده، وقال أبو زيد: إنه أثناء عمله مساعدا لوزير الخارجية أكد له بعض الدبلوماسيين الأمريكيين، أن حمد الأب أثناء أول زيارة له إلى واشنطن كان حديثه يمضي نحو تخريب العلاقات المصرية الأمريكية وتقليب العالم عليها.ويقول الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عبد العليم محمد، إن قطر تستغل ثرواتها الطائلة من الغاز الطبيعي لتدمير سوريا، وأشار إلى أنه في عام 2009 شهدت العاصمة السورية دمشق قمة فرنسية تركية قطرية سورية، وطرح قادة الاجتماع على الرئيس الأسد حينها إقامة خط أنابيب لنقل الغاز القطري إلى تركيا عبر الأراضي السورية ومنها إلى أوروبا، وتم رصد مبلغ 10 مليارات دولار لتنفيذ الخط في 1500 كلم؛ حيث يمر بالأراضي السعودية ثم المملكة الأردنية إلى سوريا وتركيا.وأضاف محمد، أن قطر تهدف من هذا المشروع الذي يشكل لها أهمية قصوى إلى زيادة حجم صادراتها من الغاز، ومنافسة الاحتكار الروسي لتوريد الغاز لأوروبا، لاسيما أن روسيا تعتبر تصديرها للغاز إلى أوروبا ووقف ضغط سياسي على دول غرب أوروبا وحلف شمال الأطلسي خاصة أن دول غرب أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 80 % من احتياجاتها الفعلية، إضافة إلى أن قطر آنذاك كانت ترغب في تحرير حليفتها تركيا من استيراد الغاز الإيراني، فضلاً عن منح «إسرائيل» فرصة استراتيجية لتصدير الغاز هي الأخرى إلى أوروبا، ولفت إلى أن أنابيب الغاز الطبيعي كانت محركاً للمخططات القطرية في تدمير سوريا.
مشاركة :