المدرب الأسطورة هيتسفيلد يودع الملاعب بعد خروج سويسرا

  • 7/3/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عندما فتحت باب غرفة الملابس الخاصة بالمنتخب السويسري كانت قد انقضت ثلاثون دقيقة على نهاية المباراة التي أقيمت في ملعب أرينا دي ساو باولو. وقد خرج منها المدرب أوتمار هيتسفيلد وعلامات المعاناة بادية على وجهه، حيث أنه تنفس عميقاً قبل أن يوجه نظره بجمود إلى الأمام. إنه يعرف ما ينتظره الآن لكنه ومع ذلك وقف بكل ود واحترام أمام الكاميرات والصحفيين الذين كانوا في انتظاره. وخلال حديثه إغرورقت عيناه بالدموع وبدا من الصعب عليه مواصلة الكلام إذ اضطر في الكثير من الأحيان للتوقف والتقاط الأنفاس. ولقد كانت الأيام أو الساعات الأخيرة صعبة للغاية على المستوى العاطفي بالنسبة لهذا الرجل الذي يعتبر من أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم العالمية. ولم يكن هدف المباراة الوحيد الذي سجله آنخل دي ماريا في الدقيقة 118 يعني فقط خروج سويسرا من منافسات كأس العالم البرازيل 2014 لكنه كان يعني أيضاً نهاية مشوار هيتسفيلد. علاوة على ذلك، كان ابن الخامسة والستين قد تلقى عشية المباراة صدمة قوية بوفاة أخيه الذي كان قريباً منه جداً في وطنه. غير أن هيتسفيلد وبالرغم من الحزن الذي لم يستطع إخفاءه تمكن من استجماع قواه وأرسل إلى أرض الملعب فريقاً كان قاب قوسين أو أدنى من إقصاء منتخب الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي الفائز بجائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم أربع مرات من البطولة. كان قد توصل للتو برسالة نصية من جوزيف بلاتر رئيس الفيفا تقول: "عزيزي أوتمار، يمكنك النظر إلى مسيرتك بفخر كبير. شكراً لك على ما قدمته للعبة" كانت مباراته الأخيرة على قدر كبير من التشويق والإثارة. وكان هيتسفيلد قد تابع كل المباراة تقريباً من الجانب الأيسر للمنطقة الخاصة بالمدرب حيث أبقى معظم الوقت يديه مشتبكتين لكنه كان دائماً يحاول تحفيز فريقه وتنظيم صفوفه. كما حاول أيضاً قبل وأثناء فترة الراحة ما بين الشوطين الإضافيين التحدث إلى لاعبين وتوجيههم إذ بدا كما لو أنه كان يعلم أنه وجد الوصفة الفعالة للإجهاز على هذا الخصم، وهو أمر لطالما ميز بشكل خاص مساره التدريبي. كان ابن مدينة لوريش الألمانية معروفاً بمعرفته التكتيكية الواسعة. فهو يستعد بكل اجتهاد ومثابرة لكل خصم يواجهه. وقد وصفه ميشيل بونت الذي رافقه لسنوات طويلة كمساعد لدى المنتخب السويسري . وقد عمل ميشيل منذ ست سنوات إلى جانب هيتسفيلد وهو معجب كثيراً بالجنرال حيث أوضح بالقول "إنه شخصية عظيمة. ولديه فلسفة حياة رائعة تحتل فيها كلمة الإحترام مكانة هامة. كما يمنح لاعبيه الكثير، وهم دائماً ما يقولون أنهم لم يسبق لهم أن عاشوا تجربة كهذه." وهو ما يؤكده لاعبو فريقه أيضاً، فقد أفصح هاريس سيفيروفيتش مثلاً بخصوص مدربه خلال حديثه للصحفيين "إنه إنسان جيد للغاية ونحن جميعا نكن له احتراما شديدا. حتى عندما يبقيني على دكة الاحتياط أقول في نفسي دائماً أنه يعرف ماذا يفعل. إننا ندين له بالشيء الكثير. لقد نجح في إحداث التغيير وتمكن من بناء الفريق بنا نحن اللاعبين الشباب." ويعود الفضل لهيتسفيلد في تأهل سويسرا إلى مباراة دور الستة عشر هذه. فقد تمكن منذ عام 2008، عندما رحل عن المنتخب لاعبون كبار مثل أليكسندر فراي، من تكوين فريق جديد. إن جميع اللاعبين بدون استثناء يكيلون المديح والثناء للمدرب "جوتمار" كما تلقبه وسائل الإعلام أيضاً. وفي جميع الأحوال يعتبر من المنطقي أن ينتهي مشواره التدريبي اللامع والحافل بالإنجازات بمواجهة تاريخية من هذا النوع. وأكد بكل إيجاز خلال المؤتمر الصحفي قائلا "انتهى الآن عملي كمدرب وأنا فخور بمسيرتي." وبإمكانه أن يشعر بالفخر خاصة إذا ألقينا نظرة على محطاته التدريبية ونجاحاته العظيمة. ومباشرة بعد نهاية مسيرته الإحترافية كلاعب تحول عام 1983 لمزوالة مهنة التدريب. وبعد تنقله عبر آراو وزيوريخ تمكن من قيادة كل من بوروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ قبل أن يتولى في نهاية المطاف عام 2008 الإشراف على الإدارة الفنية لمنتخب سويسرا. وكان قد توّج بالبطولة السويسرية مرتين وبلقب الدوري الألماني سبع مرات وأحرز كذلك كلاً من لقب دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية في مناسبتين وأينما حل ترسخ اسمه في الذاكرة. ولغاية اليوم ترفع بانتظام لافتة "أوتمار هيتسفيلد، أنت الأفضل" في معقل العملاق البافاري في مدينة ميونيخ. وقد ترك هيتسفيلد خلفه بكل تأكيد إرثاً كروياً عظيماً حيث علّق جرانيت شاكا في هذا السياق قائلاً " قام ببناء فريق رائع ما زال بإمكانه التألق وتقديم الفرجة الكروية في السنوات القادمة." ثم أردف جوزيب درميتش بالقول "لقد قام بعمل عظيم!" لم يصبح هيتسفيلد محبوباً من طرف الجميع بفضل نجاحاته الكبيرة فقط لكن أيضاً من خلال بعض العلامات التي كانت تميزه، وهنا يستحضر المرء في الغالب المعطف الطويل الذي كان يحمله في معظم الأحيان عند حضوره على جانب المستطيل الأخضر. وحتى مساعده يتذكر تلك الفترة الذي اشتغل فيها إلى جانبه فقد أوضح بونت بقوله "عندما أعود بذهني إلى الوراء أستحضر الكثير من اللحظات الفريدة. لكن ما كان يبهرني أكثر هو أنه كان يقوم دائماً بتدوين كل شيء. ولم يعمل أبداً بالتقنيات الحديثة. فقد كان يحمل معه على الدوام قلم الرصاص ومذكرة حيث كان يقوم بتحليل وتدوين كل شيء." وبعد نهاية المباراة لم يكتب هيتسفيلد أي شيء. فبعد العديد من الحوارات تقدم بخطوات هادئةً تاركاً خلفه الكاميرات بعينين دامعتين ليدخل الغرفة ويختفي عن الأنظار من جديد. وفي الطريق إلى هناك كان بالإمكان مشاهدة مدرب عظيم يرحل عن الساحة الدولية، وبرأس مرفوعة رغم الضربات الموجعة التي تعرض إليها في الأيام الأخيرة. وداعاً يا أوتمار العظيم! normal 0 false false false en-us x-none ar-sa /* style definitions */ table.msonormaltable {mso-style-name:"tableau normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; }

مشاركة :