وصف محللون سياسيون خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بالمتميز والمتزن والعقلاني، وأكدوا أن الخطاب أخلاقي من الدرجة الأولى، وأعاد التركيز على سيادة دولة قطر، والتمسك بالدبلوماسية، التي انتهجتها الدولة خلال أزمة الحصار وما قبلها من أزمات.وأضافوا في حديثهم لـ «العرب» أن الخطاب شرح لدول الحصار أسباب فشل حصارهم لقطر، وأن القضية الفلسطينية لا تزال في صدارة اهتمام السياسة القطرية، رغم أجواء الحصار القائم حالياً، بما يثبت أن صاحب السمو يدافع عن القضايا الأساسية للأمة العربية والإسلامية. وقال الدكتور جمال عبد الله الأكاديمي في جامعة أكسفورد، والخبير في الشؤون الخليجية، إن الخطاب اتسم بالاتزان والعقلانية، وتميّز بتنوع الرسائل، للداخل القطري، وللمحيط الخليجي والإقليمي والدولي.. كما ركز على أن مبادئ السياسة القطرية ثابتة لن تتغير بتغير الأشخاص أو الوقت، بالإضافة إلى رفض أيه مطالب أو إملاءات تمس السيادة. وأشاد عبد الله بما ورد في الخطاب من تركيز على وقفة المقيمين بجانب دولة قطر في الأزمة، ورقي أخلاق الشعب القطري، ولفت إلى أن الخطاب كان يحمل درساً في احترام الشعوب، وعدم الإضرار بمصالحهم، وإقحامهم في الخلافات السياسية بين الحكومات. وأضاف عبدالله: الخطاب تضمن رسائل تشجيعية لرواد الأعمال، وضرورة المضي قدماً نحو الاستثمار في المجال الاقتصادي والعنصر البشري، فضلاً عن ذكر الانعكاسات الإيجابية للحصار بمقولته «رب ضارة نافعة». وأوضح أن خطاب صاحب السمو لم ينسَ القضية الفلسطينية والدفاع عن الأقصى، ويكفي أن قطر الدولة العربية الأولى التي عبرت بشكل واضح عن رفضها لما يفعله الاحتلال الغاشم بالمسجد الأقصى، وهذا ليس بجديد على دولة قطر. من جانبه، قال الدكتور حواس تقية، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، إنه يمكن تقسيم خطاب صاحب السمو إلى محاور مهمة، يمكن تلخيصها في تأكيده على إفشال مخطط مصادرة استقلالية دولة قطر، بفضل تكاتف الشعب القطري والتزامه الأخلاقي، وأن الحصار فرصة لتقوية المجتمع القطري أكثر، لردع أية محاولة قادمة للسطو مجدداً على السيادة واستقلالية قطر. وأضاف أن صاحب السمو ركز على سوء تقدير دول الحصار لقوتها ولقوة قطر والسياق الدولي في أزمة الحصار، وذكر أن التضليل والمال يجعلهم يفرضون عزلة خانقة على قطر، ولم يقدروا جيداً صلابة البنية القطرية، ومناعة الرأي العام الدولي لعمليات التضليل، لأنه يحصل من مصادر أخرى على المعلومات الحقيقية، وقال «إن صاحب السمو أوضح للمحاصرين أسباب فشل حصارهم لقطر». ولفت تقية إلى اعتبار صاحب السمو أزمة الحصار فرصة لتقوية المناعة الوطنية في وجه أية محاولة قادمة لمصادرة الاستقلال الوطني، أو الوصاية على السيادة الوطنية، منوهاً بما ذكره من إجراءات لتحقيق التنمية الاقتصادية، بالاعتماد على الاستثمار، والقضاء على الاحتكار، والشراكة الدولية، وبإنشاء صندوق للأجيال القادمة من الدخل الناتج عن الحقول الجديدة للطاقة. من جانبه، قال محمود الرنتيسي، الباحث السياسي في مركز سيتا بتركيا، إن بداية خطاب صاحب السمو اتسمت بالنهج العقلاني في إدارة الأزمة، ومراعاة الأعراف والتعامل الأخلاقي، وهو ما تميزت به قطر، فلم ترد بالمثل على الدول التي حاصرتها، ولم تقم بإجبار مواطني الدول الأخرى على مغادرة قطر. وأضاف: بالرغم من تأكيد الخطاب على الحوار إلا أنه لم يغفل عدم صوابية ما قامت به دول الحصار من اتهامات ومحاولات تشويه، وعزل عن الساحة الدولية. ولفت الرنتيسي إلى أن الخطاب أكد أن قطر ما بعد الحصار ستكون أقوى وأكثر عزماً على المضي في سياستها، ويمكن التعرف على هذا من جملة ذكرها صاحب السمو «لم يعد من الممكن العودة إلى الخلف»، ولعل هذا سيكون له انعكاسات إيجابية على كل الجهات التي لها علاقات جيدة مع قطر. ويمكن القول إن هذا الخطاب يعد إعلاناً لتجاوز قطر الأزمة بشكل كبير، وأوضح أن الخطاب كان بمثابة درس في القيم والأخلاق للدول التي قامت بالحصار. وأضاف: أن تضمن الخطاب الحديث عن المسجد الأقصى قدم دليلاً على أن صاحب السمو زعيم صاحب قضية، ويهتم بأمور الأمة العربية والإسلامية، ولا ينشغل فقط بشؤونه ومصالح بلاده فقط.;
مشاركة :