شارك من خلال تويتر فيسبوك جوجل بلس اكتب رأيك حفظ لم تكن فرحة عيد الفطر هذا العام حاضرة كعادتها في كل عام لدى سكان الكيلو 11 بحي المنتزهات جنوب شرق جدة، فقد بدأت ملامح الحزن المبطن تظهر من بين أعينهم وبالتحديد في صباح أول أيام عيد الفطر، إذ افتقد سكان الحي الشاب إبراهيم حسين الجعفري الذي دأب عدة أعوام مضت على التكفل بإعداد سفرة الإفطار بعد أن لقي وجه ربه تعالى في حادث سير على طريق الحرمين في شهر ذي القعدة الماضي. وكان الشاب الجعفري معلم التربية البدنية يرفض في كل عام مشاركة الأقارب أو الجيران أو حتى أصدقاءه معه في دفع شيء من تكاليف لوازم سفرة إفطار أول أيام عيد الفطر المبارك التي تمتد لعشرات الأمتار، وذلك طمعا منه في نيل الأجر المتمثل في جمع شمل سكان الحي على سفرة واحدة لتبادل التهاني بعيد الفطر وتناول الأكلات الشعبية المتنوعة التي يحضرها الجيران من سكان الحي من منازلهم، إذ كان يتكفل بتوفير الفرش ومياه الشرب والعصيرات ومياه الغسيل والصابون، إضافة إلى وجبة من منزل والده وإشرافه المباشر سنويا على تجهيز السفرة وتنسيقها في لفتة رائعة من شاب كان همه الوحيد هو مشاهدة الألفة والابتسامة والترابط الأخوي بين السكان والجيران. حسين الجعفري والد إبراهيم رحمه الله لم يخفِ -رغم رباطة جأشه- حزنه الشديد وهو يفتقد فلذة كبده في أول عيد فطر، داعيا المولى أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، وأفاد بأن إبراهيم كان يرفض دعمه المالي له بخصوص تكاليف إعداد سفرة الإفطار، مبينا أنه «عندما يعلن عن انتهاء شهر الصوم يشرع في استئجار السجاجيد وشراء السفرة وما يلزمها من الملاعق والسكاكين ومياه الشرب واستئجار خزانات الغسيل والعصائر وغيرها، مع إشرافه التام فور عودته من أداء صلاة العيد على إعدادها رغبة منه في اجتماع عشرات الرجال والأطفال من سكان الحي والجيران والأقارب على سفرة واحدة وهي عادة درج على تكرارها عدة أعوام ووجدت قبولا كبيرا لدى الجيران، وفي هذا العام أصررت على إكمال ما كان يفعله إبراهيم رحمه الله». غرمان العمري من سكان الحي قال بتمتمات مسكونة بالحزن: «كان الفقيد شابا خلوقا تعودنا منه في كل عام أن يستقبلنا في الشارع الواقع أمام منزل والده بالابتسامة والعبارات الراقية والتهاني بالعيد، حيث كلما أردنا أن نخفف عنه التكاليف ونشاركه في إعداد سفرة الإفطار، يرفض ذلك بلباقة وروعة اعتذار طالبا من الجميع الكف عن تكرار موضوع المشاركة، مؤكدا لنا دوما أن اجتماعنا سويا على سفرة واحدة هو أكبر دعم له». محمد مهلهل ذكر أن الراحل أرسل له رسالة قبل يوم من وفاته رحمه الله يقول مهلهل: «في عصر يوم جمعة من شهر ذي القعدة العام الماضي أرسل لي إبراهيم رسالة يطلب فيها الدعاء له ومسامحته وأن يجمعني به الله في جنة النعيم، وفي صباح اليوم التالي سمعت بخبر وفاته رحمه الله فوقع علي النبأ كالصاعقة فقد كان شابا يقدر معنى كلمة الجار بحذافيرها ولم يكن عيد الفطر هذا العام ناقصا بسبب رحيل من تعودنا أن نجده أمامنا يستقبل بتفاؤل ومحبة السكان والجيران وقد جهز لهم سفرة بكافة لوازمها مع وجبة دسمة ليضعوا عليها وجبات الإفطار في مشهد درجنا على اعتياده وعيش لحظاته أعواما عديدة». سعيد غرمان من أصدقاء الفقيد ذكر أنه أثناء مراسم العزاء إبراهيم قام أحد الشباب من المشرفين على حلقات تحفيظ القرآن بقوله: «طالما رحل إبراهيم فأريد أن أخفف عنكم حزنكم عليه فقد كان يتكفل بقيمة جوائز مسابقة تحفيظ القرآن في جامع ابن محفوظ، كما كان كافلا لبعض الأيتام ومصلحا ساهم بفعالية في إتمام صلح بين عدد من المتنازعين، وذلك يبشر بأنه شاب صالح وسيجد أعماله الجليلة تنتظره في صحيفته فهنيئا لوالديه به رحمه الله».
مشاركة :