انقطاع التيار الكهربائي يتصدر مشهد حياة مواطنو قطاع غزة

  • 7/23/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعد مواجهة تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء الشغل الشاغل لغالبية سكان قطاع غزة الفلسطيني في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من تداعيات الأزمة على المس بالخدمات الأساسية الرئيسية.  وعمد مستثمرون محليون في غزة مؤخرا إلى إطلاق مشاريع شراء مولدات كبيرة عالية الإنتاج لإنشاء شبكات توزيع كهرباء في الأحياء السكنية بمقابل مادي كبديل عن أزمة انقطاع الكهرباء المستمرة منذ سنوات. وانتشرت مثل هذه المشاريع في أحياء مدينة غزة المكتظة بوصفها حلولا مجدية للعائلات بتزويد منازلهم بالكهرباء طوال ساعات الانقطاع من شركة التوزيع رغم ما يتكبدون في سبيل ذلك من أعباء مالية إضافية.  ويشير سعد الدين حسان أحد القائمين على مشروع مولد كهربائي كبير الحجم في غرب مدينة غزة، إلى أنهم بادروا للمشروع منذ ثمانية أشهر وسرعان ما تلقوا عشرات طلبات الاشتراك من منازل سكنية ومحلات تجارية خلال وقت قياسي. ويوضح حسان أن المشروع هو استثمار لثلاثة تجار اشتروا مولدا كهربائيا بطاقة إنتاج عالية بقيمة تزيد عن مبلع مائة ألف دولار أمريكي لتوفير إمدادات آمنة لخطوط الكهرباء إلى المنازل والمحلات. ويفيد بأنهم أسسوا نظاما يقوم على تركيب عداد مع كل خط اشتراك ليكون الفيصل بين القائمين على المشروع والمواطن المستقبل لخدمة الكهرباء على أن يتم احتساب الطاقة الكهربائية المقدمة لكل كيلو وات بمبلغ 4 شواقل إسرائيلي (نحو دولار أمريكي). ويعتبر حسان أن المبلغ المذكور لا يعد كبيرا بالنظر إلى تكاليف شراء المولد وإمدادات الخدمة وكميات السولار اللازمة لتشغيل المولد على مدار الساعة إلى جانب مصاريف الصيانة الدورية اللازمة لضمان عمل المولد. وينظر الكثير من سكان غزة خاصة المشتركين في هذه المولدات إليها على أنها حلا جزئيا لمشكلة الكهرباء وتوفر لهم طاقة أفضل وأوفر من بدائل أخرى مثل المولدات الصغيرة أو بطاريات اللدات سريعة العطل. ودفعت سنوات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سيطرة حركة "حماس" الإسلامية على الأوضاع فيه منتصف عام 2007، إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة خاصة انقطاع التيار الكهربائي. ويقدر الخبير الاقتصادي ماهر الطباع بأن سكان قطاع غزة دفعوا أكثر من مليار ونصف دولار خلال 10 سنوات من أزمة انقطاع الكهرباء لتوفير الطاقة البديلة للكهرباء، وهو مبلغ كان كفيلا ببناء خمس محطات لتوليد للكهرباء. وينتقد الطباع مشاريع المولدات ذات الإنتاج العالي في الأحياء كونها -على الرغم من أنها تقدم بديلا جيدا للسكان عن انقطاع الكهرباء- ذات تكاليف اشتراك مرتفعة ما يجعلها نموذج لاستغلال الحاجة الماسة للكهرباء. ويوضح أن كهرباء المولدات تباع للسكان بمبلغ 4 شيقل لكل كيلو وات في حين أن ثمن الكيلو من شركة الكهرباء لا يزيد على نصف شيقل للاشتراك المنزلي العادي، وبالتالي فإن مشاريع المولدات ذات الإنتاج العالي تصبح في إطار استغلال الأزمة لجمع المال فقط. ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 500 ميجاواط، فيما ما يتوفر حاليا 210 ميجاواط فقط يتم توريد 120 منها من إسرائيل، و30 ميجاواط من مصر، والبقية تنتجها محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة. لكن خلال الأشهر الأربعة الأخيرة تفاقمت أزمة انقطاع الكهرباء لمدة تزيد عن 20 ساعة يومياً ما حول حياة سكان قطاع غزة في منازلهم وأماكن عملهم إلى جحيم، وحرمهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في ظل ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة في أجواء القطاع. ويقول مختصون فلسطينيون إن تفاقم أزمة الكهرباء أدى إلى تدهور متسارع في مستوى كافة الخدمات الأساسية خاصة الخدمات الصحية، وخدمات صحة البيئة، بما فيها إمدادات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وأدى كذلك إلى تدهور غير مسبوق في عمل المنشآت الصناعية والتجارية، وتسبب في مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع . وتفاقمت أزمة الكهرباء في أعقاب طلب السلطة الفلسطينية من الحكومة الإسرائيلية تقليص إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة، وتخفيض مدفوعاتها الشهرية المخصصة لدفع فواتير إمدادات الكهرباء من إسرائيل التي خفضت بدورها كمية الطاقة الكهربائية بنسبة 41.6%.، وعليه تراجعت كمية الطاقة الكهربائية الواردة من الخطوط الاسرائيلية إلى قطاع غزة إلى 70 ميجا وات بعد أن كانت 120 ميجا وات، وتزامن ذلك مع توقف محطة الكهرباء عن العمل بسبب نفاد كميات الوقود اللازم لتشغيلها. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة تقليص خدماتها التشخيصية والمساندة بسبب تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء والنقص الحاد للوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات. وأفاد الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة، أن منحة الوقود المخصصة لتشغيل مولدات المستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة قاربت على النفاد، ومن شأن ذلك الانعكاس سلباً على الأوضاع الصحية، ويؤدي إلى توقف عمل 40 غرفة عمليات جراحية، و11 غرفة عمليات نساء وولادة، إضافة إلى توقف 50 مختبرا طبيا و10 بنوك دم. وحذر القدرة كذلك من تداعيات الأزمة على الحالة الصحية لمرضى أقسام العناية الفائقة، وحضانات الأطفال، وأقسام غسيل الكلى. ونوه إلى أن الأزمة تؤثر على سلامة مئات الأدوية الحساسة، والمواد المخبرية، والتطعيمات المحفوظة في الثلاجات إضافة لتأثيرها على أقسام الطوارئ في المستشفيات وحرمان المرضى من الخدمة الصحية الآمنة لهم. كما انعكست أزمة الكهرباء سلباً على تقديم الحد الأدنى من خدمات المياه والصرف الصحي للمواطنين في القطاع، وباتت تخلق أزمات كبيرة في إمدادات مياه الشرب وانقطاعها لفترات طويلة تجاوزت أربعة أيام عن العديد من المناطق، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وضخها إلى البحر من دون معالجة. وقال مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة في غزة بهاء الدين الأغا إن 50 % من شواطئ بحر القطاع باتت ملوثة بفعل ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إليها. ونبه الأغا إلى خطر وصول نسبة تلوث شاطئ بحر غزة إلى 70% في ظل اشتداد أزمة الكهرباء، موضحا أن نسبة التلوث العالية في بحر غزة تجعله غير مؤهل للاستجمام والسباحة ويهدد سكان القطاع بعدد من الأمراض. كما أكد الأغا أن تصريف مياه الصرف الصحي بدون معالجة قد يتسبب أيضاً بتلوث خزان المياه الجوفية الرئيسي الوحيد لسكان القطاع كمصدر للمياه. في الوقت ذاته أدى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة إلى تدهور العمل في المنشآت الاقتصادية التي تعتمد في آلية انتاجها على الطاقة الكهربائية، وأدى ذلك إلى مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع. ويقول مسؤولون محليون في غزة إن القطاع التجاري يشهد ركوداً حاداً بسبب ضعف القوة الشرائية ونتيجة الأعباء المالية التي يتحملها أصحاب المتاجر للصرف على وسائل الكهرباء البديلة. وعلى صعيد القطاع الصناعي أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وانخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع، ونجم عن ذلك توقف العمل في عشرات المصانع الموسمية لهذا الصيف بشكل كامل خاصة في صناعة المثلجات والعصائر. ;

مشاركة :