إمام وخطيب المسجد الحرام : جوهر الصيام و فحواه ولبه ومغزاه تحقيق تقوى الإله سبحانه وتعالي 07-04-2014 02:50 PM (ضوء):أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن جوهر الصيام و فحواه ولبه ومغزاه تحقيق تقوى الإله سبحانه وتعالي. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم يدرك المكلفون إن الصيام إنما شرع لمقاصد عظمى وأحكام جلى بها يجدد المسلم شيمه التعبدية المحمودة ويعاود إنبعاثاته في الخير المعهودة فيترقى في درجات الإيمان وينعم بصفات أهل البر و الإحسان حيث لم يقف الشارع الحكيم عند مظاهر الصوم وصوره من تحريم تناول المباحات والطيبات فحسب بل إنما عمد إلى سمو الروح ورقي النفس وحفظها و تزكية الجوارح والصعود بها من الدرك المادي إلى أفاق السمو الروحي والعلو الإيماني وبين الشيخ السديس أن فريضة الصيام جاءت لتحقيق المصالح و تكميلها ودرء المفاسد وتقليلها كما تحققت فيها الضرورات الخمس واليسر ورفع الحرج ولهذا جاء هذا المقصد العظيم في ثنايا آيات الصيام كما اختص الله عزوجل هذه العبادة دون سائر العبادات من حيث نسبتها إليه . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام تبرز مقاصد الصيام في حفظ الدين و تحقيق التقوى التي هي الغاية القصوى والهدف الأسمى من فرض الصيام وكذا في المحافظة على العبادات وتلاوة القرآن والذكر والدعاء والاعتكاف كما تتجلى مقاصده في حفظ النفس و حبسها عن الغرائز والشهوات وانبعاثها في الطاعات وفي حفظ العقل وكبح جماحه بتضييق مجاري الشيطان وكسر سورته وإزالة الهواجس والأوهام وفي حفظ العرض بالكف عن الغيبة والنميمة والبهتان وفي حفظ المال بالبذل و الإنفاق وعدم الإسراف والتبذير و الإحسان إلى الفقراء والمساكين والمنكوبين . وأكد ان مقاصد الصيام لا تتحقق وتنعقد مراشده إلا بإتباع هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم داعياً إلى تقوى الله والتراحم والتسامح والتصافح والتصالح وتحقيق مقاصد الصيام قولا وعملا وقال رمضان فرصة لاستشعار المعاني السامية التي قصدها الدين الإسلامي والتأسي برسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا الشهر العظيم و التمسك بنهجه القويم و الاعتصام بحبل الله المتين و الاحتكام إلى شريعته وبيان محاسنها والدفاع عن مبادئ الإسلام . وأوصى الشيخ السديس المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها بان ينعموا بهذا الشهر الكريم ويعملوا فيه على إعزاز قيم التسامح و الاعتدال و التراحم فيما بينهم ولعله بإذن الله ومنه وكرمه يكون تثبيتا لوحدة الأمة الإسلامية وترسيخا لدعائم الأمن و الاستقرار لهذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين القوية بعقيدتها ووحدة أبنائها وتلاحم رعاتها ورعيتها مما تتهاوى أمامه بإذن الله سهام الحاقدين و تدحر من جرائه مزايدات دعاة الفتنة والحاسدين ويحفظ فيه وطن التوحيد و الوحدة وتصان مقدرته ومكتسباته. وفي بالمدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن اللذة التي ينالها العبد في طاعته ومناجاته وعباداته لربه عز وجل, والتي تغلف القلب بالطمأنينة والفرح والبهجة, وتزيل عنه الكدر والهم الذي تجلبه المعاصي والآثام. وعدّد فضيلته في خطبة الجمعة اليوم الطاعات والعبادات التي يشعر المؤمن الذي يداوم على أدائها بحلاوة الإيمان, وقال يتلذذ الناس بما يتلذذون به, ويستمتعون بما يستمتعون به, غير أن تلك الملذات زائلة فانية, بل منها ما ينقلب إلا حسرات, واللذة الحقيقية هي اللذة المعنوية, لذة القلوب, لذة العبادة, التي تجعل المسلم في أعلى درجات السعادة واللذة. واستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد رسولا، مذكراً بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم, من أن للإيمان طعماً, يذوقه القلب كما يذوق اللسان طعم الطعام والشراب, مستدلاً بالحديث الذي رواه أنس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال, ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي أن للإيمان حلاوة ولذة, يسعد بها القلب, وتطمئن النفس, وتأنس الروح, وبها يجني العبد الثمار الحقيقية, والسعادة الأبدية, وبهذه اللذة يصلح القلب, ويفرح ويسر ويطيب ويطمئن ويسكن, وأن لكل ملذوذ في الدنيا لذة واحدة, ثم تزول, إلا العبادة لله عز وجل, فإن لها ثلاث لذات, لذة كنت فيها, وإذا تذكرت أنك أديتها, وإذا أعطيت ثمرها. وقال الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي إن القلب إذا ذاق عبادة الله, والإخلاص له, لن يكون شيء قط أحلى من ذلك ولا أطيب ولا ألذ, وأن لمحبة الله والتقرب إليه بما يحب لذة تامة للقلوب, وسروراً لا ينقطع، مشيراً إلى أن أحد السلف ذكر وهو يذوق لذة العبادة والطاعة, ومتعة المناجاة لقد كنت في حال أقول فيها إن كان أهل الجنة في هذه الحال, إنهم لفي عيش طيب، وقول آخر يصف سرور القلب ونعيمه بالإيمان : لتمر على القلب أوقات يرقص فيها طرباً وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان والمعرفة، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجد راحة نفسه وقرة عينه في الصلاة, ويقول صلى الله عليه وسلم : وجعلت قرة عيني في الصلاة. وعدّد فضيلته, العبادات التي ينال بها العبد المؤمن لذة القلب, وحلاوة الإيمان, ومن بينها قيام الليل الذي يجد فيه المرء لذة لا يشعر بها إلا من وفقه الله لأداء هذه العبادة, وذكر قول أحد السلف إني لأفرح بالليل حين يقبل لما يلتذ به عيشي, وتقر به عيني من مناجاة من أحب, وأغتم بالفجر إذا طلع لما أشتغل به في النهار عن ذلك. وقال فضيلته كذلك في وصف اللذة التي يشعر بها قارئ القرآن وإن لقراءة القرآن لذة وجمال, وسرور وجلال, كلام الله يتلى على الألسن, ويطرب الآذان, تخشع النفوس, وتلين القلوب, وتسكن الجوارح خشية وخشوعاً, وحباّ وثبوراً, فلا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم, فهو لذة قلوبهم, وغاية مطلوبهم, وكيف يشقى المحب من كلام من هو غاية مطلوبه ، فقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في ذلك, لو طهرت قلوبكم لما شبعت من كلام الله. كما تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي عن ما يجده المنفق المتصدق من لذة البذل والعطاء والإحسان, مستدلاً بلذة الإنفاق التي وجد حلاوتها أبو الدحداح رضي الله عنه حين أنفق أنفس ماله, وأغلى ما لديه, وجعله في سبيل الله, ثم جاء إلى امرأته وقال يا أم الدحداح أخرجي من الحائط فإني بعته لله, فقالت ربح البيع: فخرجت من مزرعتها فرحة مسرورة, حيث أبدلها الله تبارك وتعالى أجراً جزيلاً, ولذة إنفاق, وحلاوة إيمان, جعلت القلب يرقص فرحاً وهو يبذل أغلى ما يملك. واستطرد فضيلته معدداً العبادات والطاعات التي ينال بها العبد اللذة المعنوية في قلبه, ذاكراً منهم أرباب العلم, وحراس الدين المشتغلون بالعلم وتحصيله, الذين يسهرون الليل, ويستسهلون الشدائد, لما يجدون من لذة طلب العلم, مشيراً إلى أن بعض السلف مكث أربعين سنة في تصنيف كتاب, مبيناً أن المتعلم يرتقي مدارج الفضل ودرجات الكمال بالعلم ولذته. وأشار الشيخ عبدالباري الثبيتي إلى اللذة التي ينالها العبد في الذكر الذي فيه روح وريحان, ولذلك سميت مجالس الذكر رياض الجنة, وبين أنه ليس شيء من الأعمال أخف مئونة, ولا أعظم لذة, ولا أكثر فرحة وابتهاجاً لقلب من الذكر. واستدل بقول الحق تبارك وتعالى : إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ, مؤكداً أن هذا النعيم لا يختص بيوم المعاد فقط, بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة, فأي لذة ونعيم في الدنيا أطيب من طيب القلب, وسلامة الصدر, ومعرفة الرب تبارك وتعالى ومحبته, مضيفاً أن من العقوبة والحرمان والخسران, أن يحرم العبد لذة الطاعة والعبادة, مورداً قول ابن الجوزي رحمه الله تعالى أن بعض أحبار بني إسرائيل قالوا يارب كم أعصيك ولا تعاقبني, فقيل له كم أعاقبك ولا تدري, أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي. وما أجاب به أحد السلف حين سئل أيجد لذة الطاعة من يعصي؟ فقال : ولا من همَمْ. 0 | 0 | 8
مشاركة :