متلازمة «الإسقاط النفسي» في المجتمع الكويتي

  • 7/24/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من الإضطرابات التي تصيب بعض الأفراد وتؤدي إلى سلوكيات شاذة ما يعرف بمتلازمة "الإسقاط النفسي"، وهو سلوك عدائي شاذ يظهر لمصاب ما به من مكر وخبث للآخرين لكي يبعد عن نفسه الشبهات ويعبر عن ما بداخلة من أفكار وسلوكيات منحرفة يحاول درئها بآلية نفسية سلوكية لا شعورية بأن يقوم المصاب بفن إتهام الآخرين بما يحمله هو في داخله.في الكويت نرى العديد من المصابين بهذه الأعراض تظهر واضحة وجلية في العديد من أوجه الحياة. ففي الفن مثلا، وبعد أن خرج الفن عن رعاية الدولة وأصبح تجاري يتكالب عليه البعض ممن وجدوه لقمة سائغة يتكسبون من ورائها الكثير من الأموال والشهرة على حساب القيم والمبادئ، لذلك تدنت الأعمال الفنية مؤخراً، وأصبحت موجهة ضد المجتمع الكويتي بحجة أن مثل ما يقدمونة في هذه الأعمال الهابطة موجود بالواقع... والحقيقة انهم بذلك يعكسون حالة الإسقاط النفسي الذي يمارسه بعض هؤلاء من أشباه الممثلين ليعمم معاناتهم الشخصية النفسية على المجتمع... فتمثيل البنت الساقطة وتقبل تصرفاتها المنحرفه لدى أهلها يعكس جانب كبير مما تحمله بعض الممثلات من حياتهم الشخصية... فعاهرة الحي تتمنى العهر لكل البنات حتى لا يقال عنها عاهرة.وإذا استعرضنا برامج التواصل الإجتماعي، نجد أن البعض يبث عقدة وخبثة النفسية بين أوساط المجتمع وعلى المستوى العالمي، وأصبح همهم الشاغل طرح مواضيع بحجة أنها عامة وتحدث بالمجتمع وهي بالحقيقة تعكس ما يعانون منه هؤلاء الأفراد إلى درجة أن وصل بالبعض منهم إلى استعراض أجسامهم بطريقة مبتذلة تحت مسمى "خطوط الفاشن والموضة" وهي أقرب للدعارة غير المجرمة بحجة الموضة، بل أن البعض الآخر ممن عانوا في خلال حياتهم من عقد قد تصل إلى الإعتداءات غير الأخلاقية عليهم وقاموا يذكرونها من قبيل النصح والموعظة للأهالي وفي الخفاء يمارسن ما هو أقبح مما يذكرنهن ... أو يذكرونه... فالوضع الآن في برامج التواصل الإجتماعي أصبح يستعف عنه الابتذال والمسخرة.أما واقعنا الإجتماعي، فإن المشكلة أكبر وأخطر من كونها "إسقاط نفسي"، فمهما حاول البعض أن يصور حالة من الإنسجام الوطني بين مكونات المجتمع الكويتي، فإن الحقيقة المرة تبرهن بأننا ما زلنا مجتمع يمارس الإسقاط النفسي بامتياز. لا تكذب على نفسك وتقول بأنك لست طائفي أو قبلي أولست من الدماء الزرقاء أو من الطبقة الارستقراطية، فصناديق الإنتخابات تخرج كل ما بجعبتك ولا حاجة أن تتعفف، فواقعنا لا يختلف كثيراً عن ماضينا. والحوادث التي مر بها تاريخ الكويت تبرهن صدق ما أقول، وكوني ممن عاصر حقبة الثمانينات بأدق تفاصيلها الأمنية والمفصلية والإقليمية، أدرك تماما أن ما نمر به هذه الأيام لم يكن مختلفا عن تلك الفترة، بل أن ما زاد الأمر سوءا، هي الفترة الواقعة بينهم وبالتحديد ما بعد التحرير، حيث فرض على المجتمع الكويتي التحالفات السياسية الإسلامية والتي تسببت في بروز العصبية الدينية الطائفية على اشدها، تلتها فترة من التشجيع على الالتفاف القبلي والعائلي وتكوين كيانات على مبادئ ظاهرها الوطنية وباطنها مصلحة الفكر والجماعة، فغدى حالنا اليوم أشبه بنظام مجتمعي بدائي تسيطر عليه الإختلافات العرقية والقبلية والطائفية وتهيمن عليه العائلات ذات النفوذ والمصالح المادية في المقدمة.... يقتات بعضها على الآخر مما أوجد دولة بعمر فتي وطاقة متدفقة ولكنها مشلولة القدرات... ومنهوبة المقدرات... الكلمة الفصل فيها للإنتماءات المختلفة وليس للوطنية الحقة...إن الأجيال القادمة متشبعة بكل هذه المتناقضات، وإن كانت اليوم تمارس "الإسقاط النفسي" بشكل خفي أو كما نقول "على الخفيف"، سيأتي اليوم الذي تشعل اضطراباتهم النفسية ما حولهم...وستشتعل بهم أو فيما بينهم... تحت مباركة ودعم من هيئة لها لتكون كذلك...نريد أن نكون دولة مدنية يحكمها القانون والعدل سائد ومهيمن لنتعايش بسلام...د. فوزي سلمان الخواري@dr_alkhawari

مشاركة :