أرجأ البرلمان العراقي، أمس، التصويت على مشروع قانون «حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي» بناء على طلب اللجان المعنية المقدمة لمشروع القانون، وهي «القانونية، وحقوق الإنسان، والأمن والدفاع، والثقافة والإعلام والأوقاف والشؤون الدينية».وتواجه بنود كثيرة في القانون معارضة شديدة من أغلب النشطاء ومؤسسات المجتمع المدني وبعض النواب المنتمين إلى كتل سياسية مختلفة. والتحق زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بقافلة المعترضين على بنود مشروع القانون، وأصدر أمس بياناً قال فيه: «حرية الرأي والتعبير مكفولة بالدستور ولا يحق لا للبرلمان ولا لغيره التعدي عليها، وليس للبرلمانيين التصويت على ما يرفضه الشعب، فمن أهم ما أنجز بسقوط الهدام (صدام) وقائد الضرورة، أن أعطي للعراقي حرية إبداء الرأي».ويعتقد كثير من المعترضين أن القانون بنسخته الأصلية كتب في ظل أجواء التوتر التي سادت بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وجموع المتظاهرين الذين خرجوا ضد سياساته المتشددة، وضد الفساد وضعف الخدمات في 25 فبراير (شباط) 2011. ورغم الفترة الطويلة التي طرحت فيها النسخة الأولى من مشروع القانون والتعديلات اللاحقة التي أجريت عليها، ما زال الاعتراض وعدم القبول بها من أغلب مؤسسات المجتمع المدني سيد الموقف. وتمكن بعض الناشطين من الحضور إلى مبنى مجلس النواب (أمس) للمطالبة بتأجيل التصويت على النسخة المعدلة الأخيرة.ويقول عضو المركز المدني للدراسات والإصلاح القانوني حميد جحجيح، وهو أحد الذين حضروا إلى مبنى البرلمان، لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون كتب بطريقة بوليسية، وإن النسخة المعدّلة بصيغتها الحالية أسوأ من النسخ السابقة». ويعتقد جحجيح أن المادة الجديدة التي أضيفت إلى القانون وتنص على أن «لرئيس مجلس الوزراء ولمقتضيات المصلحة العامة أو الأمن القومي منع أي اجتماع عام أو تظاهرة سلمية وإن كان بها إخطار مسبق»، هي «بمثابة إعلان حالة طوارئ، وهي مادة كارثية تقيد حرية التعبير وتصيبها بمقتل». وبرأيه فإن «الكتل السياسية بمجملها تسعى إلى الضغط على حرية التعبير ووضعها تحت سقف منخفض جداً».وتثير الفقرات المتعلقة بالحصول على إذن السلطات وتحديد وقت ومكان الاجتماع أو المظاهرة اعتراضات شديدة، إلى جانب القيود التي فرضها القانون على بعض الآراء المتعلقة بالشعائر الدينية، وتقول النائبة عن التيار المدني شروق العبايجي إن «القانون سيئ من عنوانه إلى مضمونه وحرية التعبير مطلقة ولا تحتاج إلى قانون».وكشفت عضو لجنة الثقافة النيابية ورئيسة كتلة التغيير الكردية (انتخبت أخيراً لرئاسة الكتلة)، سروة عبد الواحد، في مؤتمر صحافي عقدته في مجلس النواب، أمس، أن اللجان المعنية بتشريع قانون تنظيم التظاهر السلمي اجتمعت مع ممثلي منظمات المجتمع المدني لتعديل مشروع القانون بالشكل الذي يخدم هذا الحق الإنساني، وتم الاتفاق على صيغة معينة، لكن «التحالف الوطني (شيعي) عقدوا اجتماعاً مساء أمس (الأحد) وقاموا بتعديل بعض فقرات القانون بإضافة فقرات عقابية إضافية». وأضافت: «نرفض تلك التصرفات، وقد جمعنا تواقيع 51 نائباً بغية عرضها على رئاسة البرلمان لتأجيل التصويت على مشروع القانون»، مشددة على ضرورة «التوافق على القانون داخل اللجان المعنية وليس تمريره بهذا الشكل». واعتبرت أن «من جملة العقوبات التي تمت إضافتها حول المادة المتعلقة بعقوبة الحبس لسنة وغرامة مليون دينار، حيث تم رفعها إلى الحبس 3 سنوات وعقوبة مالية لا تقل عن 10 ملايين ولا تزيد على 25 مليون دينار، إضافة إلى وضع مادة تجيز لرئيس الوزراء إلغاء أي نشاط جماهيري بحسب المقتضيات التي يراها»، مشيرة إلى أن «القانون تضمن إخطار الجهات المعنية بوقت التظاهر قبل 72 ساعة».
مشاركة :