قراءة بيئية في حريق مصنع البتروكيميائيات بأم القيوين

  • 7/26/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

د. داود حسن كاظم * في واحد من أكبر الحرائق التي تحدث بين الحين والآخر في الدولة، كان حريق مساء السبت الماضي في مصنع البتروكيميائيات في المنطقة الصناعية «أم الثعوب» في إمارة أم القيوين الذي ولله الحمد لم يتسبب في أي خسائر بشرية بحسب تصريح اللواء جاسم المرزوقي، قائد عام الدفاع المدني في وزارة الداخلية، إثر ما بذلته فرق الدفاع المدني في الإمارة بمساندة من فرق الدفاع المدني في إمارات الشارقة وعجمان ودبي وأبوظبي ورأس الخيمة، حيث تمت السيطرة على الحريق ومنعه من الانتشار إلى مواقع أخرى في المنطقة الصناعية. وأشار اللواء المرزوقي إلى أن الحريق يصنف بالمتطور.وفي قراءتي لهذا الحادث وقبله العديد من الحرائق سواء تلك التي حدثت في المناطق الصناعية الأخرى في إمارات الدولة أو بعض المباني والمخازن التابعة لبعض شركات القطاع الخاص يمكن استخلاص التالي: إن هناك حاجة لإعادة النظر في ترخيص المنشآت ذات الأثر البيئي وتشديد المتطلبات لبعضها على ضوء القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 1999 وتعديلاته الخاص بحماية البيئة وتنميتها واللوائح التنفيذية واشتراطات الترخيص لهذه المنشآت التي تتطلب تقديم دراسة الجدوى البيئية للمشاريع وبيان كيفية تأمين متطلبات الترخيص لها. كما أن هناك حاجة لإعادة النظر في تحديد مواقع المناطق الصناعية في كل إمارات الدولة وجعلها في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية والمدارس والحدائق والمستشفيات والمناطق الافتصادية الخاصة. وهناك حاجة لفرز المنشآت داخل المناطق الصناعية بحسب طبيعة عملها والمواد التي تستخدمها وما ينتج عن العملية الإنتاجية من أبخرة وغازات ونفايات صلبة وسائلة وكيفية التعامل معها كما ورد في اللوائح التنفيذية للقانون الاتحادي البيئي. وبحسب القوانين والتشريعات الاتحادية والمحلية للإمارات هناك اشتراطات من الدفاع المدني يتطلب توفيرها قبل الترخيص لأية منشأة حتى لو لم تكن ذات خطورة مثل المدارس والفنادق وغيرها والمتطلبات أكبر وأشد بالنسبة للمنشآت ذات الطبيعة الخطرة، لابد من التشديد عليها ومراقبة مدى الالتزام بتنفيذها وجودتها. كما أن هناك اشتراطات لدى البلديات خاصة بمعايير البيئة والصحة والسلامة المهنية لابد من الالتزام بها قبل الترخيص وبعد الترخيص وطوال ممارسة المنشأة نشاطاتها.إن الرقابة المناطة ببلديات الدولة يجب أن ترتقي إلى مستوى تحمل المسؤولية كون البلديات لا تمارس دورها بحكم الوظيفة بل هي أيضاً تمارس دورها في حماية العاملين وسكان الإمارة والمناطق الأخرى وكل المرافق الهامة والحيوية من أية مخاطر قد تنجم عن أي حادث خطر وضار على الصحة العامة والبيئة ولهذا يجب أن تؤهل كوادر الرقابة والتفتيش وتدربها على ما هو مطلوب منهم عند قيامهم بدورهم وفق ما أوردته اللوائح التنفيذية الاتحادية والمحلية واشتراطات البيئة والصحة والسلامة المهنية مع اتخاذ الاجراءات والعقوبات التي ينص عليها القانون والتشريعات ذات الصلة من دون مساومة أو محاباة أو إغفال. كما أن مسؤولية أصحاب المشاريع والقائمين عليها في حماية المجتمع والدولة والبيئة لن تعفيهم من تحمل كل ما ينجم من خلل أو تلوث أو تدمير أو إتلاف أو أضرار صحية للأفراد والبيئة بسبب الإهمال وعدم اتخاذ الخطوات والاجراءات المنصوص عليها في مستلزمات تطبيق معايير البيئة والصحة والسلامة المهنية والدفاع المدني واللوائح التنفيذية الاتحادية والمحلية ذات الصلة والمرتبطة بالقانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 وتعديلاته والتشريعات الأخرى، ولهذا يستلزم قيامهم بفحص للآليات والمعدات والوسائل التي تحمي المنشأة أو تعالج أي حادث مهما كان بسيطاً في الوقت والكفاءة المناسبة مع القيام بتدريب المسؤولين عن ذلك بين فترة وأخرى وإجراء التقييم لأثر كل تدريب وسد الثغرات إن وجدت سواء كانت مادية (بشراء وتحسين أداء وكفاءة المعدات والآليات) أو فنية أو إدارية للعاملين والمسؤولين. وأن القانون والتشريعات تحملهم المسؤولية وتفرض عليهم الغرامات في حال ثبوت وجود تقصير إداري عند الحوادث كما أن لشركات التأمين الحق في عدم تعويض المنشأة التي يثبت أن الحادث ناجم عن تقصير إداري.إن الضغوط التي تفرض على الأجهزة المعنية (الدفاع المدني والبلديات والشرطة وغيرها) ستزداد إن لم يكن هناك التزام وتعاون من أصحاب المنشآت والقائمين عليها والعاملين بها، حيث إن ذلك جزء من المسؤولية البيئية لهم تجاه المجتمع والوطن إلى جانب مسؤوليتهم الاجتماعية.أثبتت الاستجابة السريعة من قبل إدارة الدفاع المدني لإمارة أم القيوين والإسناد الفعال من قبل إدارات الدفاع المدني في الإمارات الأخرى التي شاركت في إخماد الحريق أن المستوى الفني والكوادر على درجة عالية من الكفاءة وهذه التجربة هي بمثابة تدريب عملي للتعامل مع حالات أخرى قد تحدث بشكل اعتيادي أو ضمن الطوارئ ولهذا لابد لهذه الأجهزة من تقييم هذه التجربة وتعديل الخطط وتطوير الإمكانيات المادية والفنية والبشرية على ضوء ذلك التقييم.حمى الله الإمارات وشعبها من كل مكروه.* خبير بيئي وزراعيdaoudkadhim@yahoo.co.nz

مشاركة :