هناك في وزارة الخارجية الأميركية منصب شاغر يُفترَض برئيسه أن يراقب اللاساميّة حول العالم. إسرائيل مكروهة في العالم كله واليهود يدفعون الثمن. غير أن مجلسي الكونغرس الأميركي اللذين يصوتان أحياناً بالإجماع تأييداً للإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين يريدان استمرار عمل وزارة الخارجية الأميركية نيابة عن إسرائيل في مراقبة اللاساميّة. المنصب استحدِث سنة 2004 في ولاية جورج بوش الابن واسمه قرار العرض العالمي للاساميّة سنة 2004. وزير الخارجية ريكس تيلرسون لم يقرر بعد أن يجد مَنْ يشغل المنصب، وهو ما عبّر عنه في حزيران (يونيو) الماضي تيلرسون أمام الكونغرس. إسرائيل تدير الكونغرس من وراء الستار وأنصارها في مجلسي الكونغرس يصرون على بقاء المنصب وإحياء عمله. وبعضهم يستشهد بالحملات على إسرائيل في مؤتمر ضد العنصرية نظمته الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا سنة 2001، وأيضاً الاتهام بأن إسرائيل وراء إرهاب 11/9/2001، ولا أراه صحيحاً. المشكلة ليست اليهود أو الإسرائيليين، بل حكومة إسرائيل فهي نازية جديدة تقتل الأطفال مع الكبار في فلسطين المحتلة، ويدفع ثمن جرائمها يهود أبرياء من مثل هذه الأعمال. الميديا الأميركية، حتى تلك التي تعارض إدارة دونالد ترامب، تنتصر لإسرائيل، وقد احتفظت بافتتاحية نشرتها «واشنطن بوست» قبل أيام تدين أداء تيلرسون في تركيا. الافتتاحية تؤيد كلام الوزير عن الأتراك الشجعان الذين وقفوا ضد محاولة الانقلاب قبل سنة، إلا أنها تدينه لأنه لم ينتصر للذين وقفوا ضد قمع رجب طيب أردوغان المعارضين والميديا المستقلة بعد محاولة الانقلاب وحتى اليوم. عندي أسبابي لإدانة الرئيس أردوغان، وهي غير أسباب كتـّاب الافتتاحية الذين ينتصر بعضهم لإسرائيل، غير أنني أصر على أن الحملة ليست على أحد سوى تيلرسون فهو ليس إسرائيلي الهوى، وبما أنه جاء من رئاسة شركة نفط كبرى فله علاقات عربية مباشرة لا تناسب عصابة إسرائيل. ترامب يحاول تغيير السياسة الخارجية الأميركية من يوم دخوله البيت الأبيض، إلا أنه لا يواجه روسيا في سورية حتى لا تفضح «أداءه» عندما زار موسكو مع ملكات الجمال، والنتيجة أن روسيا، مع إيران، تسيطر على الوضع السوري، ولها قواعد عسكرية، وأن الجهد الأميركي لا يتجاوز غارات أكثرها بطائرات من دون طيار. ما سبق لا يلغي أن إدارة ترامب تعمل على جهات عدّة. هي تصرّ على بناء سور مع المكسيك، وكان ترامب قال أنه سيبنيه بمالٍ من المكسيك، ثم تراجع. هي تواصل الحرب على الدولة الإسلامية المزعومة قبل أن يصل الإرهابيون إلى شواطئها. هي في حرب مع كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي وتجارب الصواريخ التي تجريها. إدارة ترامب تعارض أيضاً الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، إلا أنها لا تعرف كيف تخرج منه. هي انسحبت من اتفاق باريس حول الطقس، وتهاجم الاتفاق الاقتصادي لدول أميركا الشمالية. والإدارة أيضاً ترفض اتفاق إدارة أوباما مع كوبا وتصرّ على إلغائه أو تعديله في شكل أرجح أن الكوبيين سيرفضونه. لا أنسى أن دونالد ترامب أيّد الدول العربية التي قطعت العلاقات مع قطر ثم تراجع، وطلب حلاً من طريق المفاوضات، والآن تيلرسون يحاول التوسط، وأرجح أنه لن ينجح. يقولون بالإنكليزية عن واحد أنه «عضّ أكثر مما يستطيع أن يمضغ». هذا هو دونالد ترامب.
مشاركة :