الفن والحقيقة في فلسفة هيدجر

  • 7/29/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تؤكد د. غادة الإمام في كتابها «الفن والحقيقة في فلسفة هيدجر» الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، أن معالجة هيدجر للفن من حيث انتمائها إلى مجال علم الجمال وفلسفة الفن بوجه عام، كانت ولا تزال مثار خلاف بين الباحثين، فمنهم من يسلم بأن معالجة هيدجر للفن تنتمي إلى مجال علم الجمال، وإلى هذا ذهب «كايلن» الذي يستنكر إهمال المساجلات الفلسفية المعاصرة الدائرة حول علم الجمال لإسهام مارتن هيدجر في هذا الصدد، وعلى النقيض من هذا الموقف نجد «هوفشتاير» يخرج منذ البداية معالجة هيدجر من دائرة علم الجمال، بل ومن دائرة فلسفة الفن بوجه عام، على أساس أن تفكيره في الفن لم يكن مهتماً بالعمل الفني، باعتباره موضوعاً لخبرة جمالية، لكن الحقيقة -كما توضح الإمام- أن هذا الموقف الأخير فيه شيء من التطرف، فالقول بأن معالجة هيدجر للفن ليست مهتمة بقضية الخبرة الجمالية، ليس مبرراً لاستبعاد هذه المعالجة من نطاق فلسفة الفن على الأقل، وليس معنى أن هيدجر يهمل قضية الخبرة الجمالية أنه يهمل قضية الخبرة بالفن عموماً، فهو يهمل فقط الخبرة الجمالية كما تبدو له في معناها التقليدي، ويريد أن يستبدل بهذا المعنى رؤية جديدة للخبرة بالعمل الفني.ربما يكون عنوان هذه الدراسة وهو «الفن والحقيقة في فلسفة هيدجر» دالاً على أسلوب هيدجر الجديد في معالجته للفن الذي يسلك فيه اتجاهاً مضاداً للفلسفات الجمالية السابقة عليه والمعاصرة له، إذ كان الاتجاه السائد منذ بداية القرن العشرين ينظر إلى الفن من جهة الإستطيقي أي من جهة الجميل في الفن أو البعد الجمالي للفن، وقد بلغ هذا الاتجاه ذروته في النزعة الشكلانية، أي النظر للفن على أنه صورة معبرة فحسب تكمن في القيم الفنية والتشكيلية للعمل، وقد أدت المغالاة في هذه النزعة الشكلانية إلى حالة اغترابية للفن، أصبح فيها الفن منعزلاً عن وجودنا وعالمنا الإنساني، ومفتقراً إلى أي دلالة أنطولوجية، فجاء تناول هيدجر للفن مقوضاً لهذا الاتجاه، ومؤكداً على أن الإبداع الفني تعبير عن حقيقة الوجود، ومن ثم لا يمكن اختزال الفن في مجرد صياغة أو تشكيل جمالي خالص، يخاطب متعتنا الجمالية، وإنما ينبغي النظر للعمل على أنه يقول لنا شيئاً ما له صلة وثيقة بالوجود والحياة.

مشاركة :