يعد فن السينما والتلفزيون واحدًا من أهم الفنون التي تؤثر في حياة الإنسان المعاصر، وهو فن له أصوله التي يجب أن يدركها المخرج، كي يصبح عمله أكثر متعة وإتقانًا، ليتناسب مع تزايد أهمية الدور الذي يقدمه، وهذه محاولة لتقديم دليل أو ورشة عمل لفنون الإخراج السينمائي، أعده المخرج علي بدرخان، وصدر تحت عنوان «حرفيات الإخراج السينمائي» بعد الاطلاع على العديد من الكتب والمراجع، ومن واقع التجربة العملية، إضافة إلى المشاهدة وتحليل الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية.وقد حاول بدرخان التركيز فيه على المعلومات الضرورية فقط، وتقديمها بطريقة واضحة ومباشرة، حتى تعين القارئ على فهم المعاني بسرعة، فهو مرشد يعين القارئ على اكتشاف الجوانب المعقدة للفن السينمائي والتلفزيوني وفهمها.يقول بدرخان: «لقد تم إعداد هذا الكتاب كدليل عملي يستعان به على تيسير معرفة حرفية فن الإخراج وتضمن إتقانها، إن هذا الكتاب يضع أسس فن وقواعد كتابة السيناريو لمن يريد أن يصبح مخرجا سينمائيا، كما قد يستفيد منه من يمارس الإخراج السينمائي فقد يجد فيه أسلوبا عمليا سهلا لتنفيذ الفيلم الذي يقوم بإخراجه، إن الإلمام بمهارات وتقنيات الإخراج السينمائي يمكن أن يشحذ التجربة السينمائية والتلفزيونية ويزيد من روعتها».في نهاية كتابه يسأل علي بدرخان: كيف تكون مخرجا سينمائيا؟ مؤكدا أن هذا السؤال يصعب الجواب عنه من كبار المخرجين أنفسهم، لأن الإخراج السينمائي ليس له نظريات ثابتة، بل كل مخرج له ذوقه وله طريقته الخاصة، ولو أن هذا المخرج نفسه يتعذر عليه معرفة ذوقه الشخصي وطريقته الخاصة وإلا لأمكنه أن يدرسها لسواه.طالب الإخراج كما يوضح بدرخان، يجب أن يكون دقيق الملاحظة، فعليه عند زيارة الاستوديوهات ومشاهدة مخرج يقوم بعمله، أن يرى كيف يحرك الممثلين ويوجههم، ويراقب الحيل الإخراجية التي قد يلجأ إليها في بعض مواقف الفيلم، وطريقته في إحداث التأثير المطلوب من كل لقطة، وعلى طالب الإخراج أن يجتهد في أن يرى أكبر عدد ممكن من المخرجين أثناء عملهم، ويقارن بين أساليبهم وأذواقهم المختلفة.يرى بدرخان أن هناك عدة أنماط من المخرجين، فهناك المخرج الذي يريد أن يكسب حب الجمهور، وهناك مخرجون يسعون إلى حب الجمهور واحترامه معا، وهناك مخرج يريد إثارة إعجابنا وتقديرنا فتجده يبحث عن أكثر الطرق تركيبا وتحديا لكي يروي لنا قصة فيلمه، وهناك مخرج آخر ينجذب إلى التحدي الكامن في المشروع نفسه بقدر ما فيه من تحديات.يختتم علي بدرخان كتابه بمقولة لأبيه أحمد بدرخان قالها عام 1936 وفحواها أن «المجهودات الفردية والإنتاج الحالي لا يقوم على أسس فنية صحيحة بل اقتصر على محاكاة الأشرطة الأجنبية، والفيلم المصري لن تقوم له قائمة إلا إذا عبر عن الروح المصرية الصحيحة، التي تختلف اختلافا عن الروح الأمريكية أو الأجنبية بوجه الإطلاق، وإذا كانت جميع الفنون في مصر تعاني ما تعاني من ضعف وجود فذلك يرجع إلى عدم اعتمادنا على الابتكار والإبداع والاقتصار على تقليد الأجانب والنقل عنهم نقلا ممسوخا».
مشاركة :