تستفيد الإمارات من انتعاش تدفقات التجارة ونمو السياحة العالمية في شكل أكبر مقارنة باقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، استناداً إلى تقارير دولية. وأفاد معهد المحاسبين القانونيين في انكلترا وويلز في تقرير صدر أمس، بأن الإمارات «تتمتع بآفاق اقتصادية إيجابية جداً، كونها الاقتصاد الأكثر تنوعاً في دول مجلس التعاون الخليجي، ويشكّل النفط نسبة 22 في المئة فقط من إيرادات التصدير للدولة». وتوقع تقرير «رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثاني»، الذي أعدّه «أكسفورد إيكونوميكس» المتخصّص بالتوقعات الاقتصادية، أن «يصل نمو الناتج المحلي في الإمارات إلى 1.7 في المئة هذه السنة، ومع أن هذه النسبة تعادل نصف ما كان عليه النمو عام 2016، لكن يرتكز إلى مساهمة كبيرة من القطاع غير النفطي، ما يعني أن نمو الناتج المحلي ربما يتسارع إلى 3.3 في المئة عام 2018». وساهمت استثمارات البنية التحتية في الإمارات في إطلاق العنان أمام هذه الإمكانات الواعدة للنمو. إذ يُصنّف مطار دبي الدولي ثالث أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، بينما تُعتبر موانئ دبي العالمية تاسع أكثر موانئ الحاويات انشغالاً على مستوى العالم. وقفزت حركة المسافرين عبر مطار دبي الدولي بنسبة 7.4 في المئة في الربع الأول من السنة، ويتجلى هذا التحسن عبر مجالات القطاع غير النفطي. وتحرز مشاريع البنية التحتية الرئيسة تقدماً ملموساً، يدعمها جزئياً معرض «إكسبو 2020 « (الدورة الأولى التي ستُعقد في منطقة الشرق الأوسط)، لكن يحفزها بزخم أكبر التوسع المستمر للتجارة وخطوط المواصلات. وأكد المعهد «ارتفاع عدد المشاريع الإنشائية الممنوحة في الربع الأول في الإمارات، بنسبة 26 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2016، وحظيت استثمارات الشركات بالدعم من خلال تحسين البيئة المالية». وساهم استقرار أسعار النفط وتخفيف وتيرة التقشف وإصدار الديون السيادية، في تخفيف الضغوط على السيولة في النظام المصرفي على مدى العام الماضي أو نحو ذلك. وزادت الودائع المصرفية التي يملكها القطاع الخاص بنسبة 9 في المئة تقريباً خلال السنة حتى آذار (مارس) الماضي، ما أتاح نمو الإقراض بنسبة 7 في المئة خلال الفترة ذاتها. وقال المحاسب القانوني المعتمد المدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا مايكل آرمسترونغ، «تتمتع الإمارات بمكانة أقوى من الدول الأخرى في المنطقة بسبب اقتصادها المتنوع وبنيتها التحتية الممتازة، واستقرارها السياسي ومواردها الأجنبية الوفيرة». ولفت إلى أن «سمعتها كمركز تجاري ساعدتها على الاستفادة من انتعاش الاقتصاد العالمي في شكل فوري أكثر من الاقتصادات الأخرى لدول مجلس التعاون الخليجي». لكن التقرير توقع أن «يواجه المستهلكون في الإمارات معوقات تتعلق بقدرتهم على الإنفاق خلال هذه السنة أو العامين المقبلين، إذ يُرتقب أن تضيف الضريبة على القيمة المضافة نقطتين إلى التضخم في 2018، وبالتالي رفع مستوى التضخم إلى 4 في المئة عموماً». كما ستعترض المستهلكين ضغوطاً إضافية بسبب التشريعات الأخيرة للحكومة في شأن الرسوم المفروضة على المشروبات الغازية والتبغ، بنسبة تصل إلى 100 في المئة من قيمة المنتج». وتشترط اللوائح القانونية الجديدة أيضاً، أن يكون لجميع الوافدين وعائلاتهم تأمين صحي عند تجديد تأشيرات الإقامة، ما يستنفد جزءاً إضافياً من قدرة الأسرة على الإنفاق. ووفقاً للتقرير، ستشهد دول مجلس التعاون الخليجي «نمواً طفيفاً للناتج المحلي بأقل من واحد في المئة هذه السنة». وعلى رغم ترجيح وصول نمو القطاع النفطي إلى 2.6 في المئة هذه السنة، سيقابله انكماش بنسبة 3 في المئة أخرى في القطاعات المنتجة للنفط». ويبرز ذلك «حاجة الحكومات في المنطقة إلى زيادة إيراداتها غير النفطية للحفاظ على خفض إنتاج النفط لفترة أطول مع أسعار النفط المتواضعة». ومع أن موجة الانتعاش الواسعة النطاق للاقتصاد العالمي تعطي دفعة جيدة لبعض اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، يُتوقع أن «تستفيد الدول الأخرى من هذا الانتعاش في شكل طفيف جداً لمجموعة من الأسباب الهيكلية. وتتمثل القيود الرئيسة الثلاثة في الاعتماد الكبير على صادرات السلع الأساسية، وقوة الدولار الأميركي على المدى البعيد والتي تقوّض القدرة التنافسية للصادرات في الاقتصادات التي ترتبط عملاتها بالدولار، وعدم وجود استعداد (باستثناء الإمارات) للعمل كمراكز تجارية رئيس بين الشرق والغرب».
مشاركة :