لم يكن إعلان حزب العدالة والتنمية الحاكم بترشيح رئيسه رجب طيب أردوغان لكرسي الرئاسة حدثًا غير متوقع، بل جاء باتفاق المعارضة ولأول مرة على ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو أمين منظمة التعاون الإسلامي المفاجأة السياسيَّة لقربه من التيار الإسلامي التركي الذي قدمه أردوغان وحزبه لتولي هذا المنصب ويصبح اليوم المنافس الرئيس لأردوغان في ساحة الانتخابات الرئاسية وباتفاق حزب الشعب الجمهوري وكتلة الحركة القومية المتعارضة بأيدلوجيتها السياسية المتأرجحة بين الاشتراكية والقومية. أما المرشح الثالث صلاح الدين دميرتاش عن حزب الشعب الديمقراطي الكردي فترشحه إعلاميًّا لتأكيد وجود القومية الكردية ضمن المشهد السياسي التركي وحظوظه في التنافس والفوز ضئيلة لا تتعدى نسبة 3 في المئة لحصر الأصوات المؤيدة له جغرافيًا في المنطقة الكردية من تركيا فقط. عند الرجوع لاحصائيات الانتخابات البرلمانية التي جرت في أوائل هذا العام والمؤشرة كدالة على شعبية الرئيس أردوغان الذي فاز حزبه بالأغلبية من مجموع أصوات الناخبين، الذي بلغت نسبته 43 في المئة، أما مجموع أصوات المعارضة مجتمعة فقد بلغت نسبة 57 في المئة، هذا المؤشر الانتخابي لا يعني بالضرورة منح إحسان أوغلو مرشح المعارضة حظوظًا أكثر من الرئيس أردوغان لانضواء العديد من القوى الوطنية والإسلامية غير هذين الحزبين (الشعب الجمهوري والكتلة القومية) للمعارضة ولم تصوت لمرشحي حزب العدالة والتنمية ومن هذه الكتل السياسية حزب السعادة الإسلامي وحزب الوطن الأم وكتلة التيار السياسي المستقل والحزب لديمقراطي والحزب الشيوعي والعديد من الاتجاهات العلمانية والليبرالية التي أعلنت معارضتها لمرشحي حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية وقد تتجه للتصويت للرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية.. ومن جهة أخرى ظهرت معارضة داخل حزب الشعب الجمهوري على الترشيح التوافقي مع كتلة الحركة القومية للدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو وذلك لعدم ممارسته للعمل السياسي داخل تركيا وهو شخصية غامضة على المشهد السياسي التركي ويمثِّل التيار الإسلامي المعارض للتوجُّهات السياسية للحزب الحاكم برئاسة أردوغان وقد يراد بترشيحه من قبل المعارضة محاولة تكتيكية لخلق جو من الانقسام داخل حزب العدالة والتنمية نفسه لارتباط إحسان أوغلو بعلاقات صداقة وتأييد من بعض القياديين في حزب العدالة والتنمية. وقد طالب العديد من أعضاء البرلمان التركي الرئيس أردوغان بالاستقالة من رئاسة الوزراء لترشحه لرئاسة الجمهورية التركية إلا أنّه يخشى انقسام حزبه لتسميته لرئيس الوزراء الجديد بديلاً عنه كما حدث لحزب الوطن الأم حين تسمية الرئيس الراحل توركوت أوزال لرئيس وزراء من كوادر حزبه إثر ترشحه لرئاسة الجمهورية وعلى إثر ذلك انقسم الحزب وضعف رصيده الانتخابي ولتلافي هذه النتيجة السلبية على حزبه الحاكم أن يتبادل المواقع مع الرئيس عبد الله كول ويتولى رئاسة الحزب ومجلس الوزراء من بعده. ومن استعراض قوائم الذمة المالية لمرشحي الرئاسة برز أكمل الدين إحسان أوغلو أغناهم، فرصيده البنكي تجاوز ثلاثة ملايين دولار ويملك تسع شقق مؤجرة في مدينة أسطنبول وسيارة حديثة أما أردوغان فلديه أرض مساحتها 2000م وشقة وسيارة جيب عائلية باسمه وحوالي مليون دولار رصيد في حساباته البنكية، أما المرشح الكردي دمير تاش فليس لديه إلا مرتبه الوظيفي وشقة سكنية يملكها. قد يأتي العاشر من أغسطس القادم بتغيِّرات في المشهد السياسي التركي لمشاركة الشعب التركي ولأول مرة وبصورة مباشرة في الانتخابات الرئاسية إلا أن المراقبين للسياسة التركية لا يتوقعون مفاجآت غير متوقعة لأن مرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو لا يملك حظوظًا عالية في الفوز برئاسة الجمهورية التركية ومنافسة أردوغان بل كما أتصور قد يعرقل فوز الرئيس أردوغان من الجولة الأولى، أما الجولة الثانية إن حصلت فسيكون أردوغان فارسها وبأغلبية عالية.
مشاركة :