تميّزت أسواق الإمارات وتحديداً دبي ولفترة طويلة بارتفاع حجم سيولتها. وساهمت هذه الميزة في إدراج عدد مهم من الشركات الإماراتية، في مؤشر «مورغان ستانلي» الشهير، لتصبح موضع اهتمام عدد كبير من المحافظ والصناديق الاستثمارية العالمية. وأفضى ذلك أيضاً إلى توسيع قاعدة مساهمي هذه الشركات، علماً أن معظمها يسمح للأجانب بتملك أسهمها، كما شجّع ازدياد السيولة في الأسواق الإماراتية شركات خليجية وعربية، على إدراج أسهمها في أسواق الإمارات (الإدراج المزدوج)، وهي بمعظمها أدرجت أسهمها في سوق دبي وعددها ١٢. وشهد عدد كبير من هذه الشركات مضاربات قوية على أسهمها، شارك فيها مضاربون ومستثمرون إماراتيون وخليجيون. واللافت هذه السنة، تراجع السيولة في أسواق الإمارات مقارنة بسنوات سابقة، ما عكس حالة من عدم الثقة والتردد سيطرت على قرارات المستثمرين والمضاربين، على رغم إجماع التوصيات والتحليلات الصادرة من مصارف وشركات استثمارية إقليمية وعالمية، على توافر فرص استثمارية مهمة في أسواق الإمارات، إذ تُتداول أسهمها بأسعار تقلّ عن قيمتها العادلة. فيما ساهم الشراء على الهامش الذي طبّقته أسواق الإمارات في توفير سيولة للمضاربين، كما أدت ندرة السيولة إلى استحواذ المضاربين على حصة كبيرة من تداولات الأسواق، ما رفع أخطارها. ولا يزال تواضع أداء أسواق الإمارات مسيطراً على مؤشرات الأسعار في الفترة التي مضت من السنة، إذ هبط مؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 0.5 في المئة، في حين ارتفع مؤشر سوق دبي. وأفضى التراجع الملحوظ في سعر النفط إلى تخوف الاستثمار المؤسسي الإماراتي والأجنبي، من انعكاسه على إيرادات الدولة، وبالتالي انخفاض إنفاقها، ما سيؤثر سلباً في أداء الاقتصاد الإماراتي والشركات المدرجة، وبالتالي تقلّص ربحيتها. والموضوع اللافت أيضاً، يتمثل في ارتباط حركة الأسهم الإماراتية بالأسواق المالية العالمية في بعض الفترات الزمنية. وإذ يُفترض أن يكون هبوط مؤشرات أسواق الإمارات مرتبطاً بالنتائج المالية للشركات المدرجة أو بأزمة اقتصادية أو في داخل الشركة، فإن سبب هبوط هذا المؤشر يعود إلى بورصات عالمية. ولا شك في أن ارتباط أسواق الإمارات بالبورصات العالمية وتحديداً الأميركية، ناتج من حرية التجارة وحركة رأس المال وتشجيع القطاع الخاص ورفع الدعم، أو ما يُطلق عليه العولمة. ويُعزى تأثر أسواق الإمارات بتلك الأميركية إلى قوة الاقتصاد الأميركي والدولار، المعتمَد في تسعير عشرات المنتجات الاستراتيجية، في مقدمها النفط والغاز. وتعرّضت أسواق الإمارات لخسائر عام 2008، بسبب أزمة المال العالمية، والتي أدّت إلى انخفاض أسواق الأسهم العالمية، في وقت لم تتفاعل أسواق الإمارات إيجاباً مع ما يُسجل من أرقام قياسية حالياً حققتها مؤشرات الأسواق العالمية بفعل الحصيلة القوية لأعمال الشركات الكبيرة، مع النتائج التي أفصحت عنها الشركات الإماراتية المساهمة. والموضوع المهم الذي استأثر باهتمام المستثمرين، يتمثل في حصول شركة «دانة غاز» الإماراتية على حكم قضائي لمصلحتها في ما يخصّ حاملي الصكوك البالغة قيمتها 700 مليون دولار وتستحق في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، إذ اقترحت الشركة عليهم استبدال هذه الصكوك، بأدوات استثمارية أخرى بعائد نقدي أقل. وأجمع خبراء كثر على أن قضية «دانة غاز» ترفع أخطار الصكوك الإسلامية، في ظل استخدامها الأسباب الشرعية ذريعة في قضيتها، ما يُوجد حالة من ازدياد الأخطار في إصدارات الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، من دون إغفال الانعكاسات السلبية على إصدارات أخرى في الإمارات والمنطقة. مستشار الأسواق في «بنك أبو ظبي الوطني»
مشاركة :