احتدم نزاع الأجنحة داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معززا الفوضى السياسية السائدة في واشنطن. في وقت وجه المتحدث الجديد باسم البيت الأبيض انتقادا لمستشار الرئيس ستيف بانون، المحسوب على أقصى اليمين، مما أوحى بأن الرئيس يبتعد عن الجميع في محاولة لإنقاذ الرئاسة. يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يواجه متاعب حقيقية في تطبيق أجندته وفي العلاقة بين أطراف إدارته المتعددة المشارب، وبينه وبين المؤسسة الجمهورية تدفعه إلى الابتعاد عن الجميع، محاولا إنقاذ رئاسته. في هذا الإطار، وبعد ساعات فقط على فشله في تعديل أو إلغاء نظام الرعاية الصحية، المعروف باسم «أوباماكير»، في تصويت سلط الأضواء على العلاقة بين الرئاسة ومؤسسة الحزب الجمهوري، أعلن ترامب ثاني تغيير في الدائرة المقربة منه في غضون أقل من أسبوع. وأقال ترامب كبير موظفي البيت الأبيض راينس بريبوس، وعيَّن مكانه وزير الأمن الداخلي والجنرال السابق جون كيلي، لتتحول النزاعات في أروقة البيت الأبيض إلى حرب علنية. ومنذ دخول ترامب البيت الأبيض قبل ستة أشهر، استقال أو أُقيل مستشاره للأمن القومي، ونائب مستشاره للأمن القومي، ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي، والمتحدث باسم البيت الأبيض، ومدير الإعلام فيه، ووزير العدل بالوكالة، ونائب كبير موظفي البيت الأبيض، وأخيرا أمس الأول رئيس فريق العاملين بالبيت الأبيض. وكان بريبوس في عين العاصفة لعدة أشهر، حيث تابع مغادرة زميل مقرَّب في البيت الأبيض تلو الآخر، وهو ما بلغ ذروته مع استقالة الناطق باسم الرئاسة شون سبايسر منذ أسبوع. وبدا خروجه من البيت الأبيض أمرا لا مفر منه، بعدما ترك ترامب مدير الإعلام الجديد أنطوني سكاراموتشي يهاجمه علنا، حيث وصفه بـ»المصاب بجنون الارتياب وانفصام الشخصية»، كما أشار إلى أن كبير مستشاري البيت الأبيض ستيف بانون يستغل ترامب للترويج لنفسه. وينتمي بانون إلى أقصى اليمين. وأعلن ترامب عن التغيير عبر موقع «تويتر» فور وصوله إلى واشنطن من رحلة رافقه خلالها بريبوس وسكاراموتشي. أما بريبوس، فقال أمس إنه ترك منصبه بناءً على طلب ترامب. وأشار إلى أن «الرئيس أراد أن يسلك طريقا آخر، وأنا أيدته في ذلك»، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وسيعين كيلي في منصبه الجديد غدا. وتعد وزارة الأمن الداخلي التي يتولاها مسؤولة عن فرض الأمن على الحدود، وقد تبنت نهجا صارما في التعاطي مع المهاجرين داخل الولايات المتحدة. ويُعد اختيار كيلي بمثابة مؤشر على أن التركيز سيزداد على المسائل المتعلقة بالقانون والنظام، وهو ما سيزيد الضغط على العلاقات بين ترامب والمؤسسة الجمهورية. وشكَّل بريبوس وسبايسر جزءا من اللجنة الوطنية التابعة للجمهوريين، والجسر الذي يربط الحزب بترامب. وفي محاولة للتخفيف من القلق من حدة الانقسامات، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز: «أعتقد أنه لا يزال لدينا علاقة جيدة مع الحزب، وسنواصل العمل معه». من جهة أخرى، اتهم ترامب أمس عبر «تويتر» روسيا بالوقوف ضده في انتخابات 2016، لأنه يريد «جيشا قويا وأسعار نفط منخفضة». وفي تغريدة أخرى، دعا الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى تعديل قاعدة الـ«60 صوتا»، التي تنص على ضرورة الحصول على غالبية الأصوات (ثلاثة أخماس الأصوات)، أو 60 صوتا من أصل 100، لإقرار القوانين مع بعض الاستثناءات. وقال ترامب إن هذه القاعدة «تقتل الحزب الجمهوري، وتسمح لـ8 ديمقراطيين بإدارة البلاد. هذه مزحة». وقد سبق وطالب ترامب بهذا في مايو 2017. وكان الديمقراطيون لجأوا في عام 2013، عندما كانوا الغالبية إبان رئاسة باراك أوباما إلى تخفيض السقف إلى 51 صوتا من أصل 100 (النصف زائدا واحدا) لتعيين القضاة الاتحاديين ووظائف أخرى، باستثناء المحكمة العليا، لكسر الجمود المتعلق بالتعيينات. وأشار ترامب إلى أن «القانون قديم، والتسوية حول الميزانية تقتل الجمهوريين في مجلس الشيوخ. يجب على ميتش ماكونيل (زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ) التصويت على 51 صوتا الآن والربح». وأردف: «لن يكسب الجمهوريون في المجلس إذا لم يصوتوا بـ 51 صوتا الآن. يبدون كالحمقى، يضيعون وقتهم». وأضاف في تغريدة أخرى: «8 ديمقراطيين يتحكمون في مجلس الشيوخ. العديد من مشاريع الجمهوريين لن تمر، مثل قانون كيت والرعاية الصحية. كونوا أذكياء!».
مشاركة :