«القبس» تفتح ملف السمنة في الكويت (3-3)

  • 7/30/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عائشة الجيار | يعرَّف الوزن الزائد والسمنة بأنهما تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون قد يلحق الضرر بالصحة، وذلك طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، والتي أكدت أيضا أن غالبية سكان العالم تعيش في بلدان تفتك فيها زيادة الوزن والسمنة بعدد من الأرواح أكبر مما يفتك به نقص الوزن، وفي عام 2014 وصل عدد سكان الأرض أكثر من 1.9 مليار بالغ، 600 مليون شخص منهم مصابين بالسمنة، و41 مليون طفل دون سن 5 سنوات زائدي الوزن أو مصابين بالسمنة. وتحتل الكويت مرتبة متقدمة للغاية عالمياً في أصابة سكانها بالسمنة، فهي في المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً في معدل زيادة انتشار السمنة المفرطة، وبلغت %48 لدى النساء و%36.6 لدى الرجال، و%10 لدى الأطفال أقل من 5 سنوات، و%50 لدى المراهقين. السمنة في الكويت ملف تفتحه القبس مع المختصين لتتعرف على الأسباب والحلول المتاحة لمعالجة هذه الظاهرة. في الوقت الذي تدق أجراس الخطر، محذرة من مخاطر مشكلة السمنة في الكويت وتفاقم المشكلة، يخرج تقرير أقتصادي يشير إلى أن الكويت تسجل أسرع نمو سنوي في استهلاك الغذاء خليجياً وذلك خلال الفترة الواقعة بين 2016 و2021، كيف ومتى يمكن جدياً مكافحة السمنة في الكويت وعلى كل المستويات، هذا ما تناقشه في الحلقة الثالثة والأخيرة من ملف السمنة في الكويت. التكلفة الاقتصادية يشير الباحث الاقتصادي محمد رمضان إلى أن تكلفة السمنة في الكويت غير المباشرة قد تصل لأكثر من 2 مليار دولار ويشرح ذلك قائلاً: إذا أردنا أن نستدل على تكلفة السمنة في الكويت، فأفضل الطرق قياس تكلفة مرضى السكري والمرتفعة جداً في الكويت، حيث تبلغ تكلفة مريض السكري في الكويت ألفي دولار سنوياً، بينما تبلغ ألفا وخمسمائة دولار في السعودية، وبما أن ظروف السعودية مقاربة للكويت فسنعتمد مقاربتهم في قياس التكلفة غير المباشرة والمتعلقة بمرض السكري الذي تعد زيادة الوزن والسمنة من أهم أسبابه. حسب تصريحات المسؤولين السعوديين فالتكلفة غير المباشرة لمريض السكري تبلغ 8 أضعاف التكلفة المباشرة، بسبب أمراض القلب والأعصاب والعيون وغير ذلك، وأذا حسبنا المضاعفات وطبقناها في الكويت ستكون التكلفة السنوية أكثر من 2 مليار دولار لأمراض السكري ومضاعفاتها. الواردات الغذائية ولمزيد من الاستدلال عن التكلفة الاقتصادية للسمنة يقول رمضان: تبلغ حجم الواردات الغذائية في الكويت 16% من حجم الواردات عموماً، وهذه النسبة هي الأعلى بين دول الخليج، وفي نفس الوقت هناك تقرير لـ«BBC» نشر قبل عام تقريباً، ويقول إنه لو طبقنا استهلاك الكويتيين في الموارد الطبيعية على جميع سكان العالم، فسوف نحتاج كوكبا تعادل مساحته حجم الكرة الأرضية خمس مرات ، وحسب التقرير فالكويت الأعلى عالمياً في استهلاك الموارد الطبيعية. ويضيف رمضان: هناك إحصائية في الكويت قبل عامين تؤكد وجود 135 مطعما لكل ألف شخص بالكويت، ولو حاولنا أن نحسب المطاعم الكويت مقارنة بالمنشآت العاملة الخاصة، فسنجد أنه من بين كل أربع منشآت عاملة أو محلات هناك مطعم، وأن كل عشرة أشخاص كويتيين يخدمهم من بين 4- 6 من الخدم، أي في نفس الوقت الذي يوجد فيه خدم في الكويت بأعداد كبيرة، يتجه السكان للمطاعم المنتشرة بشكل كبير ويفوق الحاجة. جذور المشكلة ودور الدولة يتساءل الدكتور ثامر العيسى اختصاصي الغدد الصماء والسكر في مستشفى مبارك الكبير عن أسباب انتشار السمنة بشكل كبير في الكويت ويضيف: إذا عرفنا الأسباب بشكل واضح ومن جذورها يمكن حينها أن نجد الحلول، وأعتقد أن من أهم الأسباب هو نمط الحياة ومنذ الطفولة، مثل العادات الغذائية وممارسة الرياضة، ولقد تعودنا أن نكون شعبا غيرحركي بشكل عام، وقلة الأماكن التي تساعدنا على الحركة ساهمت في ذلك، وربما أيضاً السبب في البيئة المناخية، وفي نفس الوقت، الكويت مجتمع مستهلك بشكل كبير للوجبات الغذائية، خصوصاً ما يطلق عليها الوجبات السريعة، فالمطاعم منتشرة جداً ودعايتها في كل مكان في الشوارع والتلفزيون والسوشيال ميديا وإمكانية التوصيل السريع للمنازل كل هذه الأمور تزيد استهلاكها. ويلقى العيسى بالمسؤولية في مكافحة السمنة على الدولة فيقول: على الدولة ضبط طرق الإعلانات التجارية بالنسبة لمطاعم الوجبات السريعة، وإلزام تلك المطاعم بتقديم البيانات الواضحة عن نوعية الطعام وبشكل كامل، لكي تساعد المستهلك معرفة الضار والنافع له في هذه الأطعمة، ويكون ذلك من خلال معرفة الكميات الحقيقية لمكونات تلك الأطعمة ونوعياتها، وذلك سيساعد المستهلك للاختيار بشكل أفضل لصحته ويعرف أيضا ما سيترتب على اختياره. ويضيف: وأطالب الدولة بعملية تقنين لتلك المطاعم؛ بحيث تكون مرتبطة بالفئات العمرية، خصوصاً الأطفال والمراهقين الذين من المفترض ألا يتناولوا الكثير من هذه الوجبات، وعلى الدولة أيضا التوعية الصحية للسكان بأهمية الحركة وتوفير أماكن لممارسات حركية ورياضية وتكون في المدارس وأماكن العمل والجمعيات التعاونية، وعلى الدولة أيضاً تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المساهمة بدور في مكافحة السمنة في الكويت وأتوقع أن تقوم تلك المؤسسات بهذا الدور أيضاً بنفسها من خلال تحفيز المواطنين والمقيمين على تحسين أنماط حياتهم اليومية، ورفع درجة الوعي عند الآباء والأمهات بخطورة السمنة والتي تتسبب بها العادات الغذائية السيئة وقلة الحركة. تدريس التغذية في المدارس د.عبد الله المطوع اختصاصي التغذية العلاجية والرياضية، وعضو جمعية التغذية الأمريكية يرى أن الحلول واضحة وبسيطة ويحملها على عاتق وزارة الصحة فيقول: يجب أن تدشن وتكثف وزارة الصحة حملاتها التوعوية عن مخاطر السمنة وتعزيز العادات العذائية الصحيحة وأهمية ممارسة الرياضة، وعلى وزارة التربية أن تدرس مناهج عن التغذية في المرحلتين المتوسطة والثانوية تعرف الطلاب بنوعية الغذاء وما هي مكوناتها واحتياجات الجسم منها، وتدريس ذلك في المدارس سيبنى ثقافة غذائية وبالتالي خلق نمط غذائي صحيح . ويتابع المطوع: وهناك دور على وزارة التجارة، فعليها أن تحد من إصدار الرخص التجارية للمطاعم، فالكويت هي الأولى في العالم من حيث عدد المطاعم مقارنة مع المساحة وعدد السكان، وهذا يجعلني أتساءل هل إبداع الكويتيين فقط في افتتاح المطاعم، أليس هناك مجالات أخرى؟ الكل يعتقد أن الكويتيين شعب «أكيل» فبالتالي الكل يتجه لفتح المطاعم وعلى وزارة التجارة أن تحد من ذلك، ويجب أن يتغير مفهوم أن المتعة هي في الأكل فقط، يجب أن نغير تلك الثقافة والتي أعتقد أنها غير موجودة في العالم كله إلا في الكويت. ويؤكد المطوع أن على الوالدين دور كبير في مكافحة السمنة في أن يكونا أولاً قدوة فيقول: لا يجوز أن أمنع شيئا عن أطفالي وأتناوله أنا !، لذلك يجب أن يكون الوالدان قدوة لأطفالهما ومن البداية، قبل أن يكتسبوا عادات غذائية سيئة ويصابا بالسمنة، فإذا تعود الطفل من شهوره الأولى على الأكل الصحي ستكون لديه قدرة على الاختيار الصحيح، وقبل أن نمنع أي أطعمة عن الأطفال علينا أن نوفر لهم بدائل صحية ولذيذة أيضاً. عيادات مكافحة السمنة د. نوال القعود مديرة إدارة التغذية والإطعام بوزارة الصحة تعتقد أن مكافحة السمنة لا تتعلق بهم كإدارة فقط أو وزارة الصحة بل تتعلق بجميع الجهات في الدولة، وتضيف: لا شك أن لإدارة التغذية والإطعام دوراً كبيراً في مكافحة السمنة عن طريق التوعية، والعيادات المتخصصة بمكافحة السمنة المنتشرة في المستوصفات، وحملات التوعية في المدارس والمشاركة في المعارض والمجمعات، وذلك لنشر الثقافة الغذائية الصحيحة والتحذير من مخاطر السمنة وطرق التخلص منها، وكثير من الناس يجهلون بالفعل كيف يختارون الغذاء الصحي وما الكميات التي يحتاجونها، أو كمية السعرات الحرارية المناسبة لنشاطهم اليومي ولعمرهم، وما نحاول نشره من خلال إدارة التغذية والإطعام هو كيفية اختيار الطعام الصحي والمناسب سواء كان ذلك في المطعم أو البيت. وعن الفرق بين الغذاء المطبوخ في البيت ووجبات المطاعم السريعة تقول القعود: قد يقول البعض إن السعرات في أكل البيت الكويتي التقليدي مرتفعة، وهذا صحيح لكنه مفيد، بينما وجبات المطاعم السريعة تكون مرتفعة السعرات الحرارية وغير مفيدة، لذلك يكون أكل البيت أفضل، ومن خلال نشر ثقافة التغذية الصحيحة يمكن أن نقلل من دسم الأكل المطبوخ في البيت وتقليل السعرات الحرارية فيه. وتشير القعود إلى أن عيادات مكافحة السمنة تستقبل جميع الفئات في المجتمع الكويت بدءاً من الأطفال الرضع وتقول: نستقبل جميع الأعمار حتى الأطفال في الشهور الأولى، فلدينا عيادات متخصصة للأطفال، وأيضا للأمهات الحوامل اللاتي يعانين من زيادة الوزن، وكلما كانت معالجة المشكلة مبكراً كلما استطعنا السيطرة عليها، فالسمنة تبدأ والطفل جنين في بطن أمه ثم بعد مولده وكونه رضيع زائد الوزن ثم يصبح طفلا يعاني من السمنة. العمليات الجراحية البريق القادم بقوة للقضاء على مشكلة السمنة هل فعلا هي حل ناجع؟ يجيب الدكتور سلمان الصباح، استشاري جراحة عامة جراحة سمنة ومناظير، فيقول: أثبتت جميع الدراسات أن جراحات السمنة – وعلى المدى القصير والطويل – هي الأفضل من ناحية نزول الوزن وعلاج الأمراض المصاحبة لها، لكن من المهم جداً قبل أن نصل لمرحلة العمليات الجراحية أن نبحث عن حل لمرض السمنة، و في رأي الخاص أنه لا بد من حملات توعوية وإعلامية للمواطنين والمقيمين عن مرض السمنة وأسبابه ومخاطره وذلك للحد من انتشاره. ويتابع: وبالنسبة لعمليات السمنة في الكويت، فهي عمليات ناجحة وتجرى منذ عام 2011، وبمعدل تقريبي خمسة آلاف عملية سنوياً، وهذا ينطبق على السنوات الخمس الأخيرة، لكن مع ذلك يجب أن نؤكد أن عمليات السمنة ليست حلا جذريا للمشكلة بل يجب أن نربط عمليات السمنة بالمتابعة والتغذية الصحيحة وكذلك الرياضة، لأننا نرى نسبة من 10 إلى 15 بالمائة من عمليات جراحات السمنة من الممكن أن تستعيد وزنها وذلك على المدى المتوسط أي من 3 إلى 5 سنوات، وإذا رجع الوزن السابق في أنه في بعض الأحيان ترجع معه الأمراض المصاحبة للسمنة مثل الخشونة أو السكري أو الضغط. ويختم الصباح حديثه قائلا: من المهم أن نعمل برنامج شامل يجمع بين العمليات الجراحية مع الالتزام بالأكل الصحي أو الحمية والرياضة وذلك كله كفريق متكامل بحيث تكون النتيجة أفضل على المدى البعيد.

مشاركة :