إيران ترید أن تحول مسار النضال الكردي القومي المعتدل إلى حرب طائفیة سنیة وشیعیة، لتسهل علیها وصم الأكراد بالإرهاب الداعشي، ولا یتعاطف معهم العالم حین تضربهم بید من حدید بحجة ضربها للسلفیة الداعشیة، وهو السیناریو الذي حدث في سوریا وفي العراق، حین دفعت الحكومة أهل السنة دفعا إلى أحضان داعش، وفشلت في إیجاد حل سیاسي والتعامل بروح الدولة المدنیة الدیمقراطیة معها. إن الجمهوریة الإسلامیة تمهد عن قصد لنشاطات السلفیة الجهادیة (القاعدة وداعش). وهذه السیاسة لیست فقط ضد الحركة الوطنیة الكردیة، مع أنها هي المستهدفة بشكل رئیس، بل تعادي تحت مسمی الخلایا السریة للقاعدة وداعش التیار الإسلامي المعتدل المتمثل في مكتب القرآن والمنتمین إلى الطرق الصوفیة النقشبندیة والقادریة. ما معناه أن إيران تدعم عن قصد تقویة وتطوير المنظمات الإرهابیة، وتزرع السموم بوعي في كردستان إيران. وبحسب الأنباء التي تصلنا من هناك، فإن رجال الدین والدعاة المنتمین إلى القاعدة والدواعش لدیهم علاقات وأواصر قویة مع المؤسسات التجسسیة الإيرانیة. تساند إيران هذه المجموعات السلفیة عن قصد لتقطع الطریق عن أي نشاط مسلح كردي في حالة استئنافه، وسیدفع هؤلاء الأفراد إلى القیام بتفجیرات وتفجیر أنفسهم، وستتخذ الحكومة منهم ذریعة للمزید من القمع وإذلال الشعب الكردي بحجة محاربة الإرهاب. من مصلحة إيران ألا تستقر الأمور في باكستان وأفغانستان وكردستان إيران والعراق، لذا نری إيران ترعی السلفیین وتساعدهم من أجل استخدامهم كورقة ضد كردستان أولا، ثم ضد هذه الدول، لكن هذه لعبة خطیرة لا یمكن التنبؤ بنتائجها. إن السلفیة الكردیة على الرغم من أنها ظهرت واشتد عودها تحت نظر وموافقة السلطة الإيرانیة، إلا أنها أصبحت قوة حقیقیة تخطط لیس فقط لكردستان إيران، بل لعموم إيران، ولها فروع في بلوشستان وجنوب إيران وفي مناطق تركمان الصحراء وحتى في طهران نفسها. فكما أطلق الرئیس المصري الأسبق أنور السادات العنان للقوی الإسلامیة المتطرفة ضد القوی الوطنیة والیساریة، انتهت بقتله علی أیدی القوی الإسلامیة المتطرفة، كذلك فإن هذه اللعبة المقیتة الخطرة التي تلعبها إيران ضد الأكراد بنشر السلفیة وتقویتها لاستخدامها في تكتیكاتها ضد الأكراد ودول المنطقة، سوف تعود بضررها علیها أكثر، وقد رأینا بوادر هذه المخاطر بما تنشره الصحافة الإيرانیة عن ظهور تشكیلات مسلحة سلفیة كردیة مبایعة لتنظيم داعش في أرضیها، بل هناك أنباء عن حدوث اشتباكات علی الأرض، على الرغم من تشكیك الإعلام المعارض فیها. تحاول إيران دفع الأكراد نحو التطرف السلفي، وقد أعدمت مجموعة من السلفیین الأكراد في سجونها، كما تحاول إثارة الشعب الكردي، وسلطت علیهم أضواء إعلامیة كثیرة من الإعلام العربي والأجنبي، وعلى الرغم من عدم تمتع السلفیة بشعبیة بین الناس، فإن إعدام حوالي 30 نفرا دفعة واحدة في أغسطس من العام 2016، أثر في إیقاظ الشعور المذهبي شیئا ما. وأظهر السلفي الملا كریكار (نجم الدين فرج) ردة فعل تصب في خدمة المخططات إيرانیة، وكأنه یرید تطبیق استراتيجية إيران الطائفیة في تحویل ساحة الصراع الكردي إلى صراع طائفي، حین قال في تصريح له بخصوص هذه الإعدامات “تأكدوا أننا متمسكون بدیننا أكثر منكم ونحافظ علی توحیدنا بأرواحنا، وإن شرككم وظلمكم وجبروتكم لن تستطیع أن توقف مسیرتنا من أجل حب الله". خلاصة من بحث أوميد فاضل علي “إيران تحتضن السلفية الكُردية”، ضمن الكتاب 126 (يونيو 2017) “السلفية في كُردستان العِراق” الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي
مشاركة :