تعهد الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أمس، بمواصلة النهج الرامي إلى تحقيق السلام في ولاية جنوب كردفان المضطربة، واعتبر تحقيق السلام في الولاية التي تشهد حرباً بين القوات الحكومية وقوات التمرد أداة لتحقيق التنمية وتقديم الخدمات للمواطنين. كما دعا حاكم الولاية زعيم المتمردين للعودة إلى الوطن، وأعلن استعداده للتنازل عن منصبه له من أجل السلام.وقال الرئيس البشير، في خطاب جماهيري بمدينة كادوقلي، حاضرة ولاية جنوب كردفان (زهاء 500 كيلومتر جنوب الخرطوم)، إن حكومته ستواصل نهج السلام حتى تعود الولاية إلى سيرتها الأولى، وتابع: «سيأتي السلام، وسنكمل الطرق، وسنستمر في التنمية، لأن الحرب أفقدتنا كثيرًا من فرص التنمية والإعمار، ولا بد أن تتوقف».واشتعلت الحرب في ولاية جنوب كردفان منذ عام 2011 بين القوات الحكومية والقوات التابعة لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، بعد فترة وجيزة من انفصال جنوب السودان، وتحوله إلى دولة مستقلة. وأدى استئناف القتال إلى سيطرة قوات الحركة على المناطق الجنوبية من الولاية، فيما احتفظت القوات الحكومية ببقية أنحاء الولاية تحت سيطرتها.وتتكون قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» من سودانيين اختاروا الانحياز إلى جنوب السودان أثناء الحرب الأهلية السودانية. وكان من المقرر، وفق اتفاقية «السلام الشامل»، إجراء ما اصطلح على تسميته «المشورة الشعبية»، لكن طرفي الاتفاقية تجاهلا الأمر، فاندلع النزاع مجدداً، واشتعلت حرب أخرى في جنوب السودان الجديد. وأوقفت السياسات المركزية مؤسسة جبال النوبة العريقة، التي كانت تنتج القطن بالزراعة المطرية، وتوفر فرص العمل لسكان المنطقة، لكن الحكومة تراجعت في وقت لاحق عن قرارها. وأعلن البشير، أمس، توقيعه قراراً بإعادتها مجدداً، وتسليم نسخة من القرار إلى حاكم الولاية عيسى آدم أبكر، وتابع: «نريد أن تعود المؤسسة العريقة أفضل مما كانت عليه في السابق، وبتقنيات جديدة وحزم جديدة في الزراعة»، وتعهد بإنشاء محالج جديدة للقطن ومصنع للغزل والنسيج في مدينة كادوقلي لتوفير فرص عمل للشباب والخريجين. وامتدح البشير ما أطلق عليه «تجاوب مواطني الولاية» مع برامج السلام، معتبراً إعلاناته بوقف إطلاق النار تشجيعاً للسلام، وأضاف: «لا بد أن تعود جنوب كردفان سيرتها الأولى، بتعايش بين كل مكوّناتها، لا فرق بين هذا وذاك».وقطع البشير بأن دعوته إلى الحوار قد ترجمت إلى «واقع باتفاق الجميع»، بما في ذلك الاتفاق على موضوع «الهوية» في البلاد، مشدداً على أن الوثيقة الوطنية عالجت كل القضايا الخلافية، ومشيراً إلى أن تكوين حكومة الوفاق الوطني على المستوى المركزي والاتحادي إحدى توصيات تلك الوثيقة. ودعا البشير المواطنين للاستعداد لمرحلة الانتخابات في 2020، وقال إنها ستجري وفقاً لما اتفق عليه أثناء الحوار الوطني، وتابع: «وبعد الانتخابات، تأتي مسألة الدستور الدائم الذي يحكم السودان، ويجيزه الجميع».من جهته، قال حاكم الولاية (الوالي) عيسى آدم أبكر إن الأمن استتب، وإن الجميع سئموا الحرب ويريدون السلام، مشيراً إلى قرارات وقف النار التي التزمت بها حكومته مع المتمردين، وتابع: «قواتنا التزمت بوقف النار، ونقول بكل شجاعة إن الحركة الشعبية قطاع الشمال أيضاً ملتزمة به».وكشف حاكم الولاية اتصالاً مباشراً بين حكومته وقادة متمردي «الحركة الشعبية - الشمال»، وقال: «إنهم جميعاً يؤكدون عبر هذه الاتصالات أنهم لا يريدون الحرب». وأرسل الوالي رسالة إلى زعيم «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو، دعاه فيها إلى العودة إلى «حضن الوطن»، معلناً استعداده للتنازل عن منصبه له، أو منحه أي منصب يريده من أجل السلام، وتابع: «أهل جنوب كردفان يطلبون 3 قضايا أساسية؛ هي طريق إسفلت دائري يربط الولاية، وإكمال توصيل خدمة الكهرباء، وأن تكون مؤسسة جبال النوبة واقعاً».
مشاركة :