إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدفع نحو حل سياسي في اليمن لقطع الطريق أمام الاستثمار الإيراني.العرب [نُشر في 2017/08/01، العدد: 10709، ص(1)]واشنطن تنزل بثقلها في ملف الأزمة اليمنية صنعاء - رفع موقف الولايات المتحدة الداعم لمبادرة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد من سقف الآمال بحل في اليمن، في وقت ساد فيه الاقتناع بأن ولد الشيخ فقد أي حظوظ للاستمرار كوسيط في الأزمة في ظل اتهامات له بمجاملة الحوثيين والتسويق لرؤيتهم. وكشف السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، عن اعتزام واشنطن لعب دور قيادي أكبر في حل الأزمة اليمنية. وأكد تولر في مؤتمر صحافي على دعم بلاده لجهود ولد الشيخ، ورحب بتعاطي الحكومة اليمنية بإيجابية مع الخطة الأممية الأخيرة حول الحديدة، مضيفا أن هناك إشارات إيجابية من المؤتمر الشعبي التابع للرئيس السابق علي عبدالله صالح في ما يتعلق بالخطة، مقابل ملاحظات حوثية عليها. وقال “استلمنا إشارات إيجابية من عناصر تدعم صالح باستعدادها للتعاطي مع الأفكار التي يحملها المبعوث”، أما الحوثيون، فقد “رفضوا علنا بعض عناصر الخطة المتعلقة بالحديدة، ولكنهم أبدوا استعدادهم لمناقشة بعض أجزاء الخطة”. وأشار السفير الأميركي إلى أن “الحوثيين الذين قاموا أساسا بالانقلاب، يمتلكون أسلحة يجب أن تكون بيد الدولة، ولا يزالون هم المعضلة بالنسبة للتوصل إلى اتفاق، ولا يمكن التوصل إلى اتفاق سياسي طالما أن أحد الأطراف يلح على إبقاء السلاح معه وليس بيد الدولة”. واعتبر متابعون للشأن اليمني أن تصريحات تولر تكشف عن أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستهتم بدفع الحل السياسي في اليمن، وفق رؤية مغايرة لما كان طرحه وزير الخارجية السابق جون كيري من مبادرة لتأبيد الأزمة. وتوقع المتابعون أن يكون الدور الأميركي حاسما هذه المرة في إجبار الحوثيين على قبول المبادرة الأممية سواء ما تعلق بالحديدة، أو بحل الأزمة ككل، لافتين إلى أن إدارة ترامب تفهم سر المماطلة الحوثية وارتباطها بأجندة إيران الهادفة إلى توسيع دائرة الفوضى ومنع أي استقرار يمكن أن يفهم كنصر للسعودية. ويعاود ولد الشيخ جهوده لإحياء المسار السياسي اليمني من خلال جولة جديدة يزمع القيام بها الأسبوع القادم تبدأ من العاصمة السعودية الرياض. ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لـ”العرب” ترتكز الجهود المزمعة لولد الشيخ مع تجدد الحديث عن معركة الحديدة في أعقاب فشل مساعي التوصل إلى اتفاق حول مصير إدارة الميناء الاستراتيجي الذي يتشبث به الحوثيون، وتعتبره الحكومة اليمنية شريانا رئيسيا لإمداد المتمردين بالسلاح القادم من إيران. وانحصرت الجهود الأممية خلال الفترة الماضية في التوصل إلى اتفاق جزئي يغلب عليه الطابع الإنساني ويهدف إلى تحييد ميناء الحديدة عن أي مواجهات وتسليم إدارته لطرف ثالث يتولى تحويل إيراداته لصالح دفع رواتب موظفي الدولة بحسب المبادرة التي أعلن عنها ولد الشيخ في الأيام السابقة وحمّل الحوثيين مسؤولية تعثرها في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي. وقال اللواء صالح الزنداني نائب رئيس هيئة الأركان العامة بوزارة الدفاع اليمنية أن سقوط معسكر خالد بن الوليد فتح آفاقا جديدة “للتقدم نحو الحديدة والسيطرة عليها وإخضاع الميناء للشرعية وقطع الإمدادات الإيرانية لتحالف صالح والحوثي”. وأكد الزنداني أنهم كعسكريين لا تهمهم الضغوط الدولية، في إشارة إلى إصرار الحكومة اليمنية على تحرير الميناء الاستراتيجي الذي أعلن ولد الشيخ أكثر من مرة أن جهودا سياسية قام بها حالت دون عملية عسكرية للتحالف باتجاه الميناء. وعلى وقع التحولات العسكرية على الأرض والحراك الدبلوماسي والسياسي، وفي سياق ما عرف عن الحوثيين من قدرة على امتصاص الضغوط السياسية من خلال تقديم تنازلات إعلامية، دعا رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثيين، محمد علي الحوثي، الأحد، السعودية إلى هدنة خلال فترة الحج والأشهر الحُرم، يتم توقيعها في البيت الحرام. وأكد الحوثي على أن كل الأطراف ستلتزم بالهدنة وذلك عن طريق إيقاف المواجهات في جميع جبهات القتال وفك الحصار. واعتبر مراقبون أن تصريحات القيادي الحوثي تأتي كمحاولة لعدم إظهار الجماعة المسلحة كطرف وحيد معرقل للتوصل إلى أي اتفاق بعد أن عمل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على إرسال رسائل إيجابية للسعودية. ولفت المحلل السياسي اليمني فارس البيل إلى أن اليمنيين باتوا غير متفائلين كثيرا بجولة أممية جديدة، بعد خيبات كثيرة، وبالأخص أن هذه الجولة باتت محصورة في إطار ميناء الحديدة فقط. وأشار البيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن كل الجهود الأممية لإحلال سلام شامل وكامل في اليمن قد تعثرت، وباتت الأمم المتحدة والدول الوسيطة تبحث فقط عن اختراق ولو كان بسيطا، وإن كانت قد تغيرت نبرة واشنطن الرسمية وألقت باللائمة بوضوح على الحوثيين بعد أن كانت تعاملهم كطرف له قيمة سياسية وتوازيه بالشرعية من جهة التفاوض والاعتبار المعنوي. وأضاف أن “الأمم المتحدة أسهمت من قبل في إيقاف تقدم الشرعية نحو الحديدة ومينائها الاستراتيجي وأعتقد أنه كلما تقدمت الشرعية أكثر، زاد الضغط السياسي لأجل التفاوض وعلى الحكومة الشرعية أن تدرك هذه المعادلة وتسرّع من وتيرة الانتصارات العسكرية”. وفي ما يتعلق بفرص نجاح الاتفاقية الجديدة حول ميناء الحديدة قال البيل إنه ربما يوجد ضغط أميركي ضد الحوثيين للقبول بها وإن كانوا قد أعلنوا رفضهم مسبقا، لافتا إلى وجود تراخ من قبل الرئيس السابق إزاء هذه الخطة”.
مشاركة :