بيروت - بعد سنوات طويلة من الإهمال الذي عانت منه جزيرة صيدا الصغيرة التابعة لمدينة صيدا اللبنانية (جنوب)، ها هي الحياة تعود إليها مجدداً لتخرجها من "كبوتها"، باعثة الروح والأمل فيها. فوسط مظاهر مليئة بالأضواء والموسيقى والفرح تزينت سماء المدينة العريقة، الخميس، بأول حفل كبير يقام وسط البحر، لتجتذب أعداداً كبيرة من أبناء المدينة ومدن لبنانية أخرى، للاحتفال بالحدث الفريد. وامتلأت أرجاء صيدا فرحاً، وسط تناغم الأضواء الملوّنة، التي رقصت على وقع الموسيقى الصاخبة، بمشاركة رئيس بلدية مدينة صيدا محمد السعودي، وعدد كبير من الشخصيات العامة. هذه الجزيرة أو "الزيرة"، كما يطلق عليها أبناء المدينة لصغر مساحتها، هي ما تبقى من مدينة "صيدون" المعروفة، بحسب المؤرخين، بأنها أقدم مدينة في العالم وقد بنيت في عهد "الكنعانيين". عبر الحقبات التاريخية المتلاحقة دُمر جزء من مدينة صيدا، أو "صيدون" (وهي تسمية إغريقية تعني كثرة السمك في شواطئها). هذا الجزء المدمّر شكّل ما يُعرف اليوم بـ"الزيرة"، فيما المدينة الحالية (أي صيدا) فقد تم بناؤها في فترات تاريخية لاحقة. الحدث الفنّي المبهر والأول من نوعه في لبنان، كونه احتفالية فنيّة وسط البحر، نظمته جمعية "أصدقاء الزيرة وشاطئ صيدا" (غير حكومية)، والتي تمكنت من تخطي الصعوبات والتحديات، باستعادة الجزيرة المنسية إلى ربوع أجدادها، وفق تصريح رئيس الجمعية كامل كزبر. وأضاف أنه "تم العمل بإتقان من أجل تنظيفها وتنظيمها وفرش أرضها الصخرية بالرمال، كي تصبح معلما سياحياً مهماً في المدينة". ولفت كزبر إلى أنه بات للزائر المحلي أو السائح إمكانية زيارة الجزيرة - التي تتألف من 3 أجزاء - بواسطة قوارب بحرية مخصصة لنقل الركاب، بهدف الاستجمام والسباحة بعيداً عن ضجيج وصخب المدن. وأوضح أن جمعية "أصدقاء الزيرة وشاطئ صيدا"، تأسست قبل سنتين، كي تعيد البنية والعلاقة بين هذه الصخرة، التي تشكل امتداداً لمدينة صيدون القديمة، (كون الجزيرة عبارة عن صخور صغيرة) ومدينة صيدا الحديثة". وتابع قائلاً أنّ "جبل النفايات، الذي كان يحيط بها (بسبب أزمة النفايات الكبيرة التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة)، أدّى إلى عزلها قسراً عن المدينة والزوار". ومن أبرز الإصلاحات، التي طرأت على "الزيرة"، إعادة ترميم المنارة التي تتوسطها، وإنشاء مرساة للمراكب. كذلك تم وضع مظلات كبيرة تسمح للزائر الجلوس تحتها، ويتم العمل حالياً على بناء حمامات كي تتحول الزيرة إلى منتجع سياحي أمام جميع الطبقات الاجتماعية في لبنان. وقال الموسيقار حسن عبدالجواد، والذي شارك مع فرقتة بتقديم وصلات موسيقية، إن "مشاركته جاءت لدعم تلك الجزيرة الصغيرة التي تستحق الحياة والاهتمام". وأضاف أن "سعادته لا توصف كونه يشارك في حدث تاريخي لأول مرة يحصل في لبنان، وهو إقامة حفل موسيقي وسط البحر، فهذا الشعور على مسرح الجزيرة لا يشبه أي شعور على مسارح أخرى". وتتألف الجزيرة التابعة لمدينة صيدا من ثلاثة أجزاء: الصخرة الكبيرة ومساحتها 30 ألفاً و492 متر مربع، وتبعد عن المرفأ الذي ترسو فيه السفن 380 متراً وعن القلعة البحرية 495 متراً. أما الصخرة الدائرية فمساحتها 580 متر مربع، والصخرة الصغيرة، وتبلغ مساحتها 230 متر مربع. وتعتبر مدينة صيدا ثالث أكبر المدن اللبنانية، وكبرى مدن محافظة الجنوب، وهي ساحلية تقع على البحر المتوسط، وتبعد 50 كيلو متراً عن العاصمة بيروت، وتعتبر العصب الاقتصادي لمحافظة الجنوب.
مشاركة :