خلفيات الحكم على لاجئ سوري بالسجن تسع سنوات لمحاولته قتل زوجته

  • 8/1/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

كان اللاجئ يحيى ـ كما أتهمته زوجته اللاجئة السورية سناء ـ يُفرِط في شرب الكحول ويضربها هي وبناتهما بل وأتهمته بالتحرش بإحداهن، وحين شعر بأنها تريد تطليقه حاول قتلها. فماذا كان حكم القضاء؟ وما رأي الخبراء في هذه الظاهرة؟ نظرا لأنها أرادت مفارقته هاجمها زوجها بسكين. حاول يحيى (48 عاما) والد بناتها الثلاث قطع عنقها، وأصابها فعلاً بجروح خطيرة. لكن سناء (36 عاماً) نجت، ورفعت المرأة المرتدية للحجاب على زوجها الرجل المكتنز الجسد قضية في محكمة بوتسدام، عاصمة ولاية براندنبورغ شرقي ألمانيا. فحكمت عليه المحكمة يوم الإثنين 31 يوليو/ تموز 2017 بالسجن لمدة تسع سنوات بتهمة محاولة القتل والتسبب بجروح جسدية خطيرة لزوجته.   الغضب دافع محاولة القتل وخلال سرد المحكمة لتبرير الحكم أخفى يحيى وجهه بيديه، وخصوصا حين قال له القاضي الألماني تيو هورست توكَر موجهاً كلامه إليه: "ليس الإحباط هو الذي دفعك إلى هذه الجريمة بل إن غضبك على زوجتك -التي كنتَ تراها ملكيةً خاصةً بك- هو الذي دفعك إلى ذلك. لا شك لدينا بأنك أردتَ قتلها لأسباب وضيعة"، وهذا لا يجوز في هذا البلد، ألمانيا، وفق ما أضاف القاضي، بحسب ما نقلت صحيفة بيلد الألمانية في تقرير اطلعت عليه DW عربية. وتعاني لاجئات في ألمانيا من تعنيف أزواجهن لهن، وقد يكون هذا العنف جسديا، ونفسيا ولفظيا، إلا أنه في الوقت الذي تصمت فيه بعضهن عن تلك المعاناة، تفصح أخريات عما يعايشن فيذهبن إلى المحاكم أو يطلبن دعم مؤسسات مدافعة عن حقوق المرأة. وعن أسباب ظاهرة العنف الأسري ضمن العائلات اللاجئة في ألمانيا تقول لينا كَنّامة، الخبيرة في شؤون الاندماج لـ DW عربية -وهي من أصول سورية- إن كلاً من الطرفين إلى جانب المجتمع المحيط، كلهم يتحملون المسؤولية في ظاهرة العنف هذه. الخبيرة في الاندماج بألمانيا لينا كَنّامة (من أصول سورية) تقدم المشورة للنساء العربيات منذ ثلاثين سنة في برلين وتضيف أن العنف الأسري هذا لم يظهر فجأة في ألمانيا، بل إنه كان موجوداً في البلدان الذي أتى منها اللاجئون، ولكن سوء فهم وعدم تطبيق الزوجين للقوانين الألمانية، بالإضافة للظروف السيئة في المخيمات -مع العدد الهائل من اللاجئين الذين جاؤوا إلى ألمانيا دفعة واحدة- هو ما جعل ظاهرتي العنف الأسري والطلاق تطفوان على السطح. ويعتبر الطبيب النفسي ميمون عزيزي، وهو من أصول مغربية، في حوار سابق مع DW عربية أن إحساس الزوج بالفشل في حماية أسرته في بلده الأصلي ثم بعد ذلك في ألمانيا "يجعله أكثر عرضة للضياع والإحباط، لهذا فهو يبحث عن من هو أضعف منه ليفجر فيه هذا الاحساس، وطبعا فإن الزوجة هي الأضعف في تصوره، لهذا يمارس عليها العنف الجسدي أو النفسي انتقاما من ذاته ومن الظروف المحيطة به". كانيضربهاويضرببناتهما في المحكمة هزّت سناء برأسها موافقةً على حكم القاضي وكلامه. فقد تزوجت مجبرة وهي في عمر الرابعة عشرة من شريك حياتها يحيى. وقد "كان يحيى يضربها ويضرب بناتهما وكان يشرب الكثير من الكحول"، كما يقول القاضي. وقد تم اتهام يحيى بأنه ترك السكين من يده لأنه اعتقد أن زوجته قد ماتت بالفعل، بعد أن قطع بالسكين جزءاً من حلقها. وتضيف الخبيرة لينا كَنّامة التي تقدم المشورة للنساء العربيات في ألمانيا منذ ثلاثين سنة، أن سلطة الرجل الصارمة أحياناً ورغبته في تقييد حرية المرأة تكون في كثير من الأحيان سبباً في حدوث حالات عنف أسري، ولكنها في الوقت ذاته تؤكد أن استفزاز المرأة لزوجها في بعض الحالات وتجاوزها لحدود اللباقة هي ما يدفع الرجل للرد بعنف أحياناً. الطبيب النفسي من أصول مغربية ميمون عزيزي تهديدقبل محاولة القتل "لقد بدأ بتهديدي منذ سبتمبر/ أيلول 2016 قائلاً إنه سيقتلني بيديه الاثنتين"، كما تقول سناء، التي كانت في ذلك الوقت تعيش منفصلة عن زوجها يحي. وفي الخامس من يناير/ كانون الثاني 2017 تقدَّم يحيى في الشارع وبيده سكين تجاه زوجته سناء. وأخذ يجز بها حلقها لأنه رأى أنها مُقدِمَة على مفارقته، بحسب ما نقلت صحيفة بيلد الألمانية. ولم يتقنع القضاء بمبررات يحيى بأنه لم يتذكر أي شيء من حادثة محاولته قتل زوجته، سيما وأنه قد تم عرضه على خبير نفسي أكد أن الرجل بكامل قواه العقلية وليس هناك أي أعراض مرضية تستدعي تخفيض العقوبة، لكن عدم وجود سوابق له وتسليمه نفسه للشرطة بعد محاولة الفرار، جعل القاضي يأخذ ذلك بعين الاعتبار، بحسب ما أورد موقع بوتسدامر نويسته ناخريشتن. وليس الطلاق بالأمر الغريب على أي مجتمع، لكن الملفت هو ازدياد حالات الطلاق بين اللاجئات، حيث هناك من تطلب الطلاق بمجرد وصولها لألمانيا أو ترفض التحاق زوجها بها. ويرى الباحث الاجتماعي الألماني، روبرت شيولر، في حوار سابق مع DW عربية أنه "ينبغي ألا ننسى أن بعض الزيجات لا تتم عن حب، بل بحسب التقاليد. لذا هناك من تطلب الطلاق انتقاما ليس من الزوج بل من أم الزوج التي كانت قد عاملتها في فترة من الفترات بعنف". وترى لينا كَنّامة أن الجانب المادي كثيراً ما يكون بداية حصول الخلاف، خاصة بعد أن فقد الرجل اللاجئ هيبته -في نظر الزوجة- والتي كان العمل يمنحه إياها، إضافة إلى أن الكثير من النساء في ألمانيا لم يعدن يتكتمن على العنف لأنهن يعتبرن أن الدولة هي التي تلبي مستحقاتها المادية. الأخصائي الاجتماعي الألماني روبرت شولر أثرقطع على عنق الضحيةيختفيتحتحجابها نجت سناء من جناية القتل، وها هو الأثر الطويل لمحاولة قطع عنقها يختفي تحت حجابها. وقالت الضحية أثناء المحاكمة إن المارة في الشارع أنقذوها، مؤكدةً: "لولا تدخل الألمان في الشارع لكنتُ الآن ميتة". يمتد أثر القطع من أذنها اليسرى إلى ذقنها، وقد تم تخييط الفتحة طبياً بأربع عشرة غرزة، بحسب ما نقلت الصحيفة الألمانية. وتضيف كَنّامة، وهي إستشارية اجتماعية للاجئيات، أن أغلب حالات العنف الأسري لدى اللاجئين موجودة كذلك في العائلات الألمانية، والعنف ضد الزوجات لدى اللاجئين لدى الأزواج يرتبط نفسيا بظروف الحياة الجديدة في بلد لا يجيدون لغته، ولا يعرفون تقاليده وقوانيه. "التعقلوحدههوالحل" علاوةً على ذلك فإن يحيى متهم أيضاً بالاعتداء الجنسي على ابنته. وتقول الأم في هذا السياق أمام القاضي في المحكمة، بحسب نفس الصحيفة: "لقد اعتدى على ابنتي جنسيا. لقد رأيت ذلك بعينيَّ الاثنتين". وبعد إصدار الحكم أعربت سناء عن أهمية محاكمته مرة ثانية على استغلاله لابنته والاعتداء عليها جنسياً، علما بأن إجراءات المحاكمة بهذا الشأن سارية فعلاً في الوقت الحالي. وفيما يتعلق بمسؤولية المجتمع تقول المختصة السورية أنه لا توجد منظمات خاصة تشرح للرجال اللاجئين القانون الألماني وحقوقهم في إطار هذا القانون، مما يجعل الرجل يضيع في مجتمع لا يتحدث سوى عن حقوق النساء.  وحول السبيل لحل هذه الظاهرة ترى الخبيرة في شؤون الاندماج أن التعقل وحده هو الحل، فحتى إذا لم يتفاهم الشريكان ويتعاونا من أجل حل مشاكلهما، يجب عليهما أن يدركا أن استخدام القوة ليس حلاً إطلاقاً، وتضيف: "عند حصول أية مشكلة عائلية، يجب على الزوجين أن يستعينا بالمنظمات الاجتماعية والخبراء من أجل المساعدة في حلها دون التفكير بالعنف إطلاقاً". علي المخلافي / محيي الدين حسين

مشاركة :