من المؤلم المحزن أن دولة الدستور، الكويت، تصبح في عيون شعبها موطن الندامة، فيما تثور أسئلة كويتية ودولية على تناقضات سياسية وأمنية حول دولة دستورية، وقف المجتمع الدولي تحية تقدير ودعم لأميرها الراحل الشيخ جابر الأحمد في 27 سبتمبر 1990، متأثرا بكلمة اعتصرها قلب إنسان خاطب الجمعية العمومية للأمم المتحدة بلغة امتزجت بين حشرجة الألم ودموع قائد ورمز الشرعية الكويتية بعد غزو الكويت في 1990/8/2. أجد نفسي ملزماً بأن ألوم أنفسنا كشعب قبل نواب الأمة والحكومة على ما يشهده وطن الدستور اليوم من العوم في بحر الندامة، فقد أصبحنا جميعاً شركاء في المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع من تدهور مفزع لوطن له تاريخ سياسي وثقافي واقتصادي بارز سبق أشقاءه في الخليج العربي، وسطر دروساً لدول سبقتنا ديموقراطياً أكبر من مساحة الكويت وعدد شعبها! حكم قضائي فاصل صدر عن محكمة التمييز في 2017/6/19 ضد من تآمر على أمن الكويت، دولة وشعباً، المعروفين بـ«خلية العبدلي»، فيما يتمكن المجرمون بعد شهر تقريباً من الهروب خارج البلد، وبعد التدرج العادل في درجات التقاضي المختلفة، وصولاً إلى محكمة التمييز! لا يغير في واقع الندامة عدد المجرمين الهاربين، سواء كان واحدا أو أكثر من المتآمرين، وسواء خرجوا من الكويت جواً أو براً أو بحراً، كل هذا لا يغير في حقيقة أننا جميعاً شركاء في التهاون، وفي الوضع المخيف الذي نعيشه اليوم من دون استثناء لأي طرف! نعم، نحن شركاء، شعباً وحكومة ونواباً، في عدم تصدير صوت معارض وواقعي في التصدي للفساد السياسي والمالي، حتى تخترقنا اليوم مشاعر الندم والحسرة! شركاء كشعب لأننا لم نجد محاسبة ممثلينا في المؤسسة التشريعية، ولم نمكن أيضاً بعض النواب من توفير عدد كاف، لعدم التعاون مع الحكومة بكاملها وفقاً للدستور، حتى لو استوجب الأمر تغيير حكومات وليس واحدة! شركاء لأننا لم نستطع إيصال صوت الشعب إلى أصحاب القرار حتى لو كان خارج المؤسسة الدستورية.. شركاء أيضاً لأن أعضاء الحكومة، سواء شيوخا أو مواطنين، هم في النهاية أبناء وطن واحد. لكن الشراكة لا تعني تحمل الشعب للمسؤولية، فالقرار انفردت فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية في المهادنة حيناً وتصدير الطائفية والفئوية وحماية المتنفذين حيناً آخر! الحكومة مدعوة لإدراك المسؤولية السياسية والمبادرة بالاعتذار للشعب بالطريقة الصحيحة، وفي هذه الحال يصبح هناك استحقاق سياسي على بعض النواب، الذين قدموا مصالحهم، وساهموا بطرق مختلفة في تمزيق النسيج الاجتماعي، وتصفية حسابات شخصية في الاستقالة، والانسحاب من الساحة السياسية تقديما لمصلحة الوطن وإعادة روح المواطنة والانتماء إلى المواطن، واذا لم يحصل ذلك، وهو أمر غير مستبعد إطلاقاً، فسنظل شركاء في تحمل تبعات العبث في مصير الدولة. إنني لا أتحدث عن المثالية، وإنما أتحدث بصوت الندامة المشتركة على مسؤولية تركها لنا الآباء والأجداد، منهم من دخل السجن، وهم معروفون بالاسم، ومنهم من مات وجلد في ساحة الصفاة الكويتية حتى لو تجاهلهم التوثيق الرسمي، فيما رتب المجرمون هروبهم في وقت انشغال الإدارة الحكومية بتصدير وهم «كويت جديدة»، بينما الواقع برهن اليوم أننا موطن الندامة والوهم والفساد! الجزء الثاني: عن مصادر الإرهاب والمسؤولية الدولية. خالد أحمد الطراح
مشاركة :