... عيْناً على الاحتفالية التي أقيمت لمناسبة عيد الجيش اللبناني، وعيْناً أخرى على المرحلة الأخيرة من «صفقة الجرود» بين «حزب الله» وتنظيم «جبهة النصرة» التي بدتْ نهار أمس في «سباق» بين شروط «ربع الساعة الأخير» وبين اكتمال الاستعدادات اللوجستية لقفْل ملف «النصرة» في جرود عرسال (وامتدادها السوري في القلمون الغربي). هكذا بدا المشهد في بيروت يوم أمس، حيث حملتْ الاحتفالية التي أقيمت في «الفياضية» (بعبدا) إحياءً لعيد الجيش والتي تخلّلها تسليم الضباط المتخرّجين سيوفهم رمزيةً كبيرة لجهة استعادة المؤسسات حيويّتها بعد إنهاء الفراغ الرئاسي الذي كان حال دون إقامة احتفال «تقليد السيوف» منذ 2014، كما لناحية «صمود» التسوية السياسية الداخلية - الاقليمية التي وضعت حداً للشغور في الموقع الدستوري الأوّل. وخيّم على المشهدية التي ارتسمتْ في احتفال عيد الجيش الذي حضره رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري وحشد من الشخصيات، ملفّ جرود عرسال والعملية التي نفّذها «حزب الله» فيها والتي قوبلتْ داخلياً بعودة الاستقطاب حيال الموقف من مجمل الوضعية العسكرية للحزب وأدواره في لبنان وعدد من «الساحات المشتعلة» رغم «تمدُّد» التسليم السياسي والشعبي بهذه الأدوار، فيما تمت مقاربتها خارجياً بـ «نقزة» غربية أقرب الى الاعتراض على خوض «حزب الله» معركة الجرود وظهوره بمظهر «حامي لبنان» على حساب المهمة المركزية للجيش، في مقابل «اقتناص» طهران هذا الواقع المستجدّ «وتجييره» لمصلحتها في توظيفٍ سياسي يحمل أبعاداً ذات صلة بالوضع اللبناني وبنفوذها في المنطقة. وفي هذا السياق أعطى الرئيس عون في كلمته في احتفال الجيش إشارة بارزة «غطّت» ضمناً عملية «حزب الله» في الجرود اذ قال «ان آخر نصر للبنان، كان تحرير منطقة غالية من الحدود الشرقية من براثن التنظيمات الظلامية»، متطرّقاً الى العملية التي يرتقب ان ينفّذها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع لدحر تنظيم «داعش» منها اذ قال: «نتطلع الآن إلى قواتنا المسلحة المتأهبة لتحقيق نصر جديد، وتحرير ما تبقى من أراض استباحها الإرهاب لسنوات (...)». في المقابل، كرّس الرئيس الحريري عبر «تويتر» موقفه الرافض لأدوار «حزب الله» قائلاً: «الدولة وحدها هي الحل، والجيش اللبناني وحده، هو الجهة المؤتمنة على سلامة الأمن الوطني»، وهو ما تقاطع مع «مزاج» دولي عبّر عنه بيان لافت صدر عن السفارة البريطانية في بيروت أكد «ان المملكة المتحدة على استعداد لمواصلة دعم الجيش اللبناني في إطار قراريْ مجلس الأمن 1701 و 1559 وعبر دعم الحكومة اللبنانية للجيش باعتباره المُدافع الوحيد عن لبنان». وفي موازاة ذلك، اتّجهت الأنظار الى المرحلة الثالثة والأخيرة من «اتفاق الجرود» لإخراج «النصرة» وعائلات مسلّحيها ونحو 10 آلاف نازح من مخيمات عرسال وجرودها الى إدلب، وهي المرحلة التي كانت ما زالت عالقة حتى عصر أمس بفعل تعقيداتٍ طرأت منذ يوم الاثنين وتتصل بطلبات إضافية من «النصرة» تركّزت على إطلاق موقوفين من السجون اللبنانية وشمول «المهاجرين» الى إدلب عدداً من أنصارها (مطلوبين للقضاء) موجودين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، ورفْض تسليم الدفعة الأولى من أسرى «حزب الله» الثمانية والتي تضمّ 3 أسرى (كانوا وقعوا في قبضتها بعد وقف معركة الجرود) مع خروج آخر حافلة من جرود عرسال واشتراط «النصرة» ان يحصل ذلك داخل الأراضي السورية. ورغم اكتمال الترتيبات اللوجستية بدخول نحو 200 حافلة الى وادي حميد وإطلاق السلطات اللبنانية 4 موقوفين من سجن رومية (لبناني و 3 سوريين كانوا موقوفين بقضايا إرهاب)، فإن الحافلات لم تنطلق كما كان متوقعاً ظهراً، وسط معلومات عن محاولة «النصرة» انتزاع ما أمكن من مكاسب ولا سيما في ما خص إطلاق سجناء وأسرى لدى «حزب الله» ونشطاء من «عين الحلوة»، في تكرار لما دأبتْ على اعتماده في صفقات سابقة. وفيما استمرّت محاولات تذليل هذه العقبات ساد انطباعٍ بأنه كلما مرّت ساعات بعد الظهر ارتفعت التوقعات بتأجيل انطلاق الحافلات الى اليوم لتسلك طريقها الطويل والوعر من وادي حميد عبر فليطة وطريق حمص الدولية وصولاً الى حلب حيث يفترض ان تحصل عملية التبادل على قاعدة انه كلما دخلت دفعة من الباصات الى إدلب يتم إطلاق أسير من «حزب الله».
مشاركة :