الدوحة - قنا: استطاعت المنتجات الوطنية إثبات قدرة كبيرة على منافسة المنتجات المتنوعة الموجودة في السوق القطري والتي ترد من مختلف شتى بقاع العالم في وقت تعمل فيه دولة قطر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من عدد كبير من المواد الغذائية التي تستوردها من الخارج. ورغم أن المنتج الوطني متواجد في السوق المحلي منذ سنوات، إلا أن الحصار المفروض على دولة قطر سلط الضوء من جديد على أهمية هذا المنتج الذي كان من الضروري الاعتماد عليه بعد إغلاق المنفذ البري الوحيد لدولة قطر مع السعودية والتي كانت ترد عن طريقه السلع والبضائع المشحونة برا إلى جانب تعديات دول الحصار على الممرات البحرية والجوية الدولية. ومنذ بداية حصار دولة قطر في الخامس من يونيو الماضي ظهر المنتج الوطني كبديل قوي أمام المنتجات الأخرى وبالتالي فقد زادت القوة الإنتاجية للمواد التي يتم تصنيعها في قطر وذلك لتلبية حاجة السوق إليها. في الأيام الأولى من الأزمة سارعت وزارة الاقتصاد والتجارة بإطلاق مبادرة دعم «المنتج الوطني» بالتعاون مع المجمعات التجارية والاستهلاكية الكبرى، وذلك من خلال التنسيق معها لعرض المنتجات الوطنية بشكل واضح، ووضع ملصق يحمل شعار (منتج وطني) نحو السلع والمنتجات المحلية، بحيث يسهل للمستهلك الوصول إليها. وتلقى القطريون والمقيمون في دولة قطر هذه الدعوات بالترحيب وأطلقوا حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم المنتجات الوطنية تحت شعار «معا لدعم المنتجات الوطنية» التي أثبتت جودة لا تقل عن جودة باقي المنتجات الأخرى. وفي المقابل دعت وزارة الاقتصاد والتجارة كافة المطاعم والمقاهي في دولة قطر لاستخدام المنتجات الوطنية في المأكولات والمشروبات التي تقدمها، وذلك مساهمة منها في دعم هذه المنتجات. وفي إطار خطط الدولة لزيادة الإنتاج المحلي الوطني وتركيز الجهود نحو الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع الغذائية، كشف سعادة السيد محمد بن عبد الله الرميحي وزير البلدية والبيئة في تصريح له عن أن المرحلة القادمة ستشهد افتتاح مجمعين زراعيين للإنتاج الزراعي والحيواني والدواجن والأسماك، وتوفير الأعلاف بدعم من بنك قطر للتنمية. وأوضح سعادة الوزير أن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله ورعاه» الأخير تضمن موجهات حول دور القطاع الحكومي والخاص في تنمية الإنتاج، مبينا أن الوزارة تسعى من جانبها إلى الإسهام في تأمين الغذاء وزيادة الإنتاج والاعتماد على النفس، من خلال منتجات متميزة في الأسواق. وحول جهود الدولة لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع القطاعين العام والخاص للاضطلاع بدورهما في هذا السياق ، أشار سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوزارة البلدية والبيئة في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية « قنا» ، إلى مشاريع الإنتاج الحيواني التي سيتم تنفيذها خلال الفترة القادمة ، وقال إن من هذه المشاريع الجديدة في قطر مزرعة «بلدنا» لإنتاج الألبان بمشتقاتها لتغطية ما لا يقل عن حوالي 45 بالمائة من حاجة البلاد في هذا المجال . وذكر في هذا الصدد أنه يجري توسعة الإنتاج في شركات «غدير والمها و داندي و روعة» وفق خطة من المحتمل أن تكتفي فيها الدولة ذاتيا بعد 6 شهور من هذه المنتجات. وفي قطاع اللحوم الحمراء ذكر سعادته أن دولة قطر تشهد حالياً زيادة في أعداد الحيوانات تصل نسبتها إلى نحو 20 بالمائة سنويا ، فيما يجري تطوير العزب وزيادة أعداد الحيوانات فيها لهذا الغرض، مشيراً إلى أن العدد الكلي لهذه الحيوانات بالدولة يصل الآن إلى مليون و 350 ألف حيوان اقتصادي ، 70 بالمائة منها أغنام . أما في مجال إنتاج الدواجن، قال يجري توسعة الشركة العربية للدواجن ليرتفع إنتاجها من الدواجن بنسبة 100 بالمائة ، أي ليصل إلى حوالي 20 مليون دجاجة سنوياً بدلا من الإنتاج الحالي وقدره 10 ملايين دجاجة في العام. ونوه بأنه بهذه الوتيرة المتزايدة في الإنتاج ، من المقرر أن تكتفي البلاد ذاتيا من الدواجن الطازجة وبنسبة مائة بالمائة في غضون أقل من سنة . ولفت في سياق ذي صلة إلى بعض المشاريع الاستراتيجية التي طرحها القطاع الخاص مؤخراً ومنها مشروع لإنتاج 40 مليون دجاجة سنوياً. وفي مجال إنتاج البيض، ذكر سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوزارة البلدية والبيئة في تصريحه لـ « قنا» أنه في إطار جهود توسعة الشركة العربية للدواجن لزيادة منتجاتها بنسبة مائة بالمائة، فإنه تم حتى الآن إنجاز حوالي 50 بالمائة من هذه التوسعة، وبالتالي زاد إنتاج البيض من 60 مليون بيضة إلى 100 مليون بيضة في السنة، ليصل الإنتاج بعد انتهاء التوسعة في غضون الـ 6 شهور القادمة إلى حوالي 120 مليون بيضة في السنة. وتطرق إلى جهود الدولة لتطوير المزارع القطرية، ومن ذلك إطالة الموسم الزراعي لـ 9 شهور في السنة، بما يسهم «ضمن الخطة الموضوعة « في تحقيق نسبة 65 بالمائة من الاكتفاء الذاتي في الخضراوات خلال عامين من الآن. وقال من ناحية أخرى إن الدولة حققت اكتفاء ذاتيا في قطاع الثورة السمكية وصل الآن إلى نسبة 89 بالمائة، وإنها تسعى وفق خطة قصيرة المدى لزيادة هذه النسبة لتصل إلى مائة بالمائة في السنة، مشيراً إلى أن لدى الدولة 3 مشاريع للاستزراع السمكي ستقوم بطرحها للاستثمار المحلي ويصل إنتاجها مجتمعة لنحو 6 آلاف طن في العام. كما يوجد مشروع لأسماك الروبيان يصل إنتاجه في العام إلى ألف طن من هذه الأسماك، وهو ما يكفي حاجة البلاد ويفيض عنها للتصدير الخارجي. من جهته ركز بنك قطر للتنمية على تسريع وتيرة التطور والنمو وتشجيع المشاريع الوطنية ضمن أنشطة القطاع الخاص في المجالات الاقتصادية الرئيسية والتي ستدر منافع اقتصادية واجتماعية شتى على الاقتصاد القطري على المدى الطويل بما يتوافق مع الرؤية القطرية الوطنية 2030. ولهذه الغاية يسعى بنك قطر للتنمية إلى دعم أصحاب المشاريع المحليين بالقطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد ومساعدة المصنعين القطريين في توسيع نطاق صناعتهم. ويهدف البنك إلى تعزيز روح المبادرة عند القطاع الخاص وتوفير الخدمات في المجالات الاقتصادية من خلال توفير رأس المال والضمانات والخدمات الاستشارية. وبمبادرة من البنك تم تدشين ملتقى «اشتر المنتج الوطني» في 11 يوليو الماضي، والذي جمع 70 شركة قطرية في خمسة قطاعات رئيسية مع 250 من المشترين المحليين وذلك بهدف تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على توسيع نطاق عملهم المحلي وإيجاد فرص التوريد والشراء المحلية في العديد من القطاعات المختلفة والتي تنعكس إيجابياً على نمو السوق القطري. وبعد النجاح الذي حققه تم تنظيم الملتقى الثاني «اشتر المنتج الوطني 2» في 25 يوليو من الشهر الماضي بمشاركة 150 شركة محلية في 10 قطاعات مختلفة، حيث الملتقى حلقة ربط بين الجمهور والمستهلك ودائرة المنتجين والموردين القطريين في قطاعات عديدة. وتم على هامش الملتقى توقيع اتفاقية بين بنك قطر للتنمية وهيئة الأشغال العامة لإطلاق مبادرة « تأهيل» للشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك بهدف مساعدة إدراج الشركات المعتمدة من قبل بنك قطر للتنمية لسلسة التوريد الخاصة بهيئة الأشغال العامة حيث سيقوم البنك بتقديم التسهيلات للشركات للدخول في قائمة الموردين المعتمدين لدى هيئة الأشغال وترشيح أسماء الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية لدعمها ماديا وفنيا إضافة إلى قيام «أشغال» بدراسة تغيير بعض اللوائح الداخلية للمشتريات لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية بحيث لا يكون هناك تضارب للجودة. وفي بادرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء أطلقت شركة «حصاد الغذائية» مبادرة «اكتفاء» التي تستهدف المزارع المحلية غير المنتجة والتي تزيد نسبتها عن 80 بالمائة، لتشجيعها على الإنتاج وذلك بهدف تعزيز الأمن الغذائي المحلي من خلال دعم أصحاب المزارع غير المنتجة، وذلك بالتعاقد معهم على أسس تجارية واضحة، لتوفير الدعم التقني وشراء إنتاجهم السنوي من الخضراوات والفاكهة، ثم تسويقها وبيعها في السوق المحلي لمدة عام واحد قابل للتجديد. وتقوم الشركة بتوفير المنتجات الوطنية داخل الدولة حيث أصبحت قادرة على تأمين السوق المحلي من خلال الشركات التابعة، كما تتمثل استراتيجية شركة «حصاد الغذائية» في تكوين محفظة عالمية تجمع بين مجموعة من المنتجات عالية الجودة، تنافس بكفاءة في مختلف الأسواق المحلية والعالمية. وتصل استثمارات الشركة إلى100 في المائة في بعض الشركات وأهمها شركة في أستراليا لإنتاج الحبوب واللحوم المبردة .. وتمتلك «حصاد» أكبر مصنع للتمور في قطر والذي يغطي 70 في المائة من احتياجات السوق المحلي . وتملك «حصاد» مزارع في مختلف المناطق بأستراليا فهناك أكثر من 172 ألف هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة في فكتوريا وفى جنوب وغرب أستراليا في 12 تجمعاً إقليمياً و8244 هكتاراً من المراعي الخصبة للأغنام في بارتون. وقال السيد محمد السادة الرئيس التنفيذي لشركة «حصاد الغذائية» في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا» إن الشركة قامت خلال الفترة السابقة بتوفير السلع الاستراتيجية بشكل يومي للسوق المحلي عن طريق الشحن الجوي والبحري، حيث قامت بتوفير منتجات الألبان وبيض المائدة والدواجن والخضراوات وغيرها من المنتجات الهامة من أكثر من 10 دول منها تركيا والكويت وأذربيجان وسلطنة عمان ولبنان، وتتميز جميع المنتجات التي تقوم الشركة بتوفيرها بالجودة العالية، طبقا لمواصفات السوق المحلي . وأوضح السادة أن شركة «حصاد» قامت مع بداية الحصار بالتنسيق مع عدد من الشركات في الدول الصديقة التي تتميز منتجاتها بالجودة العالية، لتوفير السلع التي يحتاجها السوق القطري بشكل ثابت وبأسعار مناسبة، وحيث وصلت أول شحنات هذه المنتجات إلى المحلات التجارية والسوق المركزي في السادس من يونيو الماضي، ومنذ ذلك الحين تقوم الشركة بتوفير السلع بشكل يومي وبكميات تتماشى مع حاجة السوق هذا بالإضافة إلى عمل الشركة على تكوين مخزون استراتيجي متجدد لبعض المنتجات الهامة.
مشاركة :