عبدالمجيد الجلاَّل :الانفتاح السعودي على العراق وزيارة مُقتدى الصدر!

  • 8/2/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تأتي زيارة زعيم التيار الصدري العراقي مُقتدى الصدر إلى المملكة العربية السعودية، في سياق التطورات الإيجابية التي تمر بها العلاقة السعودية العراقية ، والتي تُوجت بالزيارة المهمة لرئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي للمملكة قبل أسابيع معدودة. وأسفرت عن الاتفاق على محاربة الإرهاب ، وتجفيف منابعه ، والإعلان عن تأسيس مجلس تنسيقي بين البلدين. وتلت زيارة الوزير الأول العراقي للمملكة زيارة وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي ، والتي أسفرت هي الأخرى ، عن الاتفاق على فتح المعابر بين البلدين. وكان البلدان قد اتفقا قبل ذلك ، وتحديداً في عام 2015 على إعادة افتتاح السفارة السعودية في بغداد ، بعد نحو 25 عاماً من إقفالها ، إثر الغزو العراقي لدولة الكويت في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. كما قام وزير الخارجية السعودي عادل الجُبير بزيارة لبغداد في العام نفسه ، وُصفت آنذاك بالنادرة. السيد مُقتدى الصدر ، يُعد من القيادات الدينية الشيعية الأقوى على الساحة العراقية ، وقد اكتسب هذا الزخم الشعبوي ، نتيجة لأفكاره وسياساته ، التي تنزع إلى الاستقلالية ، في اتخاذ القرار ، وتأسيس حالة من التوازن في علاقاته السياسية مع إيران وجيرانها العرب ، خاصَّة السعودية . وفي لقائه مؤخراً مع إحدى القنوات الخليجية أكدَّ مُقتدى الصدر أنَّه يقف على مسافةٍ واحدةٍ بين الإيرانيين والسعوديين . والأمر كذلك بما يتصل بالخلاف الخليجي القطري، إذ يتفق على ما يبدو مع السيد حيدر العبادي في إبقاء بغداد على الحياد من هذا الخلاف، وتجنب الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك. هذا التَّوجه المُستقل للزعيم الصدري ، تبلورت ملامحه على أرض الواقع ، بامتناعه عن مشاركة قواته المعروفة بسرايا السلام ، في الصراع داخل سورية ، والنأي بها عن التورط في المستنقع السوري ، كما فعلت ذلك عشرات الميليشيات والقيادات العراقية الموالية لإيران ومشروع الولي الفقيه. أكثر من ذلك كان لأنصاره موقفاً مُثيراً من التدخلات الإيرانية في شؤون العراق ، إبان المظاهرات التي اجتاحت بغداد قبل نحو العام ، حين رددَّ أنصاره عبارات إيران برّا .. برّا . وقد دفع ذلك بقيادات ووسائل إعلام عراقية ، محسوبة على إيران نحو اتهام الزعيم الصدري بتشويه المشروع الإيراني في العراق والمنطقة. أمرٌ آخرٌ مهمٌ ، ربما لا يدركه الكثير من المُتابعين للشأن العراقي ، يكمن في الفلسفة الدينية والسياسية التي يتبناها مقتدى الصدر ، وأبرز عناوينها عدم إيمانه بولاية الفقيه ، وكل المسائل المرتبطة بها ، وهذا ما أعطى زخماً أكبر لشخصيته ، ومكانته في الداخل العراقي ، وأكسبه قدراً مهماً من الدعم السياسي الإقليمي. زيارة مقتدى الصدر للمملكة ، وفي هذا التوقيت ، وفي ظل التوتر الشديد الذي تشهده العلاقة السعودية الإيرانية ، سوف تُسهم نسبياً في تحسين شروط العلاقة مع العراق ، وإن كانت السعودية تُدرك تماماً صعوبة ، أو حتى استحالة ، تحجيم النفوذ الإيراني في العراق ، على الأقل في هذه المرحلة ، ولكن، في تقاربها مع الحكومة العراقية ، والمراجع الشيعية الوازنة ، تأمل بتحقيق اختراقٍ إيجابي ، لجهة السير نحو معادلة النفوذ الإيراني في العراق ، وما يخدم هذا المسعى السعودي ، أنَّ زيارة الزعيم الصدري للمملكة تتماهى على الأرجح مع سياسات وتوجهات حكومة العبَّادي. على كل حالٍ ، الانفتاح المتبادل بين البلدين العربيين ، سوف يخدم مصالحهما ، ويدفع باتجاه التنسيق الإيجابي بينهما في العديد من الملفات العالقة والساخنة محل الخلاف . وإن كانت إيران وأذرعها السياسية والعسكرية في العراق ستعمل على إحباط أو إفشال هذا الانفتاح ، الذي قد ترى فيه تهديداً لمكامن هيمنتها على حديقتها الخلفية العراق كما تدَّعي ! ونأمل ألا تنجح في ذلك! —————————————————————————– دكتور عبد المجيد الجلال كل الوطن

مشاركة :