خلص المحلل الإسرائيلي “عكيفا إلدار” إلى أن التاريخ سيسجل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه نجح في تقسيم المجتمع الإسرائيلي وتوحيد العرب والمسلمين في المقابل. جاء ذلك في مقال نشره الكاتب بموقع “المونيتور” الأمريكي في نسخته العبرية “إسرائيل بولس”، تحت عنوان “إرث نتنياهو.. يقسم إسرائيل ويوحد العرب”. لعب جبل الهيكل في أيام الحكم الروماني دورًا رئيسيًا في استراتيجية “فرق تسد”. كان يوحنان هوركونوس الثاني هو من تولى عهدته، بينما باقي الحكم تم تسليمه إلى “خيرة الشعب”. سيسجل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في صفحات التاريخ كسياسي صنع سيرة سياسية مجيدة على جدران الكراهية، تلك الجدران التي بُنيت بين مواطني دولة إسرائيل: بين اليمين واليسار، وبين اليهود والعرب وبين الدينيين والعلمانيين، وبين المواطنين وناشطي حقوق الإنسان والصحفيين. في المقابل سيحسب التاريخ له أحد أكبر النجاحات في توحيد العالم العربي والإسلامي ضد إسرائيل. يحاول الفلسطينيون على مدى سنوات طوال، بنجاح محدود للغاية، توحيد العالم العربي والإسلامي حول كفاحهم على حق تحديد المصير. وطوال تلك السنوات وجه الفلسطينيون أعينهم أيضًا صوب الغرب، نحو واشنطن والعواصم الأوروبية الرئيسية. وفي محنتهم علقوا آمالهم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لا ينجح حتى من ترتيب الأمور لديه في البيت. في قصر الإليزيه دخل زعيم يعلق جل اهتمامه على شئون بلاده الداخلية. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منشغلة في الانتخابات. ولدى رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي مشاكلها مع الاتحاد الأوروبي. كذلك حملة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) تحقق نجاحات جزئية. وفي مقابل أي مطرب يتجنب زيارة إسرائيل هناك العشرات الآخرين من المطربين وفرق الرقص والمسرح يأتون لإسرائيل. هنا، ورغم أنّ الرئيس الفلسطيني وجماعته ليسوا صالحين تمامًا، تُنجز مهمتهم بيد الآخرين. حولت حكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو نضالهم الوطني المتلاشي إلى مواجهة دينية قابلة للاشتعال. فقد لعبت بطاعة الدور الذي كان موكلًا للقتلة من أم الفحم (منفذو العملية الفدائية في الحرم القدسي 14 يوليو/تموز)، لم يكن مصادفة أن اختار الثلاثة تنفيذ مخططهم في مكان له قدسيته لدى كل المسلمين. معروف أن أية شائعة كاذبة عن مؤامرة يهودية للمساس بالمكانة الإسلامية بالحرم الشريف، تتحول إلى “الأمر8” في المجتمعات الإسلامية بأنحاء العالم (“الأمر 8” مصطلح عسكري إسرائيلي يتيح لوزير الدفاع استدعاء قوات احتياط بصورة فورية في حالات استثنائية مثل اندلاع حرب). فصورة من كاميرا مراقبة “يهودية” واحدة تخرج للشوارع في رام الله وغزة وعمان والقاهرة متظاهرين أكثر من آلاف الكلمات عن قتلى فلسطينيين في مواجهات بالأراضي الفلسطينية أو عشرات المستوطنات. كذلك أدرك المهاجمون من أم الفحم أنه ليس هناك مكان في العالم أكثر قابلية للاشتعال. عادت القضية الفلسطينية، وفي قلبها المسجد الأقصى لتتصدر جدول الأعمال أيضًا في صحف الجهاد العالمي ومواقعه. في هذه المناسبة الاحتفالية، عندما يكون “الأقصى في خطر”، يدعو تنظيم القاعدة مناصريه لتصفية أي يهودي، أمريكيًا كان أو أوروبيا يقف في طريقهم للمساجد المقدسة. القرار أحادي الجانب بوضع بوابات إلكترونية على مداخل جبل الهيكل مس إحدى أكثر النقاط حساسية لدى الجيران. تكمن العبثية هنا في أن نتنياهو أضر بشدة بمزاعمه حول تأكيد السيادة الإسرائيلية في جبل الهيكل؛ لأنه طالما ظلت الأبواب مغلقة أمام المسلمين- فلن تُفتح أيضا للزوار اليهود. لكن مسيرة الحماقة لرئيس الحكومة لم تتوقف عند جدران المدينة القديمة بالقدس. فقد نجح في إقامة جسر حديدي بين الفلسطينيين من كلا جانبي الخط الأخضر. في 27 يوليو/تموز نُشرت تقارير تفيد بأن نتنياهو اقترح تسليم بلدات في وادي عارة للفلسطينيين، مقابل ضم المستوطنات لإسرائيل. لم ينكر رئيس الحكومة. بذلك فإنه يحسب نفسه على حزب التهجير المتطرف، إسرائيل بيتنا بزعامة وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان، الذي تعد هذه واحدة من برامجه الرئيسية. الآن أرفع مسئولين إسرائيليين في القيادة السياسية يلعبان لصالح المتشددين الدينيين ويظهران مواطني إسرائيل العرب الذين يريدون الاندماج في المجتمع الإسرائيلي كبلهاء قابلين للاستغلال.
مشاركة :