خير الزاد التقوى - عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع

  • 7/13/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بلدنا ولله الحمد يفيض بالخيرات، ويحسدنا الكثيرون على ما نحن فيه من رخاء وأمن وأمان. نحن في نعمة تستوجب الحمد والشكر، وبالشكر تدوم النعم. قرأت مؤخرا قصة قصيرة تتحدث عن كيف يمكن لنا أن نُرشّد استهلاكنا من الزاد كي نسهم في توفيره لمن هم في حاجة إليه. وقد جرت أحداث هذه القصة في ألمانيا بلد الصناعة والعلامات التجارية المميزة. يقول راوي القصة: في بلد مثل ألمانيا، يتوقع الكثيرون رؤية مواطنيها يعيشون في رغد وحياة فاخرة ولا يأبهون بكمية ما يأكلون أو يهدرون. كان هذا انطباعي قبل رحلتي الدراسية، وعندما وصلت الى هامبورغ، رتب زملائي الموجودون في المدينة جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم. وعندما دخلنا لاحظنا أن كثيرا من الطاولات كانت فارغة. وكان هناك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجان شابان لم يكن أمامهما سوى طبقين وعلبتين من المشروبات. كنت أتساءل عما إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية، وماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الرج؟! وكان هناك في المطعم أيضا عدد قليل من السيدات كبيرات السن يوشكن على الانتهاء من الأكل. كنا جياعا وطلبنا المزيد من الأصناف.. وبما أن المطعم كان هادئا، وصل الطعام سريعاً، وبعد الأكل أخذنا طريقنا إلى الخارج، وكان هناك حوالي ثلث الطعام متبقٍ في الأطباق. لم نكد نصل الباب إلاّ وبصوت ينادينا. لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن إلى مالك المطعم ويؤشرن علينا!! فهمنا من الحوار أنهن يشعرن بالاستياء لطلب الكثير من الطعام مما يزيد على حاجتنا!! وأجابهن زميلي بقوله: "لقد دفعنا ثمن ما طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لا يعنيكن؟" إحدى السيدات نظرت الينا بغضب شديد، واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم. وبعد مرور وقت قصير وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه" ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية" وقال إنه سيحرر لنا مخالفه بقيمة 50 ماركا كوننا طلبنا أكثر من حاجتنا. التزمنا جميعا الصمت. وأخرج زميلي 50 ماركا قدمها مع الاعتذار إلى الموظف. قال الضابط بلهجة حازمة: "اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها.. المال لك لكن الموارد للمجتمع. وهناك العديد من الآخرين في العالم الذين يواجهون نقص الموارد.. وليس لديك سبب لهدرها"! احمرت وجوهنا خجلا.. ولكن اتفقنا معه بأننا فعلا بحاجة إلى تغيير عاداتنا الغذائية السيئة "فالمال لك، لكن الموارد ملك للجميع". رمضان مضى نصفه، وفي هذا الشهر الكريم نرى أشكالا عديدة من الهدر، وقد لاحظنا قبل دخول الشهر كيف يتدافع الكثيرون في محلات المواد الغذائية لتحميل أكبر قدر مما يعتقدون أنهم سيأكلونه أو يشربونه والواقع يثبت في كل عام بأن كمية كبيرة من هذه المواد ستذهب للحاويات أو تبقى حبيسة الأدراج للعام القادم، وقد تنتهي صلاحية بعضها قبل أكلها أو شربها.. فهل من مدّكر.

مشاركة :