قال تعالى: «وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون» (يس: 33 و34). (العيون هي التي تتفجر بالماء بقدرة ربها، وقد جاءت العيون ضمن تعدد نعم المنعم عز وجل في الأرض). يقول الدكتور محمد محمود عبدالله في كتابه «مع الطب في القرآن»: اختص الحق تعالى ماء عيون الأرض بميزة تعدد وظائفه دون ماء الأرض عامة فجعل منه سبحانه سقية ترتوي بها الكائنات فوق الأرض من إنسان وحيوان ونبات وطير وغيره، واقترن تفجيره مع جنات الأرض، أي: حدائقها وبساتينها حين جعل الله جل وعلا الحياة على الأرض آية دالة على قدرته ووحدانيته في قوله سبحانه: «وآية لهم الأرض الميتة أحييناها» إلى قوله تعالى: «وفجرنا فيها من العيون».ابتلاء أيوبولقد تجلت قدرة الله جل شأنه، حين جعل من الماء ترياقاً وشفاءً لنبيه المبتلى أيوب عليه السلام الذي امتحنه ربه فنجح في الامتحان حين صبر على الابتلاء، وزاد في ذكره وشكره للخالق سبحانه وتعالى يوم أن صرخ مستغيثاً بالحي القيوم فيما حكاه عنه القرآن: «وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» (سورة الأنبياء: الآية 83). وحين خرجت صرخة الاستغاثة هذه أثبت جل جلاله أنه أقرب لعبده المؤمن من نفسه، وانظر إلى سرعة الإغاثة «فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين» (سورة الأنبياء: الآية 84) وهذه مرتبة من العناية الإلهية الرفيعة لا ينالها إلا الصابرون، وصدق الحق سبحانه وتعالى إذ يقول: «وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم» (سورة فصلت: الآية 35). ولقد بلغ أيوب عليه السلام درجة من الصبر نال بها رضى خالقه عز وجل واستحق عنايته واستوجب المدح والثناء في قوله سبحانه: «إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب» (سورة ص: الآية 44).ولقد جاء القصص القرآني لرسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم إما للعبرة والعظة وإما للمنفعة والاقتداء، أما في أيوب، فإننا نجد أمراً من الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: «واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب» (سورة ص: الآية 41). أي: قص يا محمد ما حدث لعبدنا أيوب من فترة امتحان وفترة ابتلاء اختبرنا فيها قوة إيمانه، وحقيقة صبره، فمن أراد أن يقتدي به فليعلم أن الله جل جلاله مع الصابرين، ولا يضيع أجر المحسنين، وقد ظهرت معية الله وعنايته هذه حين قال سبحانه: «اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب» فأخرج له سبحانه من عيون الأرض ما جعل فيه ترياقه وشفاءه: ولقد سن الحق تعالى: في أيوب سنة للبشرية جمعاء، ومنهجاً قويماً، هما الأخذ بالأسباب والتسليم لخالق الأرض والسماء، وكذلك في مريم عليها السلام قال الله تعالى: «وهزي إليك بجذع النخلة» (سورة مريم:الآية 25).ومن عظمة الصانع الكبير الخالق العظيم: أنه يملك القدرة على أن يجعل من الترياق والشفاء سلاحاً فتاكاً يقتص به لعباده المؤمنين أيضا، كما هو الحال مع نوح عليه السلام حين دعا ربه شاكياً غلبة قومه: «فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا» (سورة القمر: الآيات 10-12).ماء مباركإن ماء العيون متعدد الأغراض كما هو الحال في ماء زمزم، وقد ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرب من ماء زمزم وأنه قال «إنها مباركة، إنها طعام طعم (أي ماء زمزم يشبع من يشربه) وشفاء سقم» وأن جبريل عليه السلام غسل قلب النبي عليه الصلاة والسلام بماء زمزم ليلة الإسراء.وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم وشفاء السقم». (رواه الطبراني وابن حبان)، وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ماء زمزم لما شرب له: إن شربته تستشفي شفاك الله، وإن شربته لشبعك أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة (أي حفرة) جبرائيل وسقيا الله إسماعيل (أي أن الله أخرج ماء زمزم في أول الأمر لسقي إسماعيل) رواه الدارقطني والحاكم وزاد: وإن شربته مستعيذاً أعاذك الله.وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول حين يشرب من ماء زمزم «اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء». وجاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: من أين جئت؟ قال: شربت من ماء زمزم، فقال ابن عباس أشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك يا ابن عباس؟ قال: «إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر الله، وتنفس ثلاثاً، وتضلع منها (أي امتلئ شبعاً ورياً حتى يبلغ الماء أضلاعك) فإذا فرغت فاحمد الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم». (رواه ابن ماجة والدارقطني والحاكم).خارج المعاييروأكدت دراسة جديدة أعدها الدكتور محمد عزت المهدي أستاذ الجيولوجيا بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس أن ماء زمزم لا يخضع للقواعد والمعايير الطبيعية، وأن به تركيبات ربانية لم يعرف أحد من العلماء بعد أسرارها.وأشارت الدراسة إلى بعض خصوصيات ماء زمزم، حيث إنه لا يتعفن ولا يتعطن، ولا يتغير طعمه ولونه ورائحته، فهو مثل عسل النحل الذي لا يتأثر بتعرضه للجو، على خلاف ما يحدث في جميع أنواع المياه الأخرى، مثل: مياه الأنهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية، ويرجع ذلك إلى غياب نشاط الجراثيم والبكتيريا والفطريات منه لزيادة تعدنه الذي تراوح ما بين2.28:4.5جم لتر، وكذلك لنوعية المكونات الكيميائية المسببة لتعدنه.وتميل مياه زمزم إلى القلوية، لكون الأس الهيدروجيني لها من 7.9:7.5وهذه القلوية بالإضافة إلى زيادة التعدن جعلتا هذه المياه المباركة من أعظم المياه المعدنية المستخدمة في العلاج والاستشفاء على مستوى العالم.ملوحة حلوةوتشير الدراسة إلى أنه على الرغم من زيادة الأملاح الكلية لماء زمزم، إلا أنه حلو الطعم، فالشارب لهذا الماء لا يشعر بهذه الملوحة العالية، على الرغم من أن الكم نفسه من هذه الأملاح لو وجد في أي ماء آخر، أو لو تم تصنيع ماء معدني بالمواصفات نفسها لما استطاع أحد أن يشربه، وهذا أحد أسرار الإعجاز الإلهي في هذا الماء، حيث يحوي نسبة 17% إلى 18% من كلوريد الصوديوم، والذي يعطي الإحساس بالملوحة، وهي نسبة تقارب النسبة المئوية للملوحة الموجودة في الماء العذب، ففي ماء النيل توجد 14%إلى 15% نسبة ملوحة، وعلى الرغم من وضوح الفارق بين نسبة الملوحة في ماء النيل وبين ماء زمزم إلا أن الأخير يبقى دائما حلواً، ولا يشعر الشارب له بأي ملوحة!.كما أشارت الدراسة إلى أنه برغم جهود المسؤولين لتوفير ومعالجة ماء زمزم وخصوصا في مكة والمدينة إلا أن هذه المعالجات التي تحدث لا تؤثر على الخواص الكيميائية لماء زمزم المبارك.وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم، فأطفئوها بالماء» وعن علي كرم الله وجهه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في أصبعه فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «لعن الله العقرب ما تدع نبياً ولا غيره»، ثم دعا بإناء فيه ماء وملح، فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح ويقرأ «قل هو الله أحد» والمعوذتين حتى سكنت.وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم، لما شرب له، فمن شربه لمرض شفاه الله، أو وجع أشبعه الله، أو لحاجة قضاها الله».وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حم أحدكم فليرش عليه من الماء البارد من السحر ثلاث ليال».«لعطش يوم القيامة»عن سويد بن سعيد قال «رأيت عبدالله بن المبارك بمكة أتى ماء زمزم واستسقى منه شربة، ثم استقبل الكعبة فقال: «اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ماء زمزم لما شرب له» وهذا أشربه لعطش يوم القيامة» ثم شرب». (رواه أحمد والبيهقي).
مشاركة :