في حين برزت معلومات عن أن القوات الأميركية «خففت من وجودها العسكري في منطقة التنف، عند الحدود السورية الأردنية»، وهو ما سارعت المعارضة إلى نفيه، فإن المشهد على جبهات القتال في معظم المحافظات السورية، التي حافظت على وتيرة التصعيد العسكري، سواء على مستوى المعارك التي تدور بين النظام وفصائل المعارضة، أو بينه وبين تنظيم داعش، وكثّفت الطائرات الحربية الروسية والسورية غاراتها على في وسط وشرق وشمال سوريا، موقعة عدداً كبيراً من القتلى المدنيين، آخرهم في المجزرة التي وقعت أمس في دير الزور، وأودت بحياة 15 مدنياً وعشرات الجرحى.وأوضح مهنّد الطلاع قائد «جيش مغاوير الثورة»، أن ما قيل عن خفض القوات الأميركية في التنف «أخبار عارية من الصحة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأميركيين وقوات التحالف الدولي عززوا وجودهم العسكري في التنف وليس العكس». وقال: «نحن موجودون معهم في المعسكرات ذاتها، ولا قيمة لكل التسريبات التي تتحدث عن انسحابات وتسليم المنطقة»، معتبراً أن «هذه التسريبات مصدرها الإعلام الروسي».إلى ذلك، تعرّضت مناطق واسعة في ريف حمص الشمالي أمس، لقصف عنيف من قوات النظام، نالت بلدة كيسين النصيب الأوفر منه، كما نفذت الطائرات الحربية التابعة للنظام غارات جديدة استهدفت البادية السورية ومدينة السخنة بريف حمص الشرقي، وتزامنت الغارات مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في منطقتي حميمة وشمال حقل الهيل النفطي، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أعلن أن التنظيم «فجّر عربة مفخخة استهدفت قوات النظام قرب حقل الهيل، ما تسبب بوقوع خسائر بشرية في صفوف عناصر النظام والمسلحين الموالين له». ومع استمرار المعارك في مدينة الرقة، بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وتنظيم داعش، بقي التباعد التركي الأميركي قائماً على خلفية دعم واشنطن العسكري للأكراد في سوريا.لكن السفارة الأميركية في أنقرة، نفت تقارير أوردتها وسائل إعلام تركية، تفيد بأن الولايات المتحدة أرسلت دبابات ومئات الشاحنات المحملة بالأسلحة إلى سوريا لدعم وحدات حماية الشعب الكردية. وقالت السفارة في بيان إن الولايات المتحدة «لم تمد أي جماعات تقاتل تنظيم داعش» في سوريا بدبابات، وإن الأغلبية العظمى من الشاحنات التي تعبر الحدود العراقية السورية لا تحمل عتادا أو إمدادات عسكرية».ميدانياً، حققت قوات سوريا الديمقراطية تقدماً جديداً في معركة الرقة، وقال ناشطون في تجمّع «الرقة تذبح بصمت»، إن «عناصر قوات (سوريا الديمقراطية)، سيطروا على مزيد من المساحات داخل مدينة الرقة في الجهات الأربع، على حساب تنظيم داعش». وأكدوا أن القوات المهاجمة «وسعت سيطرتها داخل حي هشام بن عبد الملك في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة، وتمكنت من الوصول إلى منطقة فرع الأمن السياسي سابقاً».وأكد الناشطون، أن «مجموعات من (قسد) حاولت التقدم نحو منطقة كراج البولمان والمركز الثقافي وصولاً إلى دوار الساعة، إلا أن الكثافة النارية للتنظيم وتفخيخ المنطقة أجبرها على التراجع، في حين أحرزت تقدماً ملحوظاً في منطقة حي الدرعية ومنطقة التوسعية، شمال غربي المدينة، وصولاً إلى الحديقة البيضاء». وأشاروا إلى أن «القصف الجوي لطائرات التحالف الدولي مكن عناصر (قسد) من التقدم إلى مشارف شارع النور ومشفى الأطفال، والتمدد باتجاه الشمال من أجل السيطرة على المباني الواقعة شرق شارع النور».ورغم أهمية هذا التقدم، فإن المعركة تتخذ منحى أكثر صعوبة، على حدّ تعبير ناشطي «الرقة تذبح بصمت»، الذين عزوا السبب إلى «الكثافة العمرانية في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم، وتمركز عدد كبير من المدنيين ضمن تلك الأحياء، حيث يستخدمهم التنظيم كدروع بشرية».في وقت أعلنت فيه مصادر ميدانية، أن «تنظيم داعش، بدأ يعتمد على استراتيجية الجيوب المكونة من بضعة عناصر، والمنتشرة في كل شوارع وأحياء الرقة»، مشيرة إلى أن هذه الجيوب «مستقلة عن القيادة العليا في اتخاذ قراراتها، ما يحمي التنظيم من الوقوع في الانسحابات الكبرى التي من شأنها التسبب بخسارات سريعة له، ويقلل من خطر رصده من قبل طيران التحالف».أما في دير الزور، فقد قتل 15 مدنياً وجرح العشرات غالبيتهم من عائلة واحدة ليلاً، بقصف جوي للطيران الحربي الروسي على قرى تقع في ريف دير الزور الغربي. وأعلن أعضاء في موقع «فرات بوست»، أن الطيران الحربي الروسي «ارتكب مجزرة مروعة بعد استهدافه قرى صبي وشيحا ومعدان عتيق ومدخل التبني من جهة البويطية في دير الزور». وقالوا إن الغارات «تركزت على بلدة التبني، خصوصاً على مدرسة حارة العكيصات ومؤسسة الكهرباء ومنازل مدنيين، ما تسبب باستشهاد 13 مدنياً من عائلة واحدة، وهم نازحون من دير الزور». وأعلنوا أن «القصف أدى إلى استشهاد ثلاثة أشقاء من قرية التبني».
مشاركة :