أعرب مسؤولون فلسطينون عن قلقهم من الدور الأميركي في المفاوضات الجارية بينهم وبين الإسرائيليين، في وقت دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لرام الله التوسع الاستيطاني. من جانبه، جدد الرئيس محمود عباس لدى استقباله فعاليات رسمية وشعبية في محافظة أريحا والأغوار امس أن «لا دولة فلسطينية من دون الأغوار، نحن متمسكون بذلك، وأكدنا ذلك أكثر من مرة». وأثار عدد من أعضاء لجنة الإشراف على المفاوضات في اجتماعها أمس في رام الله الكثير من الأسئلة عن الدور الأميركي في هذه المفاوضات، بعد إعلان إسرائيل عن سلسلة من مشاريع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. ورأى بعض أعضاء اللجنة أن الادارة الأميركية تمارس الخداع والتضليل على الفلسطينيين من أجل دفعهم إلى البقاء على طاولة المفاوضات، معربين عن قلقهم من قيامها بممارسة الدور ذاته في حال قدم الجانب الإسرائيلي مشاريع للحل السياسي في هذه المفاوضات، مثل الدولة ذات الحدود الموقتة وغيرها من المواقف. وطمأن الرئيس عباس عدداً من المسؤولين القلقين في عدد من اللقاءات بالقول: «أنا قلت للإدارة الأميركية عشر مرات، ومستعد لأقول لها ذلك في حال تقديم أي مشاريع للحل تتناقض مع الرؤية الفلسطينية». وقال مسؤول رفيع لـ «الحياة» إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قدم تعهداً للفلسطينيين أن تعمل إسرائيل على تقليص البناء في الكتل الاستيطانية، وعلى وقفه في المستوطنات الواقعة خارج هذه الكتل طيلة فترة المفاوضات. وأضاف: «من الواضح أن كيري، إما تعرض للخداع من الإسرائيليين، أو مارس الخداع علينا من أجل دفعنا إلى عملية المفاوضات التي كانت هدفاً للأميركيين طيلة السنوات الماضية». ويبدي عدد من المسؤولين الفلسطينيين قلقه من الاتصالات الأمنية الأميركية - الإسرائيلية الجارية في شأن المصالح الأمنية المشتركة في حال التوصل إلى حل سياسي. وقال مسؤول رفيع إن الجانب الفلسطيني ليس جزءاً من هذه المحادثات التي يشارك فيها من الجانب الأميركي فريق أمني رفيع بقيادة الجنرال جون آلن. وفي اسرائيل، نقلت صحيفة «معاريف» عن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية قوله «إن كيري كان على علم تام بقرار إسرائيل بناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة غيلو (في القدس الشرقية) وفي مستوطنات أخرى في الضفة الغربية»، مضيفاً أن «كيري دفع للفلسطينيين ضريبة كلامية فارغة من أي مضمون حين لام إسرائيل على توسيع المستوطنات وخطط البناء الجديدة التي ادعى عدم معرفته بها وأنها شكلت مفاجئة له ولإدارته، ما سمح بمواصلة المفاوضات وافتتاح جولتها الثانية في مدينة القدس (الغربية)». وقالت إن كيري أجرى الإثنين الماضي محادثات هاتفية مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ومع رئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض تسيبي ليفني طالبهما فيها بـ «العمل على لجم البناء الاستيطاني خلال الأشهر التسعة المقبلة». وأعلنت إسرائيل عقب بدء المفاوضات في واشنطن عن سلسلة مشاريع توسع استيطاني جديدة شملت طرح عطاءات لبناء أكثر من 2000 وحدة استيطانية في الضفة، غالبيتها في مستوطنات حول القدس الشرقية المحتلة، وإدراج 90 مستوطنة في الضفة ضمن قائمة مناطق «الأولوية الوطنية» في التطوير. عباس وبان إلى ذلك، أعلن الرئيس عباس أن المفاوضات هي «الطريق الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام للامم المتحدة في رام الله «إن الجولة الأولى من المفاوضات تناولت جميع قضايا المرحلة النهائية مثل الحدود، والقدس، والمستوطنات، واللاجئين، والأمن، والأسرى». وأضاف أن الجانب الفلسطيني توجه إلى المفاوضات «بنيات صادقة»، معرباً عن أمله في «أن يبادلنا الجانب الإسرائيلي النيات نفسها، وذلك لخلق الأجواء المناسبة من خلال وقف الاستيطان الذي نراه ويراه العالم غير شرعي، وإطلاق الأسرى والانخراط بإيجابية في المفاوضات بحضور الجانب الأميركي». وتابع أنه وعد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية عام 2012 بالعودة إلى المفاوضات لاستكمال بحث قضايا الحل النهائي، وعقد اتفاق سلام دائم وشامل مع إسرائيل، مؤكدا أن «المفاوضات السياسية والعمل الديبلوماسي هما الطريق الأنجح لتحقيق السلام في منطقتنا». وزاد: «أصبحت فلسطين وفق القانون الدولي دولة تحت الاحتلال الواجب إنهاؤه على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، مع تبادل طفيف للأرضي بالقيمة والمثل وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والقدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين». وذكّر عباس «بالمسؤولية التاريخية للأمم المتحدة حتى إنجاز المسألة الفلسطينية من جميع جوانبها وانضمام دولة فلسطين عضواً كاملاً إلى الأمم المتحدة»، مشيداً بالدور «الإيجابي الذي يقوم به بان شخصياً، وكذلك هيئات الأمم المتحدة في فلسطين، الأمر الذي يساهم في تخفيف معاناة شعبنا». من جانبه، قال بان: «جئت إلى هنا لتأكيد التزام الأمم المتحدة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة التي تأخرت كثيراً». ودان التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس، وقال إن استمرار النشاطات الاستيطانية يفقد الفلسطينيين الثقة بجدية الجانب الإسرائيلي تجاه عملية السلام». وأشاد بإطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين، وعبر في الوقت نفسه عن قلقه على مصير 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، خصوصاً المضربين عن الطعام والمعتقلين إدارياً الذين يجب تقديمهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنهم. كما أكد أهمية تأمين حرية الحركة للشعب الفلسطيني، خصوصاً قطاع غزة الذي يعاني من أوضاع إنسانية صعبة، وقال: «الرئيس عباس أكد أن المفاوضات ليست بديلاً عن المصالحة الوطنية التي يجب أن تتحقق للوصول إلى سلام حقيقي ودائم». واضاف: «إن هناك أمراً مهماً هو أنه يجب أن لا ننسى وجود 5 ملايين لاجئ فلسطيني»، مؤكدا أن «مؤسسات الأمم المتحدة تبذل جهودها للتخفيف من معاناتهم». وأشاد بجهود القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية للعودة إلى طاولة المفاوضات، وثمن جهود الإدارة الأميركية، خصوصاً كيري.
مشاركة :