لم يتجاوز تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 59 مليار دولار في إفريقيا في 2016، وهو مبلغ اعتبر أنه لا يزال متواضعاً جداً بالنسبة إلى قارة يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة. ومصر هي في المقام الثاني خلف أنجولا، حسب معطيات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد".لكن هذا الحجم من الاستثمار في القارة السمراء، الذي مثَّلَ خامس سنة من الانخفاض على التوالي، إذ بلغ تراجع 3 في المائة في 2016، كان محل نقاشات ذات نَفَس انتقادي في اجتماعات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد". ويقول اقتصاديو المنظمة "إن مجموع ما دخل إلى إفريقيا من استثمارات في العام الماضي يُعادل أقل من خمسة دولارات للفرد في الشهر، وهو مبلغ يقل بمقدار ثماني مرات عن الاستثمارات الداخلة إلى بريطانيا، على سبيل المثال".ومن القضايا الأخرى التي أثيرت حول الموضوع أن الاستثمارات في إفريقيا شديدة التركيز جغرافياً، خاصة أن خمسة بلدان فقط استولت أساساً على الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى القارة "57 في المائة من مجموع الاستثمارات"، وأن مجمل بلدان وسط إفريقيا لم تتلق من الاستثمارات في 2016 سوى 5.1 مليار دولار، ومجمل دول شرق إفريقيا 7.1 مليار دولار، ومجمل دول غرب القارة 11.4 مليار، في حين إن ما يقل قليلاً عن نصف التدفقات الاستثمارية "22.5 في المائة" توجه إلى بلدين فقط، هما أنجولا ومصر. واجتذبت الأولى بفضل قطاع النفط فيها ما يقرب من 14.4 مليار دولار، بانخفاض 11 في المائة مقارنة بعام 2015. واستفادت مصر من تدفق 8.1 مليار دولار، بزيادة 17 في المائة، ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى اكتشافات الغاز في حقل الزُّهر من قبل شركات أجنبية، على بعد 120 ميلاً إلى الشمال من نقطة دخول السفن إلى قناة السويس من جهة البحر المتوسط، والتحسن الكبير في الإطار القانوني للمستثمرين، بعد صدور قانون الإفلاس في آذار (مارس) الماضي، وصدور قانون آخر ينص على إعفاء ضريبي بنسبة 50 في المائة للمشاريع في المناطق الفقيرة.وبعد مصر بمسافة بعيدة تأتي نيجيريا في التصنيف بجذبها 4.4 مليار دولار بارتفاع 45 في المائة، وهو مبلغ اعتبره محللو "أونكتاد" مخيبا للآمال لبلد يبلغ عدد سكانه 190 مليون نسمة، إضافة إلى أنه لا يتناسب مع انضمام نيجيريا أخيرا، إلى مرتبة الاقتصاد الأول في القارة. ويقول محللو "أونكتاد"، "نيجيريا عانت كثيرا من تراجع أسعار الذهب الأسود، والفساد، وحتى تحقيقها في 2015 الكساد الأول منذ 1991، إلا أن الاستثمار فيها لا يتناسب مع ما تملك من ثروات في باطن الأرض".وليس لمنصة القارة الإفريقية سوى مُصدِّرين كبيرين للهيدروكربونات، وهناك متلقون مهمون آخرون، هم البلدان القائمة على التصنيع: غانا "3.5 مليار دولار، بزيادة 9 في المائة"، وإثيوبيا "3.2 مليار دولار، بزيادة 46 في المائة"، والمغرب "2.3 مليار دولار، بإنخفاض 29 في المائة"، وجنوب إفريقيا. ولم تجتذب هذه الأخيرة، التي كانت تُصنَّف منذ فترة طويلة بوصفها المركز الاقتصادي الأول في القارة، سوى 2.3 مليار دولار، وهو ما يزيد قليلاً على الحد الأدنى التاريخي في جذب الاستثمار الذي بلغته عام 2015.وما يتعلق بالبلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، يؤكد اقتصاديو "أونكتاد" أن انخفاض أسعار المواد الخام قلَّل من اهتمام المستثمرين في المنطقة، إذ جرَّ إلى خفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إليها بنسبه 7 في المائة.وانخفضت تدفقات الاستثمار إلى وسط إفريقيا بنسبة 15 في المائة في 2016، إلى 5.1 مليار دولار، وتأثرت جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي عادة ما تجتذب استثمارات تكاد تكون حصرية في قطاع التعدين، بشكل خاص، بانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر إليها بنسبة 28 في المائة، ليستقر عند 1.2 مليار دولار. على العكس من ذلك، شهدت جمهورية الكونغو ارتفاعاً في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 8 في المائة إلى ملياري دولار، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاستثمارات المستمرة للشركات الصينية.وأثارت المناقشات أيضاً الصعوبات التي تواجهها أقل البلدان نمواً، والبلدان النامية غير الساحلية، والدول الجزرية الصغيرة في الحصول على الإستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك، يرى اقتصاديو "أونكتاد" في تقييمهم للاستثمار في القارة السمراء أن مستثمري البلدان النامية، وتقف الصين في أعلاها، يواصلون توسيع نطاق أنشطتهم في أقل البلدان نمواً.وأشار محللو "أونكتاد"، وهم يركزون بصفة خاصة على الاقتصاد الرقمي، إلى تأخر البلدان النامية في هذا المجال. وأوضحت المناقشات التحليلية للاستثمار في القارة الإفريقية أن وجود شركات متعددة الجنسيات رقمية كبيرة في البلدان النامية "لا يزال هامشيا". علاوة على ذلك، فإن 13 في المائة فقط من الشركات التابعة لأكبر 100 شركة رقمية متعددة الجنسيات تقع في البلدان النامية أو التي تمر بمرحله انتقالية "دول أوروبا الشرقية التي كانت ضمن منظومة الكتلة الاشتراكية".Image: category: عالميةAuthor: ماجد الجميل من جنيفpublication date: السبت, أغسطس 5, 2017 - 03:00