الارتفاع غير المتوقع لليورو.. هل يشكل عائقاً للنمو؟

  • 8/6/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سجل اليورو ارتفاعاً قوياً خلال الأشهر الماضية أمام الدولار مدفوعاً بتنامي الشكوك حيال سياسة دونالد ترامب الاقتصادية وإن كان يخشى أن يمثل هذا الارتفاع عبئاً على النمو لا سيما في منطقة اليورو.وكانت الأسواق تخشى في مطلع السنة فوز الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا وتعول على مشاريع ضخمة للبنية التحتية الأمريكية بعد وعود ترامب بإنفاق مئات مليارات الدولارات لانعاش الاقتصاد كان من شأنها رفع التضخم وتحسين أسعار الفائدة والدولار. لكن خلافاً لكل التوقعات وبعد أقل من ثمانية شهور، ارتفع سعر اليورو بعد زوال شبح الشعبوية مع فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في فرنسا وهكذا بلغ اليورو الأربعاء الماضي أعلى مستوى منذ بداية يناير/ كانون الثاني 2015 ليصل إلى 1,19 دولار. وقال الخبير الاقتصادي فيليب ويشتر لدى ناتيكسيس: «منطقة اليورو هي اليوم تقريباً منطقة استقرار».وتعد استعادة الثقة نبأ ساراً لأوروبا التي ظلت مسيرتها متعثرة منذ بداية الأزمة وباتت تسجل اليوم نمواً ثابتاً بلغ 0,6% في الربع الثاني مقارنة مع الربع الأول في البلدان التسعة عشر التي تعتمد اليورو.ويقول لودوفيك سوبران كبير اقتصاديي شركة التأمين «اولر هرمس» إن «السؤال الحقيقي هو لماذا لدينا دولار ضعيف». وعزا هذا الانخفاض في العملة الأمريكية إلى حالة الضبابية السائدة في البيت الأبيض، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.ويضيف إنه «في ظل نسب نمو متساوية في منطقة اليورو وفي الولايات المتحدة ومع اتفاق سياستيهما النقدية، فإن الفرق يكمن في الثقة التي يضعها المستثمرون والشركات بكل من المنطقتين».وفي الوقت الراهن، يبقى التأثير في النمو معتدلاً مع توقع سوبران تراجعاً من 0,1 نقطة في منطقة اليورو هذه السنة، ولكن في حال واصل اليورو ارتفاعه قد يبلغ هذا التراجع 0,3 إلى 0,4 في المئة السنة المقبلة.وتتجه الأنظار الآن إلى البنك المركزي الأوروبي لكي يتدخل وينقذ الموقف. ويقول ويشتري «إن دوره يكمن اليوم في فعل كل ما هو ممكن من أجل استمرار تحسن النمو واستحداث المزيد من الوظائف، واليورو القوي يمثل خطراً عليهما».ويختلف وقع اليورو القوي على كل بلد. فألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، ليس لديها ما تخشاه في الوقت الراهن، وفق هولغر شميدنغ الاقتصادي لدى بنك بيرنبرغ الذي يقول إن اليورو «لا يزال بعيداً عن سعره المتوازن على المدى البعيد وهو 1,25 دولار».إيطاليا في المقدمةكما أن «ربع الصادرات الألمانية يُسعر اليوم بالدولار في حين أن ثلث التجارة الخارجية يذهب إلى منطقة اليورو ولا تتأثر بالتالي بسعر الصرف» وفق ايلي نوثناجيل الخبير في جمعية غرف التجارة الألمانية.لكن إيطاليا في المقابل ستكون «أكثر المتأثرين بتحسن سعر اليورو» وفق سوبران الذي يذكر بأن صادراتها تتقلب باستمرار تبعاً لسعر صرف العملة الأوروبية.وتقول ليسيا ماتيولي نائب رئيس منظمة أرباب العمل الإيطاليين «كونفياندستريا» والمكلفة الشؤون الدولية إنه «في حال ظل سعر صرف الدولار/اليورو مستقراً عند هذا المستوى، فلن يكون الأمر في مصلحتنا».وتضيف إن «الأثر قد يكون شاملاً على صادراتنا التي ازدادت في السنوات الأخيرة باتجاه أمريكا. نحن نصدر إلى الولايات المتحدة من قطاعات عدة: الموضة والإكسسوارات والحلي والأغذية والسيارات وآلات المصانع». ولكن لوسيا تاجولي أستاذة السياسة الاقتصادية في الكلية التجارية في معهد ميلانو للفنون التطبيقية (بوليتكنيك) ترى أن «اليورو قوي نسبياً، وليس قوياً جداً».وتضيف «لقد نمت الصادرات خلال السنوات الماضية وقد تعاني قليلاً ولكن لا يتوقع أن يكون للأمر تأثير مبالغ به» مؤكدة أنه من منظور الاقتصاد بمجمله «هناك فوائد كبيرة متوقعة مثل خفض سعر استيراد النفط والغاز على سبيل المثال».ويرى الاقتصاديون الفرنسيون أن السعر المتوازن لليورو هو 1,15 دولار، وأن ارتفاع اليورو «سينعكس بالطبع على قطاعات مثل الملاحة الجوية» وفق سوبران الذي يذكر مع ذلك بأن كبرى الشركات الفرنسية هي التي تصدر خارج منطقة اليورو وأنها برهنت في السابق على قدرتها على التكيُّف مع يورو قوي.وفي الوقت الحالي، لا ينبغي أن يثير ارتفاع سعر اليورو قلق إسبانيا التي يذهب نصف ما تصدره إلى منطقة اليورو وثلثاه إلى الاتحاد الأوروبي، التي نمت صادراتها بمعدل 5% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2017 مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. (أ.ف.ب)

مشاركة :