60 يوماً مرت على أزمة قطر بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها معها بسبب دعم الدوحة للإرهاب والتطرف، لكنها أبقت الباب مفتوحاً أمامها للعودة للبيت الخليجي شريطة الاستجابة لـ13 مطلباً تقطع صلة قطر بالإرهاب وتوقف قنوات التحريض، غير أن قطر واصلت تعنتها ومضت قدماً في طريق يبعدها أكثر فأكثر عن محيطها الحقيقي، واختارت التقارب مع إيران بدلاً من أشقائها. وبدأت أزمة قطر أمس شهرها الثالث بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في الخامس من يونيو الماضي العلاقات مع قطر بسبب دعم الأخيرة للإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الأربع. ولاحقاً أعلن عن قائمة تضم 13 مطلباً من قطر، في طليعتها وقف الإرهاب وإيواء الإرهابيين والمتطرفين. وراهنت الحكومة في قطر، عوضاً عن تصحيح المسار، على إيران البلد الذي تتغلغل ميليشياته في سورية والعراق واليمن، ما يضرب بعرض الحائط بمقررات مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشروط الدول المقاطعة التي بعثتها لقطر لإنهاء الأزمة. ومارست قطر الهروب إلى الأمام من خلال عرقلة الوساطة الكويتية، جنباً إلى جنب مع ترويج كذبة «الحصار». ولم تجد الدوحة حرجاً في محاولة تسييس فريضة الحج، ومنع مواطنيها من تأديتها، أو حتى تقديم طلب لـ«تدويل الحرمين»، إلا أنها لم تلقَ صدى داخل أروقة المنظمات الأممية. وكشفت الـ 60 يوماً أيضاً مدى عمق علاقات الدوحة بطهران، مفضلة إياها على جاراتها في الخليج، حيث أرسلت أخيراً وزير الاقتصاد والتجارة أحمد بن جاسم آل ثاني لحضور مراسم أداء روحاني القسم. القطيعة وعلى الرغم من المكابرة القطرية كان لها الأثر البالغ في اقتصادها، في ظل العجز الذي أعقب توقف التجارة البرية عبر منفذها الوحيد، وتقويض الحركة الجوية والبحرية. وأشارت بيانات مصرف قطر المركزي إلى أن صافي احتياطي النقد الأجنبي تراجع بأكثر من 10 مليارات دولار في يونيو فقط، هذا إلى جانب مخاوف باتت تحيط بتنظيم مونديال قطر وسط اتهامات بالرشى، فضلاً عن محاولات لتسييس الرياضة أحاطت بصفقة انتقال اللاعب البرازيلي نيمار دا سيلفا إلى نادي باريس سان جيرمان المملوك لقطر. ومنذ بداية الأزمة دخلت إيران على الخط مع قطر، وسارعت إلى فتح جسرين جوي وبحري مع الدوحة، وبدأت بإرسال المزيد من الطائرات والسفن التي تحمل مواد غذائية بناء على طلب قطر إلى العاصمة الدوحة. وبالتالي بدل أن تصلح قطر ما اقترفته بحق دول الجوار، ها هي، بحسب مراقبين، ترتمي في أحضان طهران التي ترى في تأزم العلاقة بين السعودية والإمارات والبحرين مع قطر، فرصة لتعزيز وجودها في قطر، بحسب ما أوردته قناة العربية. فقطر تمثل لإيران حليفاً أميناً، وطهران لا تنسى معروف الدوحة حين تعاطفت معها في الأيام الصعبة قبل الاتفاق النووي مع أوباما، وإيران ترى في قطر فرصة استثمارية كبرى، وتطرح نفسها بديلاً عن الجيران العرب. وفيما تنظر إيران إلى الدوحة كبوابة للتدخل أكثر في العمل العربي، وتكون الإسفين الذي تفرق به العرب عن العرب، يبدو أنه لا مشكلة لدى الدوحة في الطرح الإيراني. ويرى مراقبون أن دور السلطات في قطر لا يختلف كثيراً عن دور النظام الإيراني في المنطقة، من ناحية دعم الإرهاب وتهديد الأمن. وكمن يلوي ذراع «الحليف»، أو كمن يستبق قطف المحاصيل، بادرت إيران إلى تذكير الدوحة بضرورة ما أسمته «حفظ الجميل». إذ قال المدير التنفيذي للمطارات والملاحة الجوية الإيراني رحمت إله مهابادي، إن على الدوحة حفظ الجميل لإيران لفتح أجوائها أمام قطر. وأشار مهابادي في تصريح لوكالة أنباء «إيسنا» الإصلاحية، الشهر الماضي إلى أن إيران أرادت من فتح أجوائها أمام الطيران القطري التخفيف من عواقب المقاطعة التي فرضت عليها. وأضاف أن «طهران أبلغت الدوحة أنها تريد توسيع العلاقات معها دون تحقيق أي إيرادات مالية من استخدام الخطوط الجوية القطرية الأجواء الإيرانية». ودعا المسؤول الإيراني قطر إلى «عدم نسيان الموقف والدعم الإيراني منها حتى في حال تمت تسوية الأزمة مع الدول الخليجية». وبعيد المقاطعة، وحتى قبلها أعلنت الدوحة أنها تريد تعزيز العلاقات مع طهران.
مشاركة :