تزداد مطالبات المهتمين بعلم الاقتصاد من خبراء ومستشارين وأكاديميين بالأسراع باصلاح الطريقة التي يتم فيها تدريس علم الاقتصاد في الجامعات السعودية، حيث انه من الملاحظ أن أقسام الاقتصاد في عدد من الجامعات السعودية لم يقدم الطلاب فيها على تخصص الاقتصاد رغم انشاء هذه الأقسام منذ مدد تزيد عن العشرة سنوات وإن دل ذلك فإنما يدل على عدم جدوى طرق تدريس الاقتصاد في معظم الجامعات السعودية وهذا الأمر ليس مقتصرا على الجامعات السعودية بل تنتشر ظاهرة عدم الأقبال على تخصص الاقتصاد من قبل الطلاب في معظم الجامعات العربية كما أن الجامعات الأهلية في المملكة والتي يزيد عددها عن ثمانية جامعات عدا الكليات التي تعد بالمئات تكاد تخلو جميعها من اقسام تتخصص في الاقتصاد. واوضح ذلك استاذ الاقتصاد والمستشار في التطوير والجوده بجامعة الطائف د. خليل عليان مبيناً انه من الغريب أن معظم أساتذة علم الاقتصاد يقومون حاليا بتدريس مواد الاقتصاد الجزئي والكلي والقياسي واقتصاديات التنمية والاقتصاد السياسي والعمل والصحة والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والاقتصاد الأداري وغيرها من المقررات للطلاب في كليات العلوم الأدارية والمالية كمتطلبات لتخرجهم في تخصصات إخرى وليس لطلبة تخصص الاقتصاد. ونوه د. خليل الى ان الاقتصاد يعتبر أم العلوم التجارية والمالية والادارية وهو علم تأسس منذ القرن السادس عشر الميلادي وكان من أحد أشهر رواده العالم الاقتصادي الانجليزي آدم سميث عام 1665م، والذي يعتبر المؤسسس للمدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد أو ما يعرف بالاقتصاد الليبرالي، الذي يقوم على مبدأ اليد الخفية ودعه يعمل دعه يمر، وهو بحق يعتبر أبو الاقتصاد وكانت الكليات في جامعات العالم بما فيها الدول العربية تسمى باسم كليات الاقتصاد وقد تغير تسميتها الأن في السعودية ومعظم الدول العربية الى كليات العلوم الأدارية والمالية مشيرا الى ان لهذا التراجع في مكانة علم الاقتصاد في الجامعات السعودية أسباب منها عدم جدوى الطرق الحالية في تدريس مقررات علم الاقتصاد وقلة طلب القطاعات الاقتصادية لحملة تخصص الاقتصاد واعطاء الأولية لتخصص إدارة الأعمال وقلة الوعي لدى الطلبة بأهمية تخصص الاقتصاد وعدم بذل الجهد الكافي من أعضاء هيئة التدريس في جذب الطلاب لتخصص الاقتصاد. وقال انه لوحظ اقتصار تدريس الاقتصاد على النظريات التي أصبح موضوعها متقادم وعدم ربط هذه النظريات بأوجة الحياة العملية، والمشاكل الاقتصادية التي تواجه الأفراد والأسر والمجتمع ككل فعلى سبيل المثال لوحظ أن العلاقة ضعيفة جدا بين علم الاقتصاد وما يجري في سوق الأسهم ولم يتم تفسير انهيارات الأسواق المالية بالقدر الكافي، وأين الربط بين عالم لاقتصاد ومشكلة توطين الوظائف ولهذا اعطيت هذه المسألة الى وزير العمل بدل وزراء المالية والاقتصاد والتخطيط والصناعة والتجارة مع أن موضوع عمالة السعوديين موضوع اقتصادي بالدرجة الأولى أين علم الاقتصاد من أخطر مشكلة اقتصادية تواجه المجتمعات العربية وهي عدم عدالة توزيع الثروة بين المواطنين مما يؤدي الى التهميش وعدم الأستقرار الأجتماعي. وأين علم الاقتصاد من مسألة تراجع الكفاءة الاقتصادية وانخفاض الأنتاجية وتعثر المشروعات. وأين علم الاقتصاد من دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات وغيرها من المسائل في الحياة العملية التي لم يعالجها الاقتصاديون من أعضاء هيئة تدريس علم الاقتصاد في الجامعات السعودية. واكد د. خليل ان علم الاقتصاد تطبيقي ولا يجوز الاقتصار في تعليمه على النظريات الاقتصادية بل يجب أن ينزل الى الميدان ليعالج مشاكل المجتمع الاقتصادية، من إنخفاض الدخل وتراجع النمو ووازدياد البطالة والفقر وزيادة عدد السكان وارتفاع مهور الزواج وارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وايجاد حلول ناجعة لها متسائلاً أين تفسير علماء الاقتصاد في الجامعات السعودية لأنهيار سوق الأسهم السعودي عام 2006 وانهيار الأسواق المالية العالمية في العام 2008 حيث أفاق العالم في نهاية العام 2007 وبداية العام 2008 م على وقع الأزمة المالية العالمية وانهيار بنك ليمان برذرز في نيويورك وهو من أكبر البنوك في العالم وإنهيار أكبر شركة تأمين في الولايات المتحدة "آيه أي جي" وإنفجار فقاعة العقار في الولايات المتحدة نتيجة للرهن العقاري المبالغ فيه واستخدام البيع على المكشوف والمشتقات المالية وبيع الديون. وقال انه من واقع الحرص على إعادة الحياة والحيوية لعلم الاقتصاد في الجامعات السعودية وفي الاقتصاد السعودي يمكن التقدم ببعض المقترحات لتطوير مسيرة علم الاقتصاد في المملكة، ومنها ربط النظريات الاقتصادية بأوجه النشاط الاقتصادي والمشكلات الاقتصادية في المملكة، الأكثار من دراسة الحالة وضرب الأمثلة العملية التي تعطي لعلم الاقتصاد المصداقية في الحياة اليومية تقريب وتسهيل علم الاقتصاد لعقول الطلاب وتغيير طريقة تدريس علم الاقتصاد في الجامعات السعودية لكي لا يعتمد على الحفظ والتلقين بل أن ضرورة ادخال التحليل الاقتصادي وعدم الأكتفاء في الأختبارات بالأسئلة الموضوعية على شكل صح وخطأ والأختيار بين عدة بدائل والربط بين كلمات لأن هذه الطرق لا تزيد من فهم الطلبة لمقررات علم الاقتصاد وضرورة إستبدال هذه الأساليب التعليمية والأختبارات بأخرى تقوم على الشرح والتحليل وابراز الأسباب والنتائج والأثار على الاقتصاد الوطني أين تعليم اقتصاد المعرفة واقتصاد المعلومات والاقتصاد السياسي في الجامعات السعودية وأنا على يقين بأن معلومات معظم الطلبة عن الاقتصاد المبني على المعرفة واقتصاد المعلومات والاقتصاد السياسي تكاد تكون معدومة، مناشد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية إيلاء هذا الأمر المزيد من الأهتمام وعقد ندوات وحوارات وورش عمل، حول اقتصاد المعرفة واقتصاد المعلومات والاقتصاد السياسي لكي نزيد ثقافة المجتمع السعودي بالأتجاهات الحديثة في الاقتصاد. واختتم بانه آن الأوان لكي نعيد الحياة والحيوية لدور علم الاقتصاد في الجامعات السعودية وفي السياسة والصناعة والتجارة والزراعة والطاقة للتغلب على الصعوبات الاقتصادية التي نعاني منها جميعا.
مشاركة :