ذكر تقرير في صحيفة «صنداي تيلغراف» اليوم (الأحد)، أن بريطانيا على استعداد لدفع ما يصل إلى 40 بليون يورو (47.1 بليون دولار) للاتحاد الأوروبي لتسديد فاتورة انفصالها عن هذا التكتل. وهي المرة الأولى التي يقدم فيها الجانب البريطاني رقماً، ولو بشكل غير رسمي، لما يطلق عليها «فاتورة بريكزيت» على رغم أن المبلغ يقل كثيراً عن ذلك الذي يتم تداوله في بروكسيل وقيمته حوالى 100 بليون يورو. وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر حكومية لم تحددها، إن بريطانيا لن تدفع هذا المبلغ إلا إذا وافق الاتحاد الأوروبي على التفاوض حوله في إطار اتفاق يتعلق بمستقبل العلاقات بين الطرفين وخصوصاً التجارة. وتقول بروكسيل أنه يتعين إحراز تقدم في شأن فاتورة الانفصال وحقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ومسألة الحدود الإرلندية، قبل بدء المحادثات حول اتفاق للتجارة الحرة. وحذر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف «بريكزيت» ميشال بارنييه من أن المفاوضات التجارية، التي تأمل بريطانيا انطلاقها في تشرين الأول (أكتوبر)، ربما يتم إرجاؤها إلى كانون الأول (ديسمبر) بسبب مماطلة بريطانيا في مسألة الفاتورة، بحسب ما ذكره ديبلوماسيون الشهر الماضي. ويدرس المسؤولون البريطانيون اقتراحاً حول اتفاق انتقالي تواصل بموجبه بريطانيا دفع 10 بلايين يورو سنوياً للاتحاد الأوروبي لفترة تصل إلى ثلاث سنوات بعد انفصالها عن الاتحاد في آذار (مارس) 2019، بحسب الصحيفة. والأموال التي تدفع مقابل استمرار الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة ستكون «دفعة جزئية مسبقة» من الفاتورة النهائية. ورفضت حكومة رئيس الوزراء تيريزا ماي اليوم التعليق على «تكهنات» على رغم تأكيد مصدر لوكالة «فرانس برس»، أن بريطانيا «ستنفذ التزاماتها الدولية، لكن لن ندفع أكثر مما يتوجب علينا». ورفض بارنييه أن يحدد علناً مبلغاً لفاتورة الانفصال التي تتضمن حصة بريطانيا من مشاريع إنفاق أوروبية تم الاتفاق عليها، إضافة إلى تعويضات موظفين بين مصاريف أخرى. ولكنه قال إن «منهجية» تحديد المبلغ الذي يتعين على بريطانيا دفعه يجب مناقشتها خلال المرحلة الأولى من مفاوضات «بريكزيت» المتوقع أن تنتهي في تشرين الأول (أكتوبر)، قبل بدء المحادثات التجارية. وأكد عدد من كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن المبلغ يقدر بـ 100 بليون يورو. ورفض وزراء مسؤولون هذا الرقم ووصفوه بـ «السخيف». وقال مسؤولون بريطانيون في وقت سابق، إن المبلغ الإجمالي قد ينخفض بسبب أصول مشتركة يتعين على الاتحاد الأوروبي سدادها إلى بريطانيا. وقدر أحد هؤلاء المسؤولين المبلغ بـ 60 بليون يورو. وبعد الاستفتاء على «بريكزيت» العام الماضي، بدأت لندن في آذار (مارس) عملية تستمر سنتين لإنهاء عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وبدأت المحادثات الرسمية مع الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو)، ومن المتوقع استئناف المحادثات بين بارنييه والوزير البريطاني المكلف «بريكزيت» ديفيد ديفيس في 28 آب (أغسطس) في بروكسيل. ويتعين على القادة الأوروبيين خلال قمة في تشرين الأول اتخاذ قرار حول ما إذا تم إحراز «تقدم كاف» في المحادثات المبكرة، قبل الاتفاق على الانتقال إلى مفاوضات التجارة. وتسعى بريطانيا إلى التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة تستبدل عضويتها في السوق الأوروبية الموحدة التي تريد ماي مغادرتها لإنهاء حرية تنقل العمال إلى بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي كافة. من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس اليوم بلهجة مهادنة أن بلاده لن تطرح شرط استعادة جبل طارق على طاولة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتسعى إسبانيا الى استعادة جبل طارق الذي تنازلت عنه لبريطانيا العام 1713. وارتفعت حدة التوتر حول وضع «الصخرة»، وهي أرض تبلغ مساحتها 6,7 كيلومتر مربع حيث يعيش 32 ألف شخص، منذ موافقة الناخبين في بريطانيا في 23 حزيران (يونيو) 2016 على الخروج من الاتحاد الاوروبي. وصرح داستيس لصحيفة «اي بي سي» الإسبانية المحافظة أنه لا ينوي «تعريض المفاوضات للخطر» عبر طلب استرجاع جبل طارق لأنه سيكون من الصعب على لندن الموافقة عليه. وقال: «لا أنوي وضع شروط على اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لاستعادة السيادة على جبل طارق». وأضاف أن اقتراح إسبانيا حول سيادة الصخرة المشتركة بالإضافة إلى منح الجنسيتين لسكانها لا يزال على الطاولة. وفيما صوّت غالبية سكان جبل طارق على إبقاء أرضهم ضمن الإتحاد الأوروبي، اقترحت مدريد في حزيران (يونيو) 2016 «سيادة - بريطانية إسبانية» مشتركة لفترة زمنية محددة تؤدي إلى إعادة جبل طارق» إلى إسبانيا. لكن سلطات جبل طارق رفضت الفكرة التي نوقشت خلال المفاوضات بين مدريد ولندن العامين 2001 و2002 وسقطت عندما رفضها سكان جبل طارق في استفتاء شعبي أجري في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002. وأكد داستيس: «سنحاول اقناع سكان جبل طارق باستكشاف طريق آخر، وأن فكرة السيادة المشتركة مفيدة لهم أيضاً». وبين الخطوط التوجيهية التي أقرّتها دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في نيسان (أبريل) الماضي في إطار المفاوضات، تواجه لندن مادة تنصّ على أن أي اتفاق حول علاقة مستقبلية بين الاتحاد وبريطانيا لن ينطبق على جبل طارق، من دون التوصل إلى اتفاق بين مدريد ولندن. وحذرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في أوائل نيسان (أبريل) الماضي من أن لندن لن تتخلى «أبداً» عن سيادة جبل طارق من دون موافقة السكان.
مشاركة :