الانقلابيون يقتلون اليمنيين بالفقر والجوع والمرض

  • 8/7/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تناول تقرير لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، الأسباب الجذرية للفقر في اليمن، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية الثلاثية في الطاقة والسيولة وسعر الصرف التي تؤثر بشدة على وضع الفقر. ورغم التباين في أسباب الأزمات الاقتصادية الثلاث وفي درجة تأثير كل منها على الفقر، فإن العامل المشترك الذي يقف خلف الأزمات الثلاث هو شح تدفقات النقد الأجنبي لتعثر الصادرات ومحدودية دعم المانحين وانهيار الموازنة العامة للدولة. الأزمة الثلاثية مثلت أزمة الطاقة الصدمة الحادة الأولى التي واجهها الاقتصاد اليمني عام 2015؛ حيث انخفضت كمية مبيعات شركة توزيع المنتجات النفطية من الوقود بحوالي 65.2% عام 2015، بالتزامن مع انخفاض مبيعات غاز الطبخ 18.5%، مما أدى إلى شح عرض الوقود مغطياً نسبة صغيرة فقط من احتياجات السوق المحلي، مما أدى إلى اشتعال أسعار السلع والخدمات الأخرى وتعثرت الأنشطة الاقتصادية وتفاقمت الأزمات الإنسانية. ويعاني اليمن عجزاً مزمناً في إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية وانقطاع الكهرباء لساعات متتالية منذ 1994. وفي منتصف 2016، كان 90% من اليمنيين يفتقرون إلى الكهرباء وبلغ عرض الطاقة الكهربائية من الشبكة العامة بين 200 و250 ميجاوات فقط. تعليق تحويلات الفقراء علقت الموازنة العامة للدولة التحويلات النقدية للفئات الأشد حرماناً في المجتمع المسجلة في صندوق الرعاية الاجتماعية منذ بداية 2015، بسبب الوضع المالي الصعب، مما ترك حوالي 8 ملايين شخص دون إعانات وحماية اجتماعية حتى اليوم. وتقدر المتطلبات التمويلية اللازمة لتغطية برنامج التحويلات النقدية بحوالي 22.7 مليار ريال ربعياً أي حوالي 90.8 مليار ريال سنوياً (256 مليون دولار). ويتراوح مبلغ الإعانة النقدية بين 3000 و6000 ريال شهرياً ( 8.5 إلى 17 دولار)، وهذا أقل بكثير من قيمة خط الفقر المدقع الذي يستخدمه البنك الدولي المحدد بـ 1.9 دولار للفرد في اليوم. وأدى توقف برنامج التحويلات النقدية غير المشروطة إلى تضرر 1.5 مليون حالة من الفئات الأشد حرماناً في المجتمع، وبناءً على قائمة المستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية لعام 2013 ، فإن 11% معوقون، و4% أطفال أيتام، و24% نساء بدون عائل، و34% مسنون، و27% عاطلون عن العمل، وحسب الجنس، تمثل المرأة 45%، والذكور 55% من إجمالي الحالات المتأثرة. أزمة المرتبات شكلت فاتورة المرتبات والأجور للقطاعين المدني والعسكري -بدون المتقاعدين- 32.1% من إجمالي النفقات العامة للدولة، وما نسبته 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2010 و2014، وتبلغ نفقات الأجور والمرتبات حوالي 75 مليار ريال شهرياً، منها حوالي 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية، ويتسم الهرم الوظيفي في اليمن بتركز معظم الموظفين وهم من ذوي الدخول الدنيا في الأسفل، ويبلغ متوسط المرتب 60,111 ريالا للموظف شهرياً (169 دولارا) ليكون نصيب الفرد في أسرة الموظف 0.84 دولار يومياً، وهو أقل من خط الفقر الوطني والدولي ولا يكفي لتأمين الحد الأدنى من الحياة المعيشية الكريمة. ومع ذلك، عصفت أزمة السيولة بمرتبات موظفي الدولة منذ نهاية الربع الثالث من عام 2016، وتوقف دفع المرتبات لشهور عديدة رغم ضآلة المرتب أصلاً، وبصورة أكثر تحديداً، فقد تأثر 1.25 مليون موظف حكومي يعيلون بين 6.9 و8.4 ملايين نسمة. وهناك أثر غير مباشر لأزمة المرتبات يمتد إلى بقية الفئات المجتمعية من خلال تعثر المرافق والمؤسسات الاجتماعية والخدمية بما فيها التعليم والصحة والمياه نتيجة غياب الموظفين، إضافة إلى ظهور سلسلة مديونية في المجتمع حيث وجد أن أكثر من 80% من اليمنيين مدينون. وتوقفت النفقات في القطاعات الاجتماعية وتشغيل المرافق التعليمية والصحية ومرتبات العاملين فيها. وتعاني المنظومة الصحية من إنهاك شديد وأصبحت غير قادرة على توفير الرعاية الكافية للسكان، مما ساهم في تفشي الأمراض والأوبئة ومنها الكوليرا. تصاعد سعر الصرف في الآونة الأخيرة، شهد سعر الصرف تصاعداً ملحوظاً، ما ساهم بقوة في زيادة معدلات الفقر عبر تدهور العملة الوطنية بسبب ارتفاع سعر الصرف الرسمي للدولار، مما أدى إلى زيادة أسعار المستهلك للسلع الغذائية وغير الغذائية، بالإضافة إلى زيادة أسعار السلع الأساسية بسبب تعذر تمويل استيراد الوقود بسعر الصرف الرسمي منذ أغسطس 2015 والسكر منذ فبراير 2016. ويخطط المانحون 500 مليون دولار لتأمين استيراد القمح والأرز، ولتفادي التقلبات الكبيرة في سوق الصرف واستدامة الأثر الإيجابي لهذا الدعم لصالح الفقراء. ارتفاع التضخم يعد معدل تضخم أسعار المستهلك أحد أهم المؤشرات التي تؤثر على القيمة الحقيقية لدخل الأسر وقدرتها على الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية مثل الغذاء والكساء والتعليم والصحة والسكن والنقل، وبالتالي يؤثر بدرجة قوية على مستويات الفقر، واتجه معدل تضخم أسعار المستهلك في اليمن إلى التصاعد المستمر منذ عام 2008 حتى الآن، وكان أعلى من متوسط التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي العالم. وخلال عامي 2015 و2016 ارتفع معدل التضخم التراكمي للغذاء والمشروبات بحوالي 34.4% في 2016. ظاهرة الفقر في اليمن الفقر في اليمن ظاهرة مزمنة امتدت عبر الأجيال حيث بلغت نسبة السكان تحت خط الفقر الوطني 40.1% عام 1998، وارتفعت نسبة الفقر إلى حوالي 49% عام 2014، وهذا يعني أن واحدا من كل يمنيين تقريباً كان يعيش تحت خط الفقر الوطني الذي قدر بـ 50 دولاراً للفرد في الشهر. وتبين نتائج سيناريو محاكاة أولية نفذها خبراء البنك الدولي استناداً إلى بيانات مسح ميزانية الأسرة لعام 2014 أن نسبة الفقر صعدت بصورة ملحوظة وقدرت بـ 70.9% عام 2016. وقدرت نسبة الفقر بـ 75% عام 2016 بزيادة قدرها 4.1 نقاط مئوية عن سيناريو الأساس. وقدرت نسبة الفقر بـ 75.3% عام 2016 بزيادة قدرها 0.3 نقطة مئوية عن السيناريو الثاني. إستراتيجيات الفقراء تضطر الأسر الضعيفة إلى تبني أكثر من خيار للتأقلم مع تداعيات الأزمة الاقتصادية التي عمقت مستوى الفقر والحرمان الغذائي، وتشمل الإستراتيجيات ذات العلاقة باستهلاك الغذاء التي تلجأ إليها الأسر اليمنية، استهلاك أصناف غذائية أقل تفضيلاً وأرخص ثمناً، وتقليص حجم وعدد الوجبات، واستلاف الغذاء والاعتماد على مساعدة الأصدقاء أو الأقارب، وتقييد استهلاك البالغين لصالح الأطفال. واضطرت الأسر اليمنية لزيادة نسب اعتمادها على الإستراتيجيات السلبية للتأقلم مع تداعيات الأزمة الاقتصادية، وكان استهلاك الأغذية الأقل تفضيلاً هي إستراتيجية التكيف الأكثر شيوعا لدى الأسر اليمنية، بينما كان تقليص حجم الوجبة ثاني أكثر الإستراتيجيات استخداما من قبل الأسر، أما تقليص عدد الوجبات فكانت الإستراتيجية الأقل شيوعاً. وفيما يتعلق بالتأقلم مع سبل المعيشة، فإن 26.5% من الأسر خفضت الإنفاق على التعليم والصحة، وقام 2.1% بسحب الأولاد من المدرسة، في حين اضطر 16.5% إلى البيع من أثاث المنزل. ووجد أن أكثر من 50% من الأسر تشتري الغذاء بالائتمان، فضلاً عن استخدام الأسر لمدخراتها.

مشاركة :