كل الوطن- متابعات: وفق ترير لصحيفة المصريون الالكترونية ، ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل الإسرائيلية في تقرير لها في 15 يوليو أنه في أقل من أسبوع, وبعد سنوات من عزلتها والحصار الخانق عليها، أصبحت حركة حماس في وسائل الإعلام العربية، بطلا شعبيا يمطر صواريخ على تل أبيب وحيفا، ومفاعل ديمونا, بل وتفرض أيضا شروط وقف إطلاق النار الخاصة بها. اضافت الصحيفة خلافا لرأي بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين، حماس لا تبدو في حالة من الذعر أو على وشك الانهيار, بل على العكس من ذلك, معظم الناس الذين على اتصال مع حماس في هذه الأيام تحت الانطباع بأنها لا تريد وقف القتال, دون إنجاز كبير. واكدت الصحيفة مسألة أخرى لا تقل أهمية بالنسبة لحماس، ويجري تجاهلها من قبل صانعي القرار الإسرائيلي, هي الرأي العام الفلسطيني والعربي, الذي كان قبل بضعة أسابيع, يعتبر حماس منظمة ضعيفة وهشة، محاصرة بين الصخور الإسرائيلية والسندان المصرية, وفقدت الحركة تقريباً كامل دعم الجمهور في الضفة الغربية وقطاع غزة. ببساطة، لم يكن أحد في العالم العربي على استعداد للمراهنة على حماس, إلا أنها سرعان ما اكتسبت شعبية واسعة, وأصبحت بطلا شعبيا في عيون كثيرين. صحيفة معاريف بدورها قالت ، أن حركة حماس، خالفت توقعات الأجهزة الاستخباراتية التابعة للجيش الإسرائيلي، حيث أثبتت أن لديها القدرات العالية والنفس الطويل في المواجهة العسكرية. موضحة معاريف الصحيفة، في تقرير لها في 14 يوليو، أن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتي حماس، والجهاد الإسلامي، أثبتتا أن لديهما القدرة على إطلاق صواريخ بعيدة المدى إلى ما بعد حيفا في شمال إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين إسرائيليين قولهم إن الحرب الأخيرة على غزة, التي انطلقت في 7 يوليو, فشلت في تحقيق أهدافها, خاصة ما يتعلق بإضعاف قدرات حماس. وفي صحيفة هآرتس, اعتبر الكاتب حيمي شليف في مقال له في 15 يوليو أن فشل إسرائيل في الحرب الأخيرة على قطاع غزة أنقذ حماس وخلصها من أزمتها, وجعلها طرفا أساسيا في محادثات وقف إطلاق النار. وتابع الكاتب أن الحرب الأخيرة خلصت حماس أيضا من الأزمة, التي دُفعت إليها بعد الثورة في مصر والطرد من سوريا، مضيفا أنه حتى لو كانت الحركة حُطمت وهُشمت وتضررت قدرتها على القتال ضررا شديدا -كما يزعم متحدثو الجيش الإسرائيلي والحكومة- فإن القصف في غزة والخسائر الباهظة من أرواح الناس, رفعتها مرة أخرى إلى مركز المسرح الفلسطيني، بصفتها رافعة راية مقاومة المحتلين الصهاينة، وجعلتها أهلا لأن تكون طرفا محوريا في الاتصالات لوقف إطلاق النار. وتحت عنوان جرف صامد أم حائط مائل, اعتبر شمعون شيفر في مقال نشرته له صحيفة يديعوت أحرنوت في 15 يوليو أن السؤال الحقيقي هو هل حكومة بنيامين نتنياهو مستعدة لأن تعترف بالواقع وتقر بالهزيمة أمام حماس. ووصف الكاتب حملة الجرف الصامد, الني نفذتها إسرائيل ضد قطاع غزة, بأنها تحولت إلى الحائط المائل, مشيرا إلى أن الخطاب العلني في أن حماس أُضعفت وضُربت، لا قيمة له, لأن الحقيقة الصلبة هي أنها جعلت الإسرائيليين يستلقون على الأرض, بحثا عن مأوى من صواريخها. ويبدو أن إسرائيل ستبقى لفترة طويلة في صدمة جراء التطورات الجديدة والمفاجئة في التقنيات العسكرية والهندسية للمقاومة الفلسطينية, والتي تنوعت بين إطلاق طائرات بدون طيار، وقصف تل أبيب بصواريخ بعيدة المدى من طراز إم 75، وكذلك اختراق البث التليفزيوني الإسرائيلي. وكانت كتائب عز الدين القسام, الجناح العسكري لحركة حماس, أعلنت في 13 يوليو عن نجاحها في تسيير طائرات بدون طيار فوق وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب ومناطق أخرى بعمق دولة الاحتلال, ما سبب صدمة كبيرة لحكومة نتنياهو، بينما بدا مفاجأة سارة للجمهور الفلسطيني الواقع تحت العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، والاحتلال بالضفة الغربية. وبثت قناة الأقصى التابعة لحركة حماس شريطا مصورا أظهر عددا من الطائرات تحلق في مناطق متعددة داخل العمق الإسرائيلي، وبثت صورا التقطتها الطائرات المسيرة عن بعد، في تطور نوعي قرأه محللون عسكريون على أنه تأكيد على تغير معادلة المواجهة بين إسرائيل والمقاومة. وقالت كتائب القسام, في بيان لها, إن مهندسيها تمكنوا من تصنيع طائرات بدون طيار تحمل اسم أبابيل1، وإنها أنتجت منها ثلاثة نماذج هي طائرة A1A وهي ذات مهام استطلاعية، وطائرة A1B وهي ذات مهام هجومية-إلقاء، وطائرة A1C وهي ذات مهام هجومية-انتحارية. وأكدت الكتائب أن طائراتها قامت بثلاث طلعات شاركت في كل منها أكثر من طائرة، وأنها فقدت الاتصال بطائرتين في الطلعتين الثانية والثالثة. ونجحت إحدى تلك الطائرات في دخول الأجواء الإسرائيلية ثم عادت إلى غزة بسلام, وحصلت قناة الجزيرة على صور حصرية لبعض المشاهد التي صورتها. وتظهر الصور أراض زراعية وبعض المنشآت الاقتصادية في إسرائيل، وتحفظت كتائب القسام عن نشر باقي المقاطع, التي شملت مواقع حيوية رصدتها الطائرة. ولم يقف الأمر عند ما سبق, حيث أعلنت كتائب القسام أيضا أنها اخترقت في 14 يوليو إحدى شبكات الهواتف المحمولة الإسرائيلية، وكذلك القناة التليفزيونية الإسرائيلية العاشرة، وبثت عبرهما رسائل للشعب الإسرائيلي. وقالت الكتائب إنها بعثت خلال شبكة الهواتف لمئات آلاف الإسرائيليين رسائل نصية تحمل حكومتهم المسئولية عما هم فيه من رعب وهلع، بحسب نص الرسائل. ومن جانبها، أكدت القناة العاشرة الإسرائيلية تعرض بثها لاختراق من قبل حماس، وقد بثت كتائب القسام تسجيلا مصورا موجها للشعب الإسرائيلي عبر القناة، مفاده أن حكومة إسرائيل هي التي اختارت الدخول في هذه المعركة. وهددت القسام بمكوث الإسرائيليين في الملاجئ لوقت أطول إن لم تستجب حكومتهم لشروطها. ومما جاء في تسجيل القسام أبناءكم ليسوا أغلى من أبنائنا، حيث أكدت الكتائب أن الشهداء الذين يسقطون في العدوان الإسرائيلي على غزة, سيكونون وقودا لقصف كل مكان في إسرائيل. وبجانب ما سبق, فإن المقاومة أطلقت أيضا أكثر من 1200 صاروخ على مواقع داخل إسرائيل, ما أصاب الحياة فيها بالشلل التام, فيما سقط حوالي 191 شهيدا وأكثر من 1400 جريح في ثمانية أيام من عدوانها الوحشي على غزة. وبعد أن زلزلت مفاجآت المقاومة الفلسطينية الكيان الصهيوني من الداخل, سارعت حكومة نتنياهو صباح الأربعاء الموافق 15 يوليو للموافقة على اقتراح التهدئة, الذي قدمته مصر, فيما رفضته فصائل المقاومة, واعتبرته يخدم مصالح إسرائيل. ونصت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة, التي أعلنتها القاهرة مساء الثلاثاء الموافق 14 يوليو, على التزام إسرائيل بوقف جميع الأعمال العدائية ضد القطاع، مع التأكيد على عدم تنفيذ أي عمليات اجتياح بري. كما نصت المبادرة على أن تقوم كل الفصائل الفلسطينية في غزة بإيقاف جميع الأعمال العدائية فوق الأرض وتحتها انطلاقا من قطاع غزة باتجاه إسرائيل. وتضمنت أيضا فتح المعابر، وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية, في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية. وبصفة عامة, فإنه رغم الحصار الخانق المفروض على غزة والأزمة بين حماس والنظام المصري الحالي, كانت المقاومة مستعدة للمواجهة مع إسرائيل، ونجحت على الأقل في تحقيق عنصر المفاجأة وخلق قوة ردع, رغم الفارق الكبير بين قدراتها وترسانة الاحتلال.
مشاركة :