بنغازي/تونس – شدد الجيش الوطني الليبي حصاره على مدينة درنة أبرز معقل تاريخي للمتشددين وأكبر حاضنة لتنظيمات اسلامية متطرفة بينها أنصار الشريعة. وإلى جانب مجلس شورى مجاهدي درنة الذي يسيطر على المدينة والذي وفر ملاذات آمنة لقادة جماعات متطرفة مثل أبو عياض قائد أنصار الشريعة في تونس والمئات من المقاتلين التونسيين والمصريين والسودانيين والجزائريين(...)، تستوطن كتائب متطرفة أخرى المدينة كانت قد اختلفت في السابق في ما بينها وتقاتلت على مراكز النفوذ فيها. وشكلت درنة وفق مصادر ليبية قاعدة انطلاق لعمليات الجماعات المتطرفة إلى شرق وغرب ليبيا. إلا أن الحصار الذي فرضه الجيش الليبي قد يؤثر على السكان الواقعين تحت حراب المتشددين. وفي هذا السياق قال سكان من مدينة درنة في شرق ليبيا إنهم يواجهون نقصا حادا في إمدادات الغذاء والدواء بعدما شدد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الأسبوع الماضي حصاره المفروض منذ فترة طويلة على المدينة التي تعد معقلا تاريخيا للجماعات الاسلامية المتطرفة. ويشن الجيش الوطني الليبي حملة عسكرية ضد تحالف من إسلاميين متشددين ومعارضين سابقين يعرف باسم مجلس شورى مجاهدي درنة يسيطر على المدينة. وتحول الانتباه إلى المدينة الساحلية بعدما أعلن حفتر النصر في حملة استمرت ثلاث سنوات ضد تحالف مماثل في بنغازي على بعد 350 كيلومترا إلى الغرب. ويشن الجيش الوطني الليبي غارات جوية بين الحين والآخر على درنة وأسقطت إحدى طائراته المقاتلة في نهاية يوليو/تموز مما أدى إلى مقتل الطيار. وشددت القوات الليبية المسلحة حصارها على معقل المتطرفين بعد الواقعة. وقال أحد السكان "الوضع بالغ السوء. كل شيء متوقف. الإمدادات نفدت ولا شيء يدخل المدينة". وأضاف "هناك حصار كامل ولا إمكانية للدخول والخروج. يسمحون لك فقط بالمغادرة إذا كنت نازحا". وقال ساكن آخر إن معظم المخابز أغلقت أبوابها بسبب نقص الوقود وإن محطات التزود بالوقود مغلقة منذ ثمانية أشهر. وأضاف أن هناك نقصا حادا في الدواء غير أن بعض خزانات الأكسجين سلمت لمستشفى في درنة الاثنين. وعبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى ليبيا عن قلقه بشأن التقارير عن "النقص الشديد في الاحتياجات الأساسية بما في ذلك الإمدادات الطبية المنقذة للحياة" في حين دعت حكومة الوفاق الوطني التي تساندها الأمم المتحدة في طرابلس جميع الأطراف إلى تسهيل السبل لتوفير كل ما يحتاجه المواطنون. والجيش الوطني الليبي متحالف مع برلمان وحكومة مقرهما شرق ليبيا، فيما قطع المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج خطوة مهمة في لقاء باريس الأخير على طريق المصالحة لتسوية الأزمة السياسية. ولدرنة تاريخ طويل من التشدد، فقد احتلها مسلحو الدولة الإسلامية في أواخر 2014 لكن تمكن مجلس شورى مجاهدي درنة من طردهم منها لاحقا. ومنذ ذلك الحين شددت القوات الموالية للجيش الوطني الليبي حصارها للمدينة. بل إن الإمدادات الغذائية والطبية والمالية تعطلت أو صودرت قبل أحدث تشديد للحصار. ويقول الجيش الوطني الليبي إنه يضرب أيضا أهدافا حدد أنها على أطراف درنة منها مخازن للذخيرة، مضيفا أنه يستعد للمزيد من الضربات إذا فشلت جهود السلام مع الزعماء المحليين. وفي مايو/أيار كانت المدينة أيضا هدفا لضربات جوية مصرية. وقالت مصر إنها كانت ترد على هجوم استهدف مسيحيين على أراضيها، لكن الدولة الإسلامية أعلنت مسؤوليتها عن ذلك الهجوم. ويحظى حفتر وهو شخصية قوية ونافذة نجحت في كسب شعبية واسعة تعززت بعد نجاحه في دحر الإرهابيين من بنغازي، بدعم قوي من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ومن عدة دول عربية وغربية بينها روسيا والامارات. وكثيرا ما التقى مبعوثون غربيون بحفتر في الشهور الأخيرة ويقولون إنه يتعين أن يكون جزءا من أي حل للصراع الليبي.
مشاركة :