أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أمس، ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس الشريف، وعدم المساس به، محذراً من تبعات سلبية على المنطقة برمتها، في حال تغير هذا الوضع. وجدد العاهل الأردني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، في رام الله، التأكيد أن الأردن مستمر في حماية المقدسات في المدينة، من خلال العمل مع المجتمع الدولي وفي جميع المحافل، وفق بيان صادر عن الديوان الملكي. وتعد زيارة الملك عبدالله الثاني إلى رام الله هي الأولى منذ خمس سنوات للضفة الغربية المحتلة حيث وصلها بطائرة مروحية حطت في الساحة الرئيسة لمقر الرئاسة الفلسطينية وفي استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وعلقت في مهبط الطائرات صورة عملاقة لعباس والعاهل الأردني، وخلفهما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، كتب عليها «القدس تنتصر». دعم كامل وتأتي زيارة العاهل الأردني عقب الأحداث التي وقعت في المسجد الأقصى الشهر الماضي، إثر نصب إسرائيل بوابات لكشف المعادن وكاميرات مراقبة عند مداخله في القدس المحتلة. وشدد العاهل الأردني على دعم الأردن الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومساندتهم في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. وجرى خلال المباحثات التأكيد على أهمية العمل مع الإدارة الأميركية لتحريك عملية السلام وإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استناداً إلى حل الدولتين. ولفت الملك عبدالله إلى التزام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكداً أهمية تكثيف الجهود لإيجاد آفاق سياسية حقيقة للتقدم نحو حل الصراع. تقدير فلسطيني بدوره، أعرب عباس عن تقديره للجهود التي يبذلها الأردن، في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في مختلف المحافل الدولية. وأشاد بالدور الأساسي للمملكة في إعادة فتح المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف بشكل كامل، ونزع فتيل الأزمة الأخيرة، مؤكداً أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. ووصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، القمة الفلسطينية الأردنية بـ«الهامة». وقال إن زيارة العاهل الأردني تأتي استمراراً لسياسة التنسيق والتشاور المستمر بين عباس والملك عبدالله الثاني لمواجهة التحديات كافة في العديد من القضايا التي تهم البلدين على قاعدة العمل العربي المشترك، الذي تجسد في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في البحر الميت نهاية مارس الماضي. توقيت مهم وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في تصريحات صحافية إن زيارة العاهل الأردني تأتي في وقت غاية في الأهمية لإجراء تقييم مشترك لمشكلة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى في القدس ومحاولة تغيير الواقع القائم في المسجد. وذكر المالكي أنه «جرى تقييم التجربة والتحضير لمرحلة مقبلة نحن نتوقعها من قبل إسرائيل، ومن قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو». وذكر المالكي أنه تم الاتفاق على تشكيل خلية أزمة مشتركة «تتواصل في ما بينها لتقييم المرحلة الماضية والدروس والعبر وتقييم أي تحديات قد نواجهها في المسجد الأقصى». اقتحام الأقصى إلى ذلك، وفي خطوة استفزازية، اقتحم عشرات المستوطنين أمس باحات المسجد الأقصى وسط حراسة مشددة من قبل قوات الاحتلال . وأفاد شهود عيان فلسطينيون بأن المستوطنين الإسرائيليين اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة تحت حماية جنود الاحتلال. عبدالله الثاني يصفع إسرائيل بزيارته لرام الله فقط يرى محللون وسياسيون فلسطينيون أن زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للأراضي الفلسطينية في هذا الوقت بالذات، لها مدلولات كثيرة خاصة بعد حدثين مهمين وهما حادثة السفارة الإسرائيلية بعمّان، وإنجاز أهل القدس بالدفاع عن المسجد الأقصى، مشكلاً بزيارته صفعة للحكومة الإسرائيلية. وقال القيادي في حزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، إن الزيارة تأتي في مرحلة دقيقة وهامة من قبل العاهل الأردني إلى فلسطين ولقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، كونها تأتي بعد الإنجاز الذي تحقق في القدس المحتلة بفعل صمود الفلسطينيين ودفاعهم عن القدس والمسجد الأقصى واصطفاف كل الشعب معهم. وتكامل الحراك الأردني مع القيادة الفلسطينية بالإضافة للتحركات العربية التي مثلت الأردن نقطة محورية في هذه الاتصالات، كما إن الزيارة تؤكد أهمية العلاقات بين الأردن وفلسطين، وتؤكد أن القيادة الأردنية ترتبط بعلاقات وثيقة مع القيادة الفلسطينية. وأضاف:«نأمل من الزيارة أن تشكل حاجزا إضافيا ونوعيا لتكامل الجهد الفلسطيني والعربي والأردني من اجل ممارسة الضغط على الاحتلال بعدم العودة لاجراءته في القدس مرة أخرى والمسجد الأقصى، والضغط على الاحتلال في كافة المحافل الدولية لوقف عدوانها الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية المحتلة». رسالة وضحة من جهته، قال المحلل السياسي أكرم عطالله، إن زيارة العاهل الأردني لرام الله لها رسالة واضحة بعد الحرج الذي وضعتها فيه إسرائيل بعد حادثة السفارة والمس بالكرامة والهيبة الأردنية، لان ما فعلته إسرائيل غطرسة، في حين تبدي الأردن حسن النية، في الوقت الذي بالغت فيه إسرائيل بالمس في الأردن. وتابع:«قيام العاهل الأردني بزيارة رام الله من دون زيارة إسرائيل يشكل صفعة للسلطات الاحتلال، وسينتج عنه مزيد من التقارب الأردني الفلسطيني لصالح القضية الفلسطينية». أهمية كبرى وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي طلال عوكل، إن الزيارة تنطوي على أهمية كبرى،لأنها جاءت بعد حدثين مهمين، الأول هو مشكلة الجريمة الإسرائيلية في السفارة الإسرائيلية بعمّان وتعامل إسرائيل بشكل فوقي مع الأردن، مما أحدث توترا بين البلدين. أما الحادثة الثانية موضوع القدس المحتلة ومعركة الأقصى التي تعاون فيها الطرفان، وهناك شعور من الأردن أن هناك تجاهلا من أميركا وتواطؤا في قضية الأقصى، وإحساسها أن هذه المعركة ليست النهاية إنما البداية، لأن إسرائيل لن تسلم بالنتائج التي وقعت، وإنها ستواصل سياستها لفرض السيادة على المسجد الأقصى وإقفال ملف القدس.
مشاركة :